لم تكن الحملة الفيسبوكية الظالمة التي تعرض لها الوزير محمد ولد عبد الفتاح في الأسابيع الأخيرة سوى إهانة للناجحين والعصاميين، قبل أن تكون إساءة للوزير نفسه..
إن الرسالة التي أرادت تلك الحملة إيصالَها للمتلقي أن الاجتهاد والمثابرة والتفوق لا يصنعان مجدا، ولا يبلغَان بصاحبهما أعلى المراتب، بل لا بد في ذلك من رابطة بفلان أو فلانة.
أرادت تلك الحملة أن تهمس في أذن المتلقي أن كلَّ ما بناه المسؤول الحكومي وحازه بِكَدِّه وعرق جبينه قد ينقلب في وقت من الأوقات "مسمارَ جحا"، يُعَرِّضُه للابتزاز، ويُتَّهَمُ بسببه أنه إنما كَسَبَهُ من المال العام..
إنها لَرسالةٌ مُحْبِطَةٌ حقا، مخيِّبَة للآمال، لولا أن الواقعَ يكذِّبها..
أَيُّ التفسيرين أقرب للعقل والمنطق: أن يكون الوزير وصل إلى ما وصل إليه من نجاح بسبب علاقته بفلان أو فلانة، أو وصل إليه لأنه حاز أرفع الدرجات العلمية من أعرق الجامعات الفرنسية، حيث لا مكان لشهادات التزوير والمجاملة، بعد مسيرة علمية حافلة، بدأت بنيل الباكلوريا الرياضية (الشعبة المزدوجة) بتفوق، خَوَّلَهُ الحصول على منحة التعاون الفرنسي، واختتمت بالحصول على شهادة الدكتوراه في تكنولوجيا المعلومات؟
وقبل أن يتولى أَيَّ مسؤولية حكومية كان قد أنفق عشرَ سنوات في إدارة مكتبِ دراساتٍ حاز ثقة شِرْكة المحروقات الفرنسية "توتال"، فأسندت إليه مهمة إعداد برنامج لتحديد مواقع سياراتها وأفرادها..
من المؤكد أن من هَنَّأُوا الوزير بأول منصب حكومي تولاه (مدير سوماغاز) كانوا أَوّلَ من عرف زيف الادّعاءات التي ذَكرت أنه استفاد منزلين متجاورين خلال وزارته، لأن المهنئين زاروه وقابلوه حينها في أحدهما..
هل كان هذا الهجوم الظالم الذي تعرض له الوزير سببا في نشر فضائله، التي ربما طواها تواضعه ونفوره من الأضواء؟
إن كان ذلك وقع فهو مصداق قول الشاعر القديم:
وإذا أراد الله نشر فضيلة طُويت .. أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت .. ما كان يُعرف طيب عَرف العود