حضرت هذا المساء في قاعة المتحف الوطني قراءة في كتاب الأستاذ محمد محمود ودادي: محمد المختار ولد الحامد القائد السياسي والمجاهد. شارك في القراءة مجموعة من الأساتذة والمهتمين بالتاريخ الحديث للوطن. ثم جاءت المداخلات فعرض حضور كريم من إمارة إدوعيش قراءتهم للكتاب فأوردوا ملاحظات تلخصت في اقتصار الجزء الخاص من الكتاب بمعركة كَصر البركة على رواية الطرف الكنتي، وأوردوا روايتهم لسير المعركة ونتائجها وسياقها، ولاحظوا سكوت الكتاب عن معركة فرع الكتان التي عدوها فاصلة في الحروب القبلية على تكَانت، وكانت آخرها، ولا خلاف على انتصار إدوعيش فيها، إنما الخلاف حول هل شاكت كنته فيها؟ يقول الكتاب إن ولد الحامد رفض المشاركة فيها، وإنما فتح باب التطوع لمن أراد. وتقول رواية إدوعيش إنه شارك فيها...
هذه النقاشات، والروايات المتضاربة ظاهرة صحية. فمن الواجب تحرير القول والحرف حول تاريخنا المعاصر، ولا نعتبره حقل ألغام ينبغي تسييجه، ونصب لافتات التحذير حوله. نحن أمة لها تاريخ، كغيرها من الأمم، وينبغي عرض كل رواياته، دون أن ننخرط في صراعاته. لكن السكوت عنه بحجة عدم تأجيج الصراعات والخلافات القبلية حجة واهية أثبتت ندوة هذا المساء تهافتها، فقد خرج الجميع من القاعة إخوة يتجاذبون أطراف أحاديث الود والأخوة بعد أن أكد كل منهما أنه هزم الآخر شر هزيمة، وذكر بمناقب أجداده، شعرا ونثرا، وأشاد بجهادهم ضد الاستعمار...
ما هزم حقيقة هو التخويف من التاريخ حتى نظل ندور في حلقة 1903 و1960.