تدوينة على الفيسبوك ـ اسمحوا لي أن احكي لكم قصة قصيرة في اعتقادي أنها تلخص عمق العلاقات الإنسانية و الأجتماعية والثقافية بين الشعبين الموريتاني والسينغالي.. إنهما كغيرهما من الأسر المتجاورة يتوافقان احيانا ويخصتمان أحيانا أخرى، ولكن الجسد يبقى واحدا..
كنت ذات يوم من عام 2008 سفيرا في دكار. خرحت من مقر الإقامة اقود بنفسي سيارة للسفارة قاصدا مستشفى " لوبتال ابرنسِبال" في زيارة لأحد المرضى. وعندما وصلت غير بعيد من القصر الرئاسي في شارع روم أوقفني أحد عناصر الشرطة وأشار إلي بتوقيف السيارة على الرصيف الأيمن.. فورا توقفتُ .. جاء إلي وأدى التحية العسكرية بمهنية كبيرة، وقال: سيدي، اعطوني اوراق السيارة، لقد خالفتم قانون المرور.
قلت له: اوراق السيارة ليست عندي! قال: وتلكم إذن مخالفة أخرى، اعطوني من فضلكم رخسة السياقة. قلت والله ليست معي في الحال. قال وقد بدا عليه قدرا من الانزعاج: اعطيني مفاتيح السيارة! قلت له: ألا ترى أنها تحمل لوحة دبلوماسية؟ قال نعم، ولكنها بلا اوراق، وسائقها بلا اوراق، إنها قد تكون مسروقة!
و أمرني بصوت غليظ: اخرج من السيارة فورا واعطني المفاتيح..
قلت: سيدي أنا سفير موريتانيا.. اندهش و ازداد غضبا وقال: و ها انت تزيد المخالفات بجريمة انتحال صفة رسمية.. وبدأ يقترب لإخراجي من السيارة.. التفتُ إليه مبتسما وقلت له باللغة الولفية:
"سَمَ راك، بُل مَ دَفْ لول..مانْ سَ حَيدَره "!
اخي الكريم، لا تعاملني هكذا، إني حيدرتُك،، شريفُك!
وعندها، تغيرت ملامحه، وأشرق وجهه، وقال: "كوكُ نَك دمَل"! بمعني: إذن فلتذهب !
حاولتُ أن يعطيني إسمه لكنه أبى!
هكذا هو السينغال مع إخوته الموريتانيين،، أحكام وعادات وتقاليد وأعراف أقوى من القوانين والآليات الحديثة.