خاص ـ مراسلون
أدى التعديل الحكومي و الإجراء الرئاسي المفاجئ اليوم إلى تنحية أول وزير أول للنظام الحالي و الأمين العام لرئاسة الجمهورية لسنوات عديدة الدكتور مولاي ولد محمد الأغظف و هو آخر من بقي من ذلك الحلف الذي كان يقوده عمليا ، و ينظر له و ينصح بإبقائه المثقف و القيادي البعثي محمد يحظيه ولد ابريد الليل
و لم يبق من آثار ذلك الحلف بالحكومة غير الوزيرة فاطم فال بنت اصوينع ابنة البعثي حمادي ولد اصوينع التي تم الإبقاء عليها لاعتبارات شرائحية و ساعدها ما أبدت من مرونة في التجاوب مع تعليمات الوزير الأول المتحكم يحي ولد حدمين .
سقوط ولد محمد الأغظف اليوم جاء بعد معركة طويلة من الصراع مع حلف الوزير الأول يحي ولد حدمين و رئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم حيث تم إسقاط عديد الوزراء المحسوبين عليه من قبيل : " ولد جلفون ، و با عثمان و هندو بنت عينينه .... و آخرين "
كما تم صرف النظر قبل ذلك عن مرشح عسكري يشغل إدارة هامة لها طابع شبه مدني كان الفريق يقدمه بديلا عن الرئيس عزيز، تم تداول اسمه في بعض الأوساط خلال سنة 2015
و يبدو أن إسقاط ولد محمد الأغظف ليس ناجما فقط عن صراع بينه مع خصم ذكي يعرف كيف يوقع بمناوئيه كما يميل إلى ذلك أغلب قارئي المشهد
و لكن كاريزما الرجل الهادئة و البطيئة أحيانا لم تعد تصلح لمشهد تفاعلي تتغير ملامحه كل أسبوع ثلاث مرات ، و هو امتحان نجح فيه وفق تصحيح السلطان الحاكم " عزيز " و من يسمع رأيهم ، نجح فيه المهندس ولد حدمين الذي غير في يومين رأي الموالين من سكان المناطق الشرقية من مترددين غير عارفين لما يختارون إلى متحمسين مندفعين في المشهد
ما بين اجتماع الطينطان و مهرجان جكني استمد ولد حدمين ما كان ينقصه من قوة ..
و لم يعد ينقص النظام للتحكم في عواطف المدن الشرقية و أريافها إلا الدفع برجل " كوش "القوي سيناتور مقاطعة آمرج السابق و الوزير الهادئ ذي العمق الشعبي سيدنا عالي ولد محمد خونه
و الدفع أيضا إلى تقوية أجنحة لبراكنة من خلال تمكين الوزير ولد أوداعه منصبا أقوى و وزارة أكبر كخطوة أولى في دعم سياسيي لبراكنة ..
و لمزيد من كسب ولاء لعصابة تم تعيين وزير له من الأرضية و العمق ما يؤهله لأن يوافق في الجمع بين سكان كرو و باركيول و هما مدينتان لم يعد منصب سام بالرئاسة يكفي لطموحاتهم السياسية تعيينا و حظوظا في الصفقات و المغانم
كما تم تعيين ابن لعصابة أحمد ولد بوسيف ذو المكانة الاجتماعية الكبيرة و ستشهد الأيام و الأسابيع القادمة تعيينات واسعة في المناطق الشرقية و الجنوبية ذات البعد الشعبي
ما حصل اليوم يدل على أن الرئيس مستعد فقط أن يمنح ثقته لمن يندفع بشدة في برنامجه و ما يدعو له ، و لا يبدو أن النظام سيسمح في هذه الفترة بالإبقاء على مترددين أو متوازنين في الطرح لشغل مناصب هامة يمكن أن يمنحها لآخرين أكثر حماسا و أقوى اندفاعا
التخلي عن الهادئين كما يحلو للبعض أن يصفهم أو المترددين كما يحلو لآخرين وصفهم ، يصاحبه الآن التخلي عن التنظير و المنظرين خاصة من أصحاب الإيديلوجيات
و قد عبر الرئيس ولد عبد العزيز عن ذلك بشكل صريح في مؤتمره الصحفي حينما انتقد ركوب أصحاب الإيدلوجيات على ظهر الجيش و الحكم باسمه و هو ما قال إنهم يرفضونه
إن الرئيس في هذه لا يعني إلا ولد ابريد الليل ... رغم ما ساهم به من آراء جسدت نواة البناء خلال المأمورية الأولى ـ الحالة المدنية ، بناء مدن ذات بعد استيراتيجي و القضاء على الأحياء العشوائية .. و غير ذلك
و الواضح أن الرئيس عزيز يرى أن مشهد اليوم لم يعد يحتمل تلك النظريات الطويلة التي تحتاج وقتا و صبرا و تأنيا ... و لكن يحتاج حماسا و اندفاعا و قطعا للمراحل كي يتغلب صوت مغيري الدستور على المتمسكيين به ، و يطغى زخم المنادين بالمأمورية الثالثة على المكتفين بمأموريين
الأمر اليوم بالنسبة للرئيس يحتاج ولاء أكثر من ولائه لنفسه ....
أما العقبة فهي فيما يُعِدُّ له معارضو النظام من خطط للمواجهة و تضحيات ستغذي المشهد الوطني و تجعل الموريتانيين يمرون بمرحلة خاصة و ربما استثنائية.....