في مرة من المرات سألني أحد الشباب الأذكياء ،قائلا : إذا سألتك عن أهم ما تعلم الشيخ سيديا الكبير رحمه الله في حضرة أشياخه ،بماذا تجيب ؟
قلت له : في نظري – المتواضع - أهم ما تعلم الشيخ سيديا في أزواد يمكن تلخيصه في معالم رئيسية ثلاث، يجوز التعبير عنها بلغة اليوم على النحو التالي:
1- التربية العميقة ذات النفس الحركي
2- التكوين القيادي مع أجندة إصلاحية واقعية
3- الوعي السياسي والاستراتيجي الثاقب.(انتهى الحوار)
واعتبر الأستاذ الكبير محمد يحظيه ولد أبريد الليل من المثقفين القلائل في هذه البلاد الذين يحسنون قراءة سيرة الشيخ سيديا الكبير ويفهمون بعمق مفردات مشروعه الذي لم يجد الفرصة الكافية في التعبير عن نفسه بشكل سافر يدركه البسطاء .
أنظر مثلا هذه الفقرة من المقال الماتع الذي نشره الأستاذ محمد يحظيه مؤخرا:
((حقا ، إن رجالنا العظماء كانوا يتمنون وجود الدولة بكل إلحاح وغيابها يحزنهم . أحد رجالنا القلائل الذي يمكن تسميته بدون تردد ، بالعالِم ، الشيخ سيديا زينة زمانه كان كأنه يبكي من انعدام الدولة . سأكون منزعجا إذا ظننتم أن الشيخ سيديا مجرد شيخ محظرة أو مجرد رئيس أخوية صوفية . الشيخ سيديا بمعرفته ووعيه السياسي والتاريخي كان من جِبِلةِ مؤسسي الإمبراطوريات ، ولكنه سقط في وسط مجتمع قد وصل من قبله إلى مرحلة متقدمة من الانحطاط والتيه وكان عمرُه – لم ينه دراساته إلا في سن 58 – وزهده وشعوره بالفخر يمنعانه من إلحاح لن يكون مجديا... .الشيخ سيديا كان ، علاوة على ذلك ، أبا ورائدا لمقاومتنا الوطنية . ليس هذا محل قول (كيف) . يجب أن نعرف تاريخنا .))
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح ،لماذا ولد أبريد الليل وحده هو من يدندن حول هذه المعاني المحلقة في سيرة ومشروع الشيخ سيديا الكبير رحمه الله ،اعتقد أن خلفية ولد أبريد الليل الحركية وتجربته القيادية وعمقه السياسي والاستراتيجي المشهود بالإضافة إلى انفتاحه على التراث المحلي دون عقد مع إدمانه التأمل في الفضاءات المفتوحة تشكل الإطار المفسر لهذه الإشراقات حول مشروع الشيخ سيديا .