فِي مُوجبٍ جَرَّه حديث عن تشاؤم الناس ببعض الألوان، وتجنب ذكرها في السفر إلا بـ "أكْلَامْ أطْرِيكْ" حدَّثني الأستاذ الظريف محمد ولد أعمر ولد أحْوِيرِيَّه حفظه الله - مساء يومٍ من عامٍ أحسبه عام ٢٠٠١ ونحن في سفر إلى بتلميت - أنه عَقَلَ على نساء أولاد أمْحْمَّدْ (لَعْلَبْ - أترارزه) يحرصن -كل يوم عيد أضحى - على أن يأخذن شَارَةً من قماش أحمر (شَرْوِيطَ حَمْرَ) ويعلقنها في طُنُبِ خِيَّمِهِن، وكان يتعجب من هذا التقليد، وحين يسأل عنه يقلن له: "هَذَا شِ مَعْلُومْ فتْرَارْزَه إِعَدْلُوهْ"..
ولاحقا فَسَّرَ له عمه الوالد الثَّبْتُ محمد ولد أحمد سالم ولد أحْوِيرِيَّه رحمه الله تعالى هذا التقليد بأنه راجع إلى أن الأمير التروزي أعْـلِ شَنْظُورَ ولد هَدِّ ولد أحمد بن دمان وهو عائد من عند سلطان المغرب مولاي اسماعيل بالجيش الذي أمده به لدفع بني عمه لبراكنة عن قومه أترارزة بعث طليعة (شَوْفْ) تستطلع له أماكن تجمع "فَرْكَانْ" أترارزه ومضاربهم ليتجنب الإغارة عليهم ويميزهم عن بني عمهم لبراكنة، فرجعو إليه بأن المضارب متداخلة، فَوَجَّهَ سرا مبعوثين يطوفون خِيَّم أترارزة (وكان جل من فيها النساء ذلك الوقت) يُسِرُّون إليهن بتعليق شارة حمراء في الطُّنُبِ فجر يوم محدد (يوم الإغارة المحدد من طرفه) ليُمَيِّزَ عناصرُ جيشه بيوتات أترارزه عن غيرها فيتجنبوها..
نحجت خطة الأمير، وانتصر، وتحرر قومه، وارتبط اللون الأحمر لدى أترارزه بالتحرر والنصر، فكانوا يعلقون شارات حمراء في خِيَّمِهِم يوما معينا من السنة تَيَمُّنًا وتفاؤلا..
تذكرتُ القصة في جو الحديث عن تشاؤم الموريتانيين في بعض المناطق باللون الأحمر، فهي تستدرك أن ذلك ليس على إطلاقه، فمن الموريتانيين من يتفاءل بالأحمر في مناطق أخرى..
كان رجوع الأمير أعْلِ شَنْظُورَ من عند سلطان المغرب مولاي اسماعيل في حدود سنة ١٧٢٠، وكانت راية سلاطين المغرب من ١٦٦٦ إلى ١٩١٥ راية حمراء، وفي سنة ١٩١٥ أضيفت لها النجمة الخضراء الخماسية المعبرة عن خاتم سليمان، تمييزا لها عن بعض الرايات الأخرى، وخاصة تلك المستخدمة في الإشارات البحرية كما جاء في الظهير القانوني القاضي بذلك، ويمكن أن يفسر هذا اختيار الأمير أعْـلِ شَنْظُورَ اللون الأحمر..