عناية الله وتهيئته للأسباب هي الوحيدة الكفيلة بتوفيق العبد في تطلعاته مهما كبرت أو صغرت.. وهمة العبد وتوجهه وثقته بربه هي السبيل الوحيد لجعل العناية تدركه.
حين كان الرئيس محمد ولد عبد العزيز يؤسس لموريتانيا تساير:
محيطَها الجهوي بجهود التنمية والاستقرار؛
ومحيطَها القاري بتطلعه لإفريقيا حرة مستقلة، لها زمام المبادرة والقرار، ومحيطها العربي بمشروعه الوحدوي التكاملي، وتشوفه إلى استعادة دوره الريادي الحضاري، وحل مشكلته الكبرى.. مشكلة العالم المتحرر: فلسطين السليبة؛
ومحيطها الإسلامي الجامع تحسس آلامه ومآسيه المتمثلة في الجهل والتخلف والفقر ومعضلته الكبرى التشرذم..
لم يجعل نصب عينيه حينذاك سوى عناية الله، ونية صادقة تؤمن بالوطن والشعب وتعول عليهما..
توجه كهذا يحتاج لشخصية تتجسد فيها مميزات مهمة: الإيمان بالحرية المطلقة، والاستقلال التام مع احترام الآخرين، والدراسة والتفكير العميق قبل اتخاذ القرار، وأخذ المبادرة في الوقت المناسب، والواقعية عند اتخاذ القرار.
ولسلامة التوجه؛ رسم فخامته خطة استعجالية تتمثل في:
(1) مشاريع البنية التحتية (للإيصال والتوصيل) لجميع المواطنين أينما كانوا؛
(2) مشروع أمل لتخفيف أعباء الحياة عن ذوى الدخل الضعيف أو المعدوم أساسا، وشقه الثاني المتعلق بالجفاف والثروة الحيوانية..
مكنت هذه الخطة من إنجاز مشاريع أساسية، منها على سبيل المثال:
-مطار انواكشوط الدولي (أم التونسي)؛
-طريق تجكجه - أطار؛
-طريق كيفه – كنكوصه؛
-روصو - بوكى؛
-كيهيدي – سيلبابي؛
-تكند المذرذره؛
-تطوير وتوسعة وإنارة شبكة شوارع العاصمة انواكشوط؛
-مراجعة اتفاقية الصيد؛
-الشركة الوطنية لتسويق الأسماك في الداخل؛
-الإصلاح الزراعي وتشجيع المزارعين؛
-بحيرة وسد انجاكو الذي يعتبر ثورة زراعية على مستوى المنطقة؛
-مشاريع المياه الكبرى فى الظهر والعصابة ولبراكنه وغيرها؛
-إعادة الخطوط الجوية الموريتانية للأجواء الإفريقية؛
- إحياء مشروع الحزام الأخضر لدول الساحل واتخاذ انواطشوط مقرا له؛
- تأسيس مدينة الشامي وأخواتها لتجميع المواطنين وتوصيل الخدمات إليهم؛
- المشاريع الكبرى في ولاية انواذيبو وبلدية بلنوار؛
- جامعة انواكشوط العصرية؛
- كلية الطب؛
- جامعة لعيون الإسلامية؛
- مدارس المهندسين في ألاك وأكجوجت؛
- شبكة مدارس التمريض والمعلمين فى كيهيدي وسيلبابي ولعيون؛
- مدارس الامتياز؛
لا نريد إحصاء أو حصر المشاريع الوطنية بقدر ما نريد تبيين أهمية هذه المشاريع للواقع اليومي للمواطن.
رغم الأزمة الاقتصادية العالمية، وتراجع أسعار خام الحديد؛ لم تتأثر خطة التنمية الوطنية ولم تتوقف المشاريع، رغم تكلفتها الباهظة، ولم يتأثر الاقتصاد، وبقيت العملة على مستوى قيمتها المطلوب، وكذلك الناتج المحلي.
إن توطين المشاريع - إن صح التعبير - بجعل تمويلها من الميزانية الوطنية وليس التعاون الدولي؛ مكن الدولة من الإحساس والشعور بالاستقلال المالي وبالتالي الابتعاد عن الضغوط والمماطلة الخارجية, كما ساعد في مكافحة الفساد والرشوة, ذلك أن الميزانية كانت ميزانية تسيير وليست ميزانية استثمار؛ الشيء الذي جعلها عرضة للتلاعب وصعوبة المراقبة.
وقد تزامنت هذه المشاريع على المستوى الوطني؛ مع الجهود الكبيرة التي بذلها فخامته في المساهمة في حل الكثير من الإشكالات على مستوى القارة؛ مما جعل قادتها يختارونه لقيادتها في وقت تشتعل فيه ليبيا ووسط إفريقيا وبوركينافاسو وغينيا وشمال مالي والأزمة المصرية وغير هذا..
فكان لحكمته وحنكته ورؤيته الإستراتيجية - لجعل إفريقيا باتحادها تحل مشاكلها عن طريق الآليات الإفريقية المنصوص عليها في قانون الاتحاد - الدورَ الحاسم في السيطرة والتغلب إفريقيا على كل هذه الأحداث .
إن الأمر يحدث للأمر: كان للدور المتميز الذي لعبه فخامته في الاتحاد الإفريقي من الصدى ما جعل الإخوة العرب يختارونه لرئاسة الجامعة العربية في دورتها السابعة والعشرين.
إن مسيرة السبع سنوات من قيادة الرئيس محمد ولد عبد العزيز ورؤيته للبلد وتطلعاته؛ أهلت موريتانيا - بعد أن كانت مستسلمة نائمة - للعب دورها المميز الذي يخوله لها موقعها الجغرافي وانتماؤها الإفريقي والعربي والإسلامي.
نعم، إن السياسة تبدأ من الجغرافيا حسب المقولة المشهورة...
محمد عبد الله ولد الشيخ أحمد