كنت في صغري أضحك بعفوية عندما تناديني ابنة خالتي ب "آمدو" الفلاني الصغير، حينها لم أكن أعرف إلى ماذا تستندق قولها ذاك، ناسيا قصة جدتي من أبي "البمبارية" التي جار عليها الزمن فأخرجها من بين أهلها، ليحولها بعد ذلك إلى امرأة أخرى تتحدث لهجة غير لغتها، وترتدي ثيابا غير ثيابها، إنه تحول الهوية القسري..
مضت السنون، وآمنة مازالت تناديني آمدو، وكبرت وخالطت الكثير من البشر، وأصبحت أقص شعري جدا، لكن الشك في هويتي لم يتغير، حتى أنا شخصيا بت أشك في كوني فلانيا فحبي لأغنية سودو بابا التي تبثها التلفزة الموريتانية، رغم أنني لا أفهم كلمتها جعلني أفكر مليا إذا ما كنت أحمل بعض جيناتهم، الأمر ليس غريبا في مجتمع مختلط.
في عام ٢٠١٣ جئت إلى إذاعة موريتانيد، بعد أيام من جيئي بدأ الشباب هناك يتحدثون عن هذا الفلاني الجديد، إلى أن امتلكت إحداهن الشجاعة وسألتني، هل انت فلاني؟ كان ليكون الشرف لكنني لست كذلك.
لقد هربت من قصة الشعر، لكي تكون لي هوية واحدة، والآن جاءتني قضية الصوت، لكن كيف يشبه صوتي أصواتهم إنهم لأمر غريب!!
العام ٢٠١٦ في قناة الوطنية، أدخل على بعض الزملاء تنطلق الضحكات، مالذي يضحككم؟ هذه الفتاة الجديدة التي لا تعرفك، شاهدتك مرة وسمعت صوتك، وأثنت على صوت فلاني معنا، فلما سألناها عمن هو لعلمنا بعدم وجود فلاني في قطاع العربية، أشارت إليك وانت تدخل..
إنه التاريخ يعيد نفسه بكل تجلياته..
أجابتها صديقتي، هذا ليس فلاني هو ليس سوى بيظاني..
تلك هوية أخرى تزيد الأمر تعقيدا، فهويتي ماتزال ضائعة، البعض الآخر يقول إنني حرطاني..
أما صديقي الطريف جدا، من شريحة لمعلمين، فيعرفني قائلا:
أنت من صنف غير محدد، لا قدر الله ووقت مشكلة بين الشرائح أنت أول من سيقتل، لا أحد يعرف صفك، أنت من كل الصفوف..
تعريف مجنون لكنه جميل، لقد ساعدني على معرفة هويتي، أنا صنف يجمع بين كافة الشرائح، أنا عصير كوكتيل هذه الشرائح، أنا موريتاني أنتسب للجميع وأنتمي للجميع.
أنا موريتاني