قال الدكتور محمدو ولد محمدن ولد أمين أستاذ التاريخ بجامعة انواكشوط إن الصورة المشرقة للشناقطة التي رسمها أسلافُهم الأوائلُ بدأت تهتز!
وأضاف ولد أمين في محاضرة ألقاها بالمركز الثقافي المغربي عن "التواصل المغاربي المشرقي من خلال رحلة الحج الشنقيطية": إن كلمة "الشنقيطي" التي كانت تحيل إلى سعة العلم والحفظ والإعراض عن الدنيا أصبحت تحيل إلى الاحتيال والخداع والتهريب!
وكان المحاضر قد ذكر في بداية محاضرته أن رحلة الحج - التي انتظمت منذ منتصف القرن التاسع عشر - لعبت الدور الأساس في هذا التواصل.
وفضلا عن تأدية فريضة الحج، فقد كان من أهداف الرحلة إلى المشرق أيضا البحث عن الإجازات والأسانيد والمتون والكتب.
وبحسب المحاضر دائما، لم يقتصر دور الشناقطة في هذا التواصل على التأثر والأخذ فقط، بل كان لهم أيضا تأثيرهم وعطاؤهم، حيث انفرد ابن التلاميد التركزي باللغة والأنساب في المشرق، وأُسْنِدَ إليه الدرس اللغوي في الجامع الأزهر، وعرف المشارقة الفقيه محمد يحيى الولاتي مدرسا ومفتيا، وأسس ابن فال الخير مدرسة النجاة الشهيرة، التي كان لها أكبر الأثر في النهضة العلمية في العراق والكويت.
وكان منهم من تولى مناصب الإفتاء والقضاء مثل الشيخ محمد الخضر بن مايابى الذي تولى منصب مفتي المالكية بالمدينة المنورة، ومنصب قاضي القضاة بِعَمَّان (الأردن).
وكان للشيخ آب ولد اخطور أكبر الأثر في النهضة العلمية الحديثة بالمملكة العربية السعودية، حتى قال عنه الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي المملكة آنذاك: جزى الله عنا الشيخ محمد الأمين خيرا على بيانه هذا، فالجاهل عرف العقيدة والعالم عرف الطريقة والأسلوب.
وقال عنه تلميذه عطية محمد سالم: مات رحمه الله تعالى بعد أن أحيا علوماً درست، وخلف تراثاً باقياً، وربى أفواجاً متلاحقة تعد بالآلاف من خريجي كليات ومعاهد الإدارة العامة بالرياض والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وما مات إلا بعد أن أصبح له في كل دائرة من دوائر الحكومة في أنحاء البلاد ابناً من أبنائه، وفي كل قطر إسلامي بعثة من البعثات الإسلامية لمنح الجامعة الإسلامية التعليمية بالمدينة المنورة.