مع ارتفاع نبرة تأكيد شائعة وجود الذهب الخالص في صحاري الشمال الموريتاني، وتدفق آلاف المواطنين الحالمين بالثراء السريع إلى المنطقة، حدثت تحولات وفرص اقتصادية سريعة على مستوى السوق التجاري في نواكشوط، بعد فترة ركود وأزمة سيولة، كادت تفجر غضب شارعٍ أثقلته ويلات غلاء الأسعار وسنون النهب الممنهج، حتى شكك البعض وتساءل البعض الآخر، حول أسباب تسرب الشائعة في هذا الوقت بالتحديد، ومن المستفيد في ظل إفلاس عشرات المشاريع الحكومية، وتدهور عملاق ركيزة اقتصاد البلاد (اسنيم) .
وضعية بدأ الكل يحاول جني ثمارها من جهته، حتى الدولة لم تبخل أن تستفيد نصيب الأسد، من خلال القيود والشروط والجمركة المصاحبة لسلم الترخيص، ما أنتج غلاء كبيرا في أسعار الوسائل اللوجستية المطلوبة لرحلة التنقيب المجازفة، لتصبح لاحقا حكرا على الأثرياء والأثرياء فقط، دون أن يكون لـ"لدولة الاقتصاد" أي معنى، وهي التي تُنافس داخل سوق تفترسه المضاربات التجارية، وتتحكم فيه الشهية الملهفة لرجال الأعمال، دون وجود أي عين رقيب، قد تسهم في تنظيم سوقٍ، هو أصلا حكر على مجموعة قليلة، توجه بوصلته وقت ما تشاء، هي من تستورد أجهزة الكشف، وتعود لها ملكية السيارات المؤجرة، وهي من تتحكم في جميع محطات الطريق إلى الحلم المجهول .
وبحسب المصادر الرسمية فإن طلبات الراغبين في الحصول على الترخيص قد وصلت إلى 16 ألف طلب، وهو ما يعني أن الخزينة العمومية ستحصل على 6.4 مليار أوقية من الترخيص والجمركة، وذلك ما يعادل تقريبا المبلغ الذي وعد به السعوديون لدعم تنظيم القمّة العربية .
وبعملية حسابية بسيطة فإن 16000 جهاز ستكلف ما بين 20.8 و 24 مليار أوقية، نسبة كبيرة منها ستذهب إلي مصنعي الأجهزة، في وقت ستحصل الخزينة العامة للدولة على 6.3 مليار أوقية، 4.8 مليار منها رسوم جمركية، و1.5 مليار رسوم إصدار الرخص .
مواصلة الارتفاع الكبير لأسعار الوسائل المطلوبة لرحلة التنقيب، وثقل الضرائب الحكومية المفروضة عليها، وارتفاع مؤشر الجشع بين التجار، أمر لا محالة سينعكس سلبا على آلاف المواطنين، في سبيل استفادتهم من الرحلة، التي باتت تتطلب في أحسن الحالات أكثر من 2 مليون أوقية، ما ستكون له - لا شك - نتائج سلبية على السوق الاقتصادي للبلد .
بقلم : عبد الله الخليل