في بلادي؛ نستسهل القول بدون علم؛ ونتهم الخصوم أبشع اتهام؛ ببساطة شربنا لكأس ماء قادمة من الثلاجة في يوم حار..
يستوي في هذا العيب سياسيونا، ومثقفونا؛ وشعراؤنا، وعاميتنا؛ وهذا الصنف الأخير هو المسيطر للأسف على توجيه الرأي العام.
اليوم طالعت منشورا مكذوبا منسوبا إلى شيخ الإسلام ابن تيمية؛ يتنقص من قدر الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
المقولة منشورة من طرف شاب متصوف طيب؛ نشرها في إطار ما يراه "دفاعا عن الحقيقة والعقيدة"؛ ولم يعلم أن ابن تيمية مات قبل أن يولد مرجعيته الأكبر في المشرب.
المقولة عند التحقيق ملفقة من مآخذ لاحظها ابن حجر عند ترجمته لابن تيمية؛ وأسيء استخدامها بطريقة فجة؛ غير بعيدة من أسلوب "ويل للمصلين"..
ولو كان ابن تيمية قالها؛ لطرحت كتبه؛ وهجره العامة قبل العلماء؛ والواقع عكس ذلك فكتبه تملأ المكتبات؛ وما زال الناس ينهلون من علمه؛ ولنا في شيخنا بداه ابن البوصيري رحمه الله أسوة حسنة حيث يقول:
تقي الدين أحمد لا يبارى .. بصحراء العلوم ولا يجارى
برئت إلى المهيمن من سماعي.. أحاديثا يعاب بها جهارا
.. غير بعيد من ذلك تلقف شاب سلفي طيب هو الآخر تقنية الفوتوشوب؛ ونسب إلى "مخلوقة الله" مكفولة بنت إبراهيم ما لم تقله؛ حول الأحاديث وعصمة النبي صلى الله عليه وسلم..
وتلقفت مواقع اللصق والنسخ صور المنشورات المختلقة لتصدر حكما نهائيا بكفر المسكينة مكفولة؛ دون تثبت ودون أبسط احترام لمنهج الإسلام في التفسيق والتبديع والتكفير.
التكفير عملية على مستويين:
المستوى الأول: يتعلق بالمقولة؛ يمكن أن نقول إن المقولة كذا مخرجة من الملة؛ بعد أن نلتمس المخارج مهما كانت درجة هشاشتها؛ وهذا للعلماء ومن على شاكلتهم.
المستوى الثاني: يتعلق بإسقاط التكفير على الشخص؛ وهو صلاحية القاضي والسلطة..
ومن ثم نعرف أن العوام لا دخل لهم في الموضوع.
ختاما: ما ربح الإسلام في أن يكون ابن تيمية مسيئا لعلي بن أبي طالب؛ أو أن تكون مكفولة كافرة..
أغاية الدين أن تكفروا غيركم جزافا.. يا أمة ضحكت من جهلها الأمم؟
من صفحة الصحفي محمد ناجي أحمدو على الفيس بوك