موريتانيا (CNN - العربية )-- كان السيد"محفوظ ولد الوالد" أو المعروف أبو حفص الموريتاني، الرجل الثالث في تنظيم القاعدةو المفتي السابق ، فقد عُيّن مفتيًا لهذا التنظيم ورئيسًا لهيئته الشرعية، غير أن الدخول الامريكي لأفغانستان غيّر الكثير في علاقة هذا الرجل بالتنظيم الذي أسسه أسامة بن لادن، إذ انتقل من هناك إلى موريتانيا، حيث يعيش حاليًا كـ"أي مواطن موريتاني".
فقيه وشاعر موريتاني ولد سنة 1975 في ولاية "الترارزة"، التحق بدولة أفغانستان استجابة لـ"نداء الجهاد" كما يقول، وكان مقربًا من زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. بعد الدخول الامريكي لأفغانستان عقب هجمات 11 سبتمبر، هرب أبو حفص من هذه البلاد نحو إيران، وهناك وضعته السلطات تحت الإقامة الجبرية قرابة عقد من الزمن، قبل أن تسلمه شهر أبريل/نيسان 2012، إيران إلى حكومة بلده التي احتجزته لثلاثة أشهر، ثم أفرجت عنه.
في هذا الحوار الحصري مع CNN بالعربية، يقول محفوظ ولد الوالد، إن ما يصفه بـ"إرهاب الدول الكبرى هو ما يقود إلى إرهاب الجماعات الصغرى،" كما ينفي أن تكون موريتانيا قد دعمت ماليا تنظيم القاعدة، متحدثًا كذلك عن حقيقة الوصية التي تركها له بن لادن.
في يوم 2 مايو 2011 نفذ الجيش الأمريكي عملية خاصة استغرقت 40 دقيقة، تم خلالها قتل زعيم تنظيم القاعدة، حسب ما أعلن عنه البيت الأبيض حينها، هل كانت الرواية الرسمية للحكومة الأمريكية في اغتيال زعيم القاعدة صادقة؟
بسم الله الرحمن الرحيم. خبر مقتل الشيخ أسامة رحمة الله عليه على يد قوة أمريكية خاصة صحيح من حيث الجملة..
أما التفاصيل التي تحدث عنها الأمريكيون، والطريقة التي تمت بها العملية، وما ذكروه من نقل جثة الشيخ، ودفنها في البحر...الخ، فأغلب الظن أن فيها أشياء غير صحيحة ، فإحدى زوجات الشيخ التي كانت معه في البيت عند الهجوم عليه نقل عنها قولها إن جثة الشيخ كانت في المروحية التي سقطت واحترقت بالكامل في موقع العملية ، ولم يستطع الأمريكيون إنقاذها حتى يدفنوها في البحر، كما زعموا.
هل يملك الظواهري سيطرة علي التنظيم، وهل فروع التنظيم منضبطة في ولائها و استجابتها للقيادة ؟
فروع تنظيم القاعدة تدين بالولاء في الجملة لزعيم التنظيم الدكتور أيمن الظواهري...أو هكذا يبدو على الأقل من خلال البيانات والمواقف التي تصدر في وسائل الإعلام عن هذه الفروع بين الحين والآخر.
ولكن قد يكون لظروف الملاحقة الأمنية التي يتعرض لها المركز والفروع في التنظيم، وبعد المسافة، وما يترتب على ذلك من صعوبة التواصل بين القيادة والفروع أثر سلبي في هذا الصدد.
وفقا للوثائق التي أفرجت عنها الولايات المتحدة وتقول إنها حصلت عليها من منزل بن لادن في "أبوت آباد" بـباكستان خلال عملية اغتياله، فإن تنسيقا أمنيا ومفاوضات بين موريتانيا والقاعدة في المغرب الإسلامي كانت قائمة، هل كانت موريتانيا تساهم في تمويل القاعدة مقابل أمنها؟
الوثائق التي أفرجت عنها الولايات المتحدة الأمريكية صحيحة، ولكنها لا تتضمن ما يثبت أن الحكومة الموريتانية أبرمت أي اتفاق مع تنظيم القاعدة، وإن كانت تضمنت وثائق تثبت استعداد تنظيم القاعدة لإبرام اتفاق من هذا القبيل.
والمترجح عندي أن الحكومة الموريتانية لم تبرم أي اتفاق من هذا القبيل، وأستبعد جدا أن تكون السلطات الموريتانية دفعت أي أموال لتنظيم القاعدة، أو حتى تفاوضت معه. ولكنها رأت أن من مصلحتها الأمنية أن تحصر عملياتها العسكرية ضد القاعدة داخل حدودها ما دامت القاعدة أو غيرها من الجماعات المسلحة لم تتعرض لأمن البلاد.
ولعل مما شجع السلطات الموريتانية على ذلك تجارب فاشلة لبعض الدول الأخرى في المنطقة، كدولة تشاد التي تورطت في الدخول في مواجهات مع هذه الجماعات خارج حدودها، فتعرضت لخسائر كبيرة في البلدان التي تدخلت فيها، وداخل تشاد نفسها، وفشلت في تحقيق أهدافها.
وفقا لنفس الوثائق، أوصى زعيم القاعدة بنسبة 1% من أمواله لصالحكم، لماذا يخصكم بهذه المنحة ؟
هذه ليست منحة، ولا هبة، هذه ديون كانت مستحقة لي على الشيخ رحمه الله، وقد بينت الوثيقة وجه استحقاقها، فهي بدل أتعاب مبينة في الوصية.
خلال زيارة الرئيس الموريتاني لمدينة " اركيز" قمتم بالتعبئة لإنجاح زيارته، هل هو تعاط للشأن السياسي المحلي ؟
أنا لا أتعاطى السياسة بمفهومها الاصطفافي الضيق الذي يختصرها في التحزب والتخندق، إما مع الموالاة، أو مع المعارضة..
أنا لي رأي وموقف معروف من الديمقراطية الغربية ومخرجاتها، وبالتالي فغير مستغرب أنني لست عضوا في أي حزب، ولا أحضر المهرجانات، أو التجمعات السياسية ذات الطابع الحزبي، سواء كانت موالاة أم معارضة.
أنا مع الجميع فيما عندهم من صواب، وأنصح الجميع فيما أرى النصح فيه، وأرى أن التحزب الضيق، والتخندق الحاد أمور مضرة، خاصة بمن يحسبون على العلم والدعوة وحمل هم الأمة العام، فهؤلاء يجب أن يكونوا للجميع، ويستفيد منهم الجميع، وينصحوا للجميع.
نعم زارنا السيد رئيس الجمهورية في قريتنا (أجار) التابعة لمقاطعة (الركيز)، فكان الواجب الشرعي ، والأدبي أن نحسن استقباله.. ولا أعتبر ذلك تعاطيا للشأن السياسي المحلي بالمعنى السلبي الذي ذكرته من قبل.
ما هو رأيك في هذه التفجيرات والعمليات الانتحارية اليومية التي تحدث بالعالمين العربي والإسلامي؟
التفجيرات والعمليات الانتحارية في العلم الإسلامي وخارجه، وأفكار الغلو التي تحركها، لايمكن القضاء عليها دون القضاء على أسبابها وجذورها، والعوامل المحركة لها، والدوافع التي تقف وراءها.
هذا التفجير، والتدمير، والتكفير... مجرد ضلع من إضلاع مربع المعاناة الكبير الذي تعاني منه الأمة الإسلامية اليوم، ومن يعاني بمعاناتها، هذه الأضلاع هي: الغزاة: وهم الجيوش الغربية وإسرائيل. فـ (الإرهاب) الذي يمارسه الغزاة الكبار، وتذهب ضحيتة شعوب إسلامية كاملة هو الذي يولد (إرهاب) الصغار.
الضلع الثالث هو الطغاة أي حكام الجور، وأمراء الظلم، وأنظمة الفساد التي تحكم العالم الإسلامي بالحديد والنار، وبدعم من رعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان في الغرب. والضلع الرابع هو الجفاة أي الطابور الخامس داخل الأمة المسلمة من الممسوخين فكرا وعقيدة، الذين يحملون أسماء إسلامية، وعقولا غربية، يحاربون الإسلام، ويشككون في الدين.
كيف يمكن إذن معالجة مشكلة العنف عند الجماعات الإسلامية؟
يجب أن يكون ذلك جزءا من حل شامل، ينطلق من كف الغزاة عن عدوانهم، ووقف الطغاة لطغيانهم، وتمكين الشعوب المسلمة من حقها في الثورة على الظلم، وواجبها في التمسك بدينها والتحاكم إلى شريعتها، واختيار حكامها، وممثليها، ومحاسبتهم. كما لن يكون هنالك حل لظاهرة العنف في العالم الإسلامي، ما لم تحل قضية فلسطين، وترجع حقوق الشعب الفلسيطيني إلى أصحابها..
لن يكون هنالك حل لظاهرة العنف والمسلمون يرون أنهم مستهدفون من قبل القوى الكبرى، تحتل أرضهم، وتنتهك عرضهم، وتستبيح دماءهم، وتسلب ثرواتهم، وتدنس مقدساتهم، وما لم تتحقق العدالة في العالم.. وتتوقف سياسة الكيل بمكيالين، وينتهي عهد تحكم الكبار في العالم من خلال الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الذي تحول إلى أداة يشن من خلالها الكبار حروبهم ضد الصغار.
إذا زالت أسباب العنف المشار إليها سابقا، وفُتح حوارجاد مع هذه الجماعات من قبل علماء صادقين يجمعون بين علم الشرع، والفقه في الواقع، ويتمتعون بالمصداقية عند الأمة يمكن إقناع كثير منهم بالتخلي عن العنف، والرجوع إلى المنهج الصحيح
أجرى الحوار: التار ولد أحمده
للقراءة من المصدر اضغط هنا
..........................................................................................................