الدكتور محمد سالم ولد دودو - باحث موريتاني مقيم بالكويت.
لم يحصل لي يوما من الأيام أن انتسبت إلى الأغلبية الداعمة لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، ولم يدر بخلدي مرة أن أكون هنالك، بل لا أرى ذلك يحصل في ما تبقى من مأموريتيه.
لكن هذا بالنسبة لي لا يعني تجاهل العقد الدستوري والمدني بيني (بصفتي مواطنا عاديا) وبينه (بصفته رئيسا منتخبا للجمهورية)، وهو العقد الذي يستوجب علي ضمن ما يستوجب أن أثمن أي مكسب يحققه لهذا البلد أو مجد يقوده إليه، بنفس القوة والوضوح اللذين استنكر بهما أي انتكاسة يسببها له أو جريرة يجرها عليه.
وفي هذا الإطار كنت قد أشدت أكثر من مرة بإنجازات تاريخية نوعية ملموسة حققها السيد الرئيس للإسلام والمسلمين في هذا البلد وفي العالم أيضا، دشنها بطرده لسفارة الكيان الصهيوني من هذه الربوع الطاهرة، قبل أن يؤسس الجامعة الإسلامية بالعيون، ويُسمع صوت المحظرة الشنقيطية للعالم عبر الفضائية القرآنية الموريتانية التي تمثل بحق هوية هذا الشعب ومصدر فخره، فضلا عن إذاعة القرآن الكريم وطباعة المصحف الشريف برواية ورش عن نافع السائدة في بلادنا.
وها أنا اليوم أثمن عاليا تعزيزه لهذه القائمة مشكورا مأجورا إن شاء الله برد الاعتبار لمادة التربية الإسلامية في نظامنا التعليمي الرسمي تحصينا للأجيال من الانجراف إلى مستنقعات الانحلال والاستلاب أو الانحراف وراء تيارات التطرف والإرهاب، وهو مطلب جماهيري جوهري حظِيتُ بشرف رفعه إليه ضمن وفد من قيادات منتدى العلماء والأئمة لنصرة نبي الأمة صلى الله عليه وسلم، أثناء استقبال خصهم به في القصر الرئاسي في العاشر من مارس 2014م، وقد أبدى حينها تحمسا كبيرا للفكرة متعهدا بتلبية الطلب صيانة للهوية الإسلامية للنشء.
بيد أن مراوغات المفسدين المتنفذين المتغلغلين في دوائر القرار بمفاصلها المختلفة قد أخرت اتخاذ هذا الإجراء حولين كاملين، وكادت أن تجهضه لولا فعالية طاقم المنتدى في المتابعة ولولا التدخلات المتكررة للرئيس نفسه.
ولا يفوتني هنا أن ألفت انتباه سيادة الرئيس إلى أن أذرعا أخرى لذات الأخطبوط الذي عرقل هذا الإنجاز التاريخي قد حجَّمت من قدر إنجازات أخرى حين حرمت قناة المحظرة وإذاعة القرآن الكريم من كثير من القامات العلمية الوطنية السامقة مما نقَّص من كيف المحتوى المقدَّم وقلَّص من كَــمِّ الجمهور المتلقي.
بل نجح هذا التيار العكسي الجارف في إظهار شخص الرئيس في صورة المعادي للعمل الإسلامي حين أغراه بوأد جمعية المستقبل واغتيال فروع معهد الإمام ورش وتنفيذ سلسلة مضايقات فجة تستهدف النيل من فخر شنقيط وتاج محظرتها فضيلة العلامة الرباني الشيخ محمد الحسن ولد الددو.
ولئن كان العقد الدستوري المشار إليه يستوجب مني ومن أي مواطن عادي مثلي تسجيل تلك الإشادات وتوصيل هذه التنبيهات بغض النظر عن موقفه السياسي دعما أو معارضة أو حيادا، فإنه يستوجب من رئيس الجمهورية أيضا أن ينأى بمقامه عن تجاذبات التوجهات السياسية وصراعات المدارس الفكرية والأجنحة الجهوية والفئوية صونا لمكانته السامية بصفته رئيسا للشعب والوطن عموما ورمزا لوحدته وحكما أعلى بين كل مكوناته وتوجهاته، بعيدا عن تحجيم تلك المكانة بالركون إلى أجندات بعض الأطراف مهما كان قربها أو تَقَرُّبُها مما قد يفضي به للظهور بمظهر رئيس مدرسة فكرية معينة يحتكر لها دون غيرها أثير المنابر العلمية والإعلامية وأروقة المؤتمرات السياسية والفكرية..
وحري بي في مختتم هذه الخواطر أن أهيب بفخامته لتسجيل مزيد من النقاط المضيئة والمكاسب الوضيئة خدمة للإسلام والمسلمين بالانتصار الحازم لأعراض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرف أمهات المؤمنين الطاهرات بطرد سفارة الروافض الإيرانيين وتطهير البلاد من رجسها ودنسها ليكون ذلك ختاما مسكا لمأموريتيه مثل ما كان طرد صنوهم الصهيوني فاتحة خير لهما، وليحتسب ذلك عند الله وعند الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حين يرد عليه الحوض مستشفعا به إلى الملك الديان يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.