تشير التحذيرات الصادرة من منظمة الصحة العالمية إلى أن الفيروس التاجي الجديد الذي ظهر في الشرق الأوسط العام الماضي ويعرف باسم "كورونا نوفل" قد يمتلك القدرة على الانتقال بين البشر، وذلك بعد حصول اختلاط مباشر لفترة طويلة مع المصاب. وسجل الفيروس حتى الآن 41 إصابة، توفي منهم 20.
وسجلت معظم حالات الإصابة في المملكة العربية السعودية، ووفقا لبيانات وزارة الصحة هناك فقد شملت المناطق الجغرافية التي شخصت فيها حالات الإصابة كلا من الدمام والإحساء والقصيم والرياض وبيشة، كما سجلت حالات إصابة بين العاملين في القطاع الصحي ممن اختلطوا بالمرضى المصابين بالفيروس.
ويشير الخبير الدولي في الأمراض المعدية الأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة جورج تاون بواشنطن، الدكتور دانيال لوسي، إلى أن هنالك ثلاثة اختلافات رئيسية بين فيروس كورنا نوفل وفيروس الالتهاب التنفسي الحاد "سارس"، ولكن رغم ذلك هناك أوجه تشابه بحيث يمكننا اعتبارهما كأولاد عمومة. الأول هو في المادة الوراثية وترتيب الجينات في بنيانهما المجهري، والثاني هو استخدام كل فيروس لمستقبلات مختلفة لإصابة خلايا الجهاز التنفسي، أما الثالث فيكمن في أن مصدر العدوى الرئيسي لفيروس سارس كان معروفا، وهو حيوان يسمى قط الزباد، أما حتى اللحظة فلم يعرف مصدر فيروس نوفل، وتعد هذه المعرفة ضرورية لفهمه والسيطرة على انتشاره.
د. لوسي: حتى اللحظة لم يعرف الحيوان مصدر فيروس كورونا نوفل (الجزيرة نت)
طريقة انتقال غير معروفة
ويقول لوسي -وهو خريج جامعة هارفارد الأميركية- في تصريح للجزيرة نت، إننا حتى اللحظة غير متأكدين من الطريقة التي ينتقل بها فيروس نوفل، هل عبر استنشاق الرذاذ المتطاير من المريض أثناء السعال أو العطس عبر الهواء للجهاز التنفسي، أم عبر المصافحة أو التلامس المباشر، أم عبر لمس الأسطح -كالأسرة والكراسي- التي تلوثت بالفيروس. ولكن مع ذلك فإن نمط العدوى في المستشفيات يشير إلى ضرورة التركيز على معايير النظافة والتعقيم، وذلك لحماية المرضى الآخرين في المؤسسات الصحية والعاملين الصحيين والزوار من فيروس نوفل.
وعن النتائج المتوقعة في حال تطور فيروس كورونا نوفل لوباء كبير يشير الدكتور إلى أنه سيكون من الصعب التنبؤ بنتيجة حدوث تحول جيني في بنية فيروس كورونا يمكنه من عدوى البشر بسهولة والانتشار بسرعة. ولكن لحسن الحظ فإن التعامل الدولي السريع والتعاون بين السلطات الصحية الذي أدارته ونسقته منظمة الصحة العالمية في 2003 قد أدى إلى حصر فيروس سارس ومنع انتشاره، وتم ذلك عبر عدة إستراتيجيات منها تحسين معايير منع العدوى والتحكم بمصدر العدوى الحيواني وعزل المصابين، وهذه الإستراتيجيات سوف تساعد في السيطرة على الفيروس الجديد بنفس الطريقة.
ويؤكد لوسي على دور الحكومات الأساسي في التعامل مع كورونا نوفل والطوارئ الصحية، وذلك عبر تنسيق العديد من الجوانب الصحية والمجتمعية والاقتصادية. وبعد ظهور سارس أصدرت منظمة الصحة العالمية توصيات للتعامل مع هكذا أوضاع ترتكز على خمسة أسس، الثقة والإعلان المبكر عن الوضع الصحي والشفافية في التعامل معه، وفهم الرأي العام والتعامل معه بمصداقية والتخطيط.
د. عبد الستار: فيروسات كورونا تظهر تحت المجهر على شكل تاج، ومن ذلك أخذت اسمها اللاتيني "كورونا"
(الجزيرة نت)
فيروسات التاج
ويشرح استشاري الأمراض الصدرية في مؤسسة حمد الطبية السيد هشام عبد الستار أن فيروسات كورونا هي من المسببات الشائعة لنزلات البرد، وهي تظهر تحت المجهر على شكل تاج، ومن ذلك أخذت اسمها اللاتيني "كورونا" والذي يعني التاج. وتصيب هذه الفيروسات عادة المجاري التنفسية العليا فتسبب التهاب الحلق وارتفاع درجة الحرارة، كما قد تؤثر على الجهاز الهضمي مسببة الإسهال، بالإضافة إلى أنها قد تسبب التهاب الكبد والبنكرياس وأعراضا عصبية.
ويشير الدكتور عبد الستار الذي يشغل مركز رئيس قسم الجهاز التنفسي والحساسية وطب النوم بمؤسسة حمد الطبية في تصريح للجزيرة نت، إلى أن معظم البشر يتعرضون للإصابة بالفيروسات التاجية في مرحلة ما في حياتهم، وهناك خمس سلالات منها تصيب البشر. وينتمي فيروس كورونا نوفل إلى نفس عائلة الفيروسات التاجية التي ينتمي لها سارس الذي ظهر في الصين وهونغ كونغ عامي 2002 و2003، مسببا إصابة قرابة 8000 شخص، توفي منهم حوالي 800.
وينبه الدكتور إلى عدم وجود لقاح أو علاج حالي لفيروس كورونا نوفل، وتشكل معايير وإجراءات النظافة الشخصية والعزل طريقة الوقاية الوحيدة، وذلك عبر تجنب الاتصال مع المرضى وتغطية الفم عند العطاس والسعال وغسل اليدين، مشيرا إلى أن الكشف عن الفيروس عند الحالات المشتبه بها يحتاج لفحوص خاصة.