بابتسامة واثقة وهيئة أنيقة وإيمان قوي ورصيد معرفي وعلمي وأكاديمي معتبر قابلنا الشاب و يدعى مامين ( 29 سنة) حسب الموعد الذي كان مقرارا لإجراء المقابلة - الحوار وفي المكان المحدد على طاولة خاصة تم حجزها لهذا الغرض وسط مقهى المركز التجاري " لبون شوا" بحي "دبي" في العاصمة الاقتصادية نواذيبو
. المهندس الشاب العاطل عن العمل والمدجج بالشهادات التعليمية العليا والمتخصصة والذي شغل الناس وأصبح حديث المدينة من خلال ابتكاره لأسلوب راق ومبتكر في لفت الانتباه إلى معاناته ومعاناة نظرائه من الشباب حملة الشهادات العاطلين عن العمل اختار منبر " مراسلون" للبوح بمعاناته والتطرق لقضيته ونقل رسالته للجهات المعنية وللرأي العام الوطني من خلال مقابلة "حصرية" أجراها مع مراسل " مراسلون" بمدينة نواذيبو هذا نصها كاملا.
مراسلون: من هو المهندس مامين؟
المهندس مامين: اسمي الكامل هو الشيخ مامين ولد سيدي عالي من مواليد مدينة نواذيبو 1987 م الأكبر سنا من الذكور في عائلتي والدي صاحب حانوت " بوتيك" ضحى بالغالي والنفيس من أجل تربية وتعليم وسعادة أبنائه ووالدتي ربة بيت وأم مثالية. أكملت بنجاح كافة المراحل التعليمية " أساسي – إعدادي – ثانوي" وتابعت تعليمي العالي بجامعة متخصصة بتونس تخرجت منها بدبلوم مهندس في مجال المعلوماتية تخصص حماية وصيانة الأنظمة الآلية وأمن الشبكات
. مراسلون: ماهي قضيتكم بالتحديد؟
المهندس مامين : قضيتي تدور حول شاب موريتاني سلك خيار التعليم وامتلاك ناصية العلم وحين أنهى مرحلة هامة في رحلة التعلم الأبدية وأراد حقه المشروع في التوظيف اصطدمت آماله بصخرة الواقع ومتاهات البحث عن العمل ولايزال صامدا يحدوه الأمل في أن تشرق شمس اليوم الذي يتم فيه إنصافه بإحرازه لوظيفة ملائمة في بلده ووطنه الذي لايريد العمل في سواه.
مراسلون : لماذا اخترتم " بيع الكسكس" كوسيلة للفت الانتباه إلى قضيتكم؟
المهندس مامين : خلال قراءتي لكافة تجارب الاحتجاج التي أطالعها في وسائل الإعلام وأشاهدها في الميادين والوقفات بالعاصمتين السياسية والاقتصادية , لاحظت أن علي التفكير والبحث عن طريقة سهلة آمنة وسريعة تجنبني إكراهات الميدان والتعرض لأي تصنيف سياسي أنا منه براء أو فهم مغلوط وتجعل رسالتي تصل بشكل واضح جلي دون لبس أو تشويه وفي هذا السياق اهتديت إلى فكرة أن أخرج للجمهور نظريا من خلال وسائل الإعلام في هيئة " بائع كسكس" هذه المهنة الشريفة والنبيلة التي أكن كل الاحترام لممتهنيها والتي اخترتها كحامل وحاضنة لقضيتي وتسليط الضوء عليها ولفت الانتباه لمعاناتي في البحث عن العمل ومعاناة نظرائي من الشباب حملة الشهادات العاطلين عن العمل واعتمدت في هذه الفكرة على المزاوجة بين موضوعين يتم لاحقا فك الارتباط بينهما لتتكشف خيوط القضية الجوهرية المقصودة من خلال تقمص المهنة الشريفة المذكورة لتمرير الرسالة
. مراسلون: كيف تدبر متطلبات حياتك اليومية وأنت عاطل عن العمل؟
المهندس مامين : بالتزامن مع بحثي عن العمل والوظيفة الملائمة للاختصاص استفيد من مؤهلي العلمي وخبرتي المهنية في تقديم الاستشارة الفنية في مجال صيانة وحماية,الأنظمة الآلية وأمن الشبكات من خلال اقتراح الحلول وتقديم الاستشارة الفنية لمؤسسات في القطاعين العام والخاص في نواكشوط ونواذيبو وأتلقى مقابل ذلك العمل المؤقت عائدات مالية معتبرة لله الحمد والمنة تساعدني في التكفل بحاجياتي والوفاء ببعض التزاماتي وواجباتي الأسرية كما أتوفر على إفادات من خلال المتعاملين توثق وتشيد بالخدمات التي أقدمها.
مراسلون : هل تلقيتم حتى الآن عروضا بالعمل؟
المهندس مامين: تلقيت عرضا بالعمل من شركة للتكنلوجيا تابعة لمايكروسوفت وآخر من وزارة النفط بدولة الإمارات العربية المتحدة وكان ذلك بمساعدة زملاء في الدراسة ومعارف أرسلت لهم ملفي المهني وتواصلوا مع المعنيين بهذا الخصوص لكن لم أكن متحمسا للعرضين حيث أحب العمل في وطني موريتانيا وأتمنى وأحب كذلك أن أجد وظيفة دائمة في بلدي و أوظف فيها معارفي وخبرتي لصالح وطني وأعمل بالقرب من أسرتي التي تحتاجني واحتاجها.
مراسلون : هلا حدثتنا بإيجاز عن بعض أبرز محطات رحلتكم في البحث عن العمل في بلدكم بعد التخرج؟
المهندس مامين : شاركت في مسابقات عديدة في القطاعين العام والخاص لم أوفق في النجاح فيها لاعتبارات أفهم بعضها ولا أفهم بعضها الآخر أذكر منها على سبيل المثال المسابقة الأخيرة لضباط الجمارك ومشاركتي في امتحان اكتتاب مدير أنظمة آلية وأمن الشبكة الذي أجراه أيضا البنك الشعبي بالعاصمة وفي المثال الأول نجحت في المراحل الأولى واختفى اسمي نهائيا في المراحل اللاحقة وبخصوص المثال الثاني المتعلق بالبنك الشعبي أقر بشفافية الامتحان الذي تم اختياري للمشاركة فيه ضمن 35 شخصا تقدموا للتنافس على الوظيفة من بين المشاركين كفاءات عالية جدا رغم ان مضمار الامتحان حول وظيفة وحيدة. إضافة لما سبق أنا مسجل عند المكتب الرئيسي للوكالة الوطنية لتشغيل الشباب بنواكشوط وأحمل وصلا يثبت ذلك لكن كلما أردت مراجعة الوصل مع فرع الوكالة هنا في نواذيبو أجابوني بأن رقم الوصل ليس في قوائم أنظمتهم وحين سألت عن السبب لدى المكتب الرئيسي بنواكشوط أخبروني أن المسألة تعود لخلل فني وأن رقمي في طريقه للتسجيل في نظام قوائم الفرع المذكور حدث الأمر معي مرار وتكرارا وهنا أطالب الوكالة بتصحيح وضعيتي بالتسجيل حتى أتمكن من التعاطي مع الجهات الإدارية المحلية هنا في نواذيبو .
مراسلون : ماهي رسالتكم للسلطات المعنية وللرأي العام الوطني ؟
رسالتي هي ضرورة توفير وتمكين الشباب العاطل عن العمل من حاملي الشهادات العليا والمتخصصة من عمل مناسب يحترم الاختصاص طبقا لمبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب حتى تتحقق الاستفادة من هذه الخبرات عوض توجيهها إلى مواقع عمل لاتمت إلى الاختصاص بصلة أو الزج بها في مشاريع آنية ومؤقتة تستنزف وقتهم وجهدهم و تفوت عليهم توظيف خبراتهم في مناحي العمل المناسبة وتصعب عليهم مستقبلا البحث عن وظائف ملائمة رغم قناعتي الشخصية بأهمية تلك المشاريع الداعمة للشباب لكن أعتقد ان الحل الحقيقي يكمن في تمكين الشباب من وظائف دائمة. كما أحب أن أقول للحكومة الموريتانية أن هذا الكم الهائل والنزيف من الشباب العاطلين عن العمل مدعاة لمراجعة السياسات والخطط والبرامج في هذا المجال ومقاربات التشغيل لخلق فرص عمل تستوعب الجميع وتسد الحاجة والطلب على العمل. وفي الأخير أذكر الجميع أن البطالة وخصوصا بطالة الشباب هي الخطر بعينه والقاسم المشترك بين كل الآفات الخطيرة فيجب إعادة التفكير الجدي في محاربة هذه الظاهرة وإيجاد الحلول لها وإعطاء الأولوية لتشغيل الشباب حتى لانصل لمرحلة اليأس وتتفاقم المعاناة
. أجرى المقابلة وأعد الورقة مراسل " مراسلون " بنواذيبو : الحسين ولد كاعم..