وكالة الأخبار : اعتبر رئيس المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الإنسانية المعروف اختصارا ب (مبدأ) السيد محمد ولد سيد أحمد فال (بوياتي) أن الحضور المغربي ازداد بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مضيفا أنه ومع ذلك لا يمكن تغييب موريتانيا عن الملف المالي.
وقال ولد سيد أحمد فال في مقابلة مع صحيفة "آخر ساعة" المغربية، إن تغييب موريتانيا عن الملف المالي غير ممكن لأسباب أبرزها المجال الترابى والبشرى المشترك، مضيفا أن السياسة والدبلوماسية عموما بين "الأشقاء ينبغي ان تقوم على التكامل".
وجاء في نص المقابلة:
أولاً لنتحدث عن تطورات العلاقات المغربية الموريتانية بعد سنوات من الجمود ..؟
لا اعتقد ان هناك جمودا بالمعنى الدقيق للكلمة نظرا لاستمرار التعاون فى مختلف المجالات :التعليم ،الصحة ،والتكوين، واللجان الفنية واللجان المشتركة العليا ..واستمرار الزيارات المتبادلة ،لكننا يمكن ان نقول ان العلاقات الموريتانية المغربية ينبغى ان تكون على مستوى تطلعات شعوب المغرب العربي وان يستمر تطورها وازدهارها بما يخدم مصالح وتطلعات الشعبين الشقيقين
يقول عدد من متتبعي العلاقات المغربية الموريتانية، شهدت تحسناً ملحوظاً، بعد زيارة وزير خارجية موريتانيا السابق الموريتاني أحمد ولد تكدي إلى المغرب، التي عقبتها زيارة وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار،بعد مرحلة جفاء استمرت لسنوات، كيف تقرأ مستقبل العلاقات بين الرباط ونواكشوط على ضوء هذه الزيارات المتبادلة..؟
لم تكن هذه هى الزيارة الاولى؛ وبالتأكيد لن تكون الاخيرة وان كانت كل زيارة تصب فى تطوير هذه العلاقة التى يبدو ان الاعلام ساعد ويساعد للأسف على التأكيد ان هنالك توترا شابها منذ فترة إلا اننى اعتقد انها ان كانت كما يصفها بعض الاعلاميين سحابة صيف ستزول لا محالة فالعلاقة بين موريتانيا والمغرب اعمق من ان تتأثر بشكل كبير وجذرى .
زيارة وزير الداخلية الموريتاني الأسبق،كانت تهدف الى التنسيق الأمني في سياق جيوسياسي مضطرب، وانتشار السلاح والجماعات الإرهابية في منطقة الساحل ..إلى أي حد يمكنُ أن تساهم هذه الزيارة الى التنسيق ضد الجماعات الإرهابية ..؟
تشهد منطقة المغرب العربي حراكا قويا وتحولا جذريا وانتشارا للجريمة المنظمة العابرة للحدود مما يطلب تنسيقا بين كل الدول فى مواجهة الاخطار المحدقة :الارهاب ، الهجرة ، تجارة الاسلحة ,المخدرات ....الخ واعتقد ان ان كل هذه الملفات تفرض نفسها على صناع القرار فى البلدين بغية تطويق تلك الاخطار ودرئها،ومن الواضح ان التنسيق متعدد الاطراف فى هذا السياق مهم وحاسم فى التصدى لهذه الاكراهات ،وربما تكون رب ضارة نافعة فيتحول اشكال الارهاب المتمدد حافزا للاندماج المغاربي ومقويا لاواصر التعاون بين الدول .
لنعود إلى طبيعة العلاقة بين البلدين، والضرورة التي تفرضها الأحداث التي تعيشها منطقة الساحل التي تفرض ضرورة التنسيق الأمني في ظل تطورات الأحداث ..؟
اذا نظرنا الى تحدى الهجرة سنجد ان موريتانيا بلد عبور للمهاجرين فى اتجاه أوروبا عبر المغرب وعبر الجزر الاسبانية واذا نظرنا الى تحدى الجماعات الارهابية فسنجد ان طبيعة التنظيمات الارهابية لاتعترف بالحدود ولايحدها مجال اقليمي وان خطرها خطر شامل والجماعات الموجودة فى الشمال المالى تجد فيها المغربي والجزائرى والموريتانى ..الخ ... وعند النظر فى جماعات التهريب فيكفى ان تراجع الصحافة لتجد ان الصحراء بمجاهلها ومعالمها اصبحت قبلة لتجارة المخدرات عبر الحدود وهنا وجب التنسيق الامنى.
اذن لابد من ضرورة التنسيق الاستراتيجى بين البلدين بل بين كل اقطار المغرب العربي فالخطر واحد وتحدياته قوية والعالم فى تحول ومنطقتنا تحتاج الى الحكمة والتبصر من النخب ومن صناع القرار وتحتاج ايضا الى تجاوز التصدعات الموجودة فى العلاقات البينية فى جدار الاتحاد المغاربي .
ألا ترى معي أن غياب سفير موريتاني بالرباط في الفترة الماضية لم يكن مؤشرا على فتور في العلاقات الثنائية مع المملكة، لكن رغم ذلك ظلت هذه العلاقات في قمتها خلال هذه الفترة رغم كل ما قيل وأشيع حول وجود توترات دبلوماسية بين البلدين.؟
فى الحقيقة ان صناع القرار والقادة هم وحدهم من يستطيع الاجابة عن هذا السؤال المتعلق بغياب السفراء او حضورهم وبالتالى فلن استطيع الاجابة نيابة عنهم فلهم وحدهم السلطة التقديرية فى ذالك . لكنى كمتابع لمسار العلاقة بين البلدين الاحظ ان هناك تبادل للزيارات على اعلى المستويات وعقد اللجان المشتركة بل ان تصريحات صدرت عن السلطات العليا فى البلدين موريتانيا والمغرب تعتبر ان العلاقات جيدة وأنها لا تشهد أي توتر لكن بعض وسائل الاعلام تثير من حين لاخر ان هناك فتورا فى هذه العلاقات ومن هنا ارى انه من واجب الاعلاميين عموما انا يكونو على مستوى التحدى وان ان يكونوا اداة بناء لاوسيلة هدم للعلاقة بين الاشقاء،فينبغى ان يساهم كل منا من موقعه فى توطيدها وتحسينها بدل دق الاسفين بين الاشقاء .
لنعود الى المستوى الاقتصادي، حيث تمثل إفريقيا الغربية سوقًا مهمًّا للمنتوجات الزراعية المغربية؛ ولذلك تبقى موريتانيا هي الشريان الوحيد لتدفق هذه المنتوجات المهمة لسوق الفلاحة المغربية. وإلى جانب ذلك، فإن السوق الموريتانية تعتبر هي الأخرى فرصة أساسية للاقتصاد المغربي، حيث تملك شركة الاتصالات المغربية 61% من أهم شركة اتصالات موريتانية، كيف نقرأ مستقبل العلاقات الإقتصادية مع المملكة المغربية ..؟
من المعروف ان اتساع المساحة الموريتانية وموقعها المتميز بين الفضاء العربي فى شمال القارة والفضاء الافريقى فى جنوبها وإطلالتها على المحيط الاطلسي غربا ونهر السنغال جنوبا ودورها التاريخى فى نشر الاسلام فى هذا الربوع كلها امور يمكن ان تؤسس لشراكات اقتصادية كبرى وسوقا مفتوحا للصادرات المغاربية عموما نحو افريقيا لكن كل تلك الفرص للاسف ستبقى مرهونة بالمناخ السياسي فى دول الاتحاد المغاربي التى اصبح من اللازم عليها الان اكثر أي وقت مضى ان تنظر الى الامام وتغلب مصالح الامة وتتجاوز منطق التجزءة ،وان تنظر الى المستقبل بعين التفاؤل فالبناء المغاربي صرح تاخر كثيرا بفعل الخلاف والاختلاف على قضايا كان على الامة تجاوزها منذ امد .
يتحدث عدد من الخبراء على أن هناك مجموعة من الشواهد على ضعف اقتصادات، دول المغرب العربي الكبير، سواء فيما يتعلق بالبطالة التي تتراوح بين 9.2% في المغرب و31% في موريتانيا، كيف تقرأ معي مستقبل اقتصاد دول المغرب العربي في ظل الوضع الحالي ..؟
لا اجد غضاضة فى القول ان مستقبل هذه الاقطار مرهون بدرجة تعاونها بل واندماجها فمعدلات النمو وواقع التنمية فيها سيبقى ضعيفا جدا وهشا ومترنحا ولن يستطيع الوقوف امام اكراهات التحولات الجارية والاختلالات البنيوية مالم يتجاوز مرحلة الارتجالية وغياب الرؤية الاستشرافية وبالتالى على صناع القرار فى المنطقة المغاربية تجاوز عقدة التجزئة نحو رؤية شمولية وواسعة وواثقة بغية الاخذ بزمام المبادرة نحو بناء مغرب عربي قوي ليكون تكتلا اقليميا فاعلا فى المشهد الدولى واعتقد ان المدخل الاقتصادى ربما يكون انسب مدخل نحو الوحدة ونحو الاندماج.
لنتحدث عن ما تعرفه المنطقة المغاربية من تحدي أمني ضد الحركات الإسلامية المتطرفة في المنطقة ، هل ترى أن عودة الإتحاد المغاربي الى طاولة ضرورة من أجل التنسيق الأمني ..؟
التطرف عموما فى الحركات والتنظيمات والجماعات اصبح من سمات هذه العشرية واعتقد ان مواجهته تتطلب مقاربات شاملة ثقافية وفكرية وتربوية واعلامية وامنية تراعى كل الابعاد وتتسق وتنسجم مع الواقع الاجتماعى والثقافى لمكونات الشعوب المغاربية ومن اهم تلك العلاجات اقامة العدل بين الناس وتقوية دولة الحق والقانون.
لنتحدث عن الموقف الموريتاني من الصحراء المغربية، الذي لا يمثل فقط تحديًا سياسيًّا بالنسبة للمغرب، لكنه يمثل أيضًا تحديًا أمنيًّا للمنطقة، كيف نقرأ الموقف الموريتاني من قضية الصحراء ..؟
المتابع لملف الصحراء منذ بداية الازمة فى القرن الماضى حتى الان يجد ان الموقف الموريتانى اتجاه هذه القضية مر بمراحل مختلفة وشائكة وكان اخر تلك المواقف ما استقر عليه راي الدبلوماسية الموريتانية وهو الحياد الايجابى من هذ الملف وقد تابعت بعض التصريحات والمواقف بهذا الشان بغية تفسيره فاذا به موقف يتكؤ على دعم مسار التسوية المقدم من طرف الامم المتحدة ودعم أي جهد توافقى يجمع اطراف الازمة نحو حل متفق عليه يخدم الصالح العام .
مع ان قضية الصحراء لاينبغى ان ان تكون معيقا او معوقا فى بناء المغرب العربي فكم من نزاع اقليمى لم يمنع من بناء تكتل اقليمى ؟فهل النزاع على مضيق جبل طارق منع من التعاون الاقتصادى بين ابريطانيا واسبانيا ؟وهل الخلاف بين بعض دول الاتحاد الاروبي ومطالبة بعض الاقاليم بالاستقلال "الباسك مثلا""منع من قيام الاتحاد ؟وفى هذا السياق اسجل ضرورة فتح الحدود بين اقطار المغرب العربي ونزع الناشرة بين تلك الاقطار فهذه امور شكلية اخرت انطلاق القطار المغاربي واخرت نهضته واندماجه رغم مؤهلاته الواعدة .
رغم ان العلاقة المغربية الموريتانية ظلت تتسم بالجمود إلى أن بعدما طبعت العلاقات بين المغربي والرباط التوتر على المستوى الرسمي، إلا أنها تعززت الدبلوماسية الشعبية بين موريتانيا والمغرب على يد رموز ومشايخ من الطريقة التيجانية، استطاعوا حلحلة عدد من الملفات العالقة.. كيف ترى مستقبل الدبلوماسية الشعبية بين البلدين ..؟
الدبلوماسية الشعبية فاعلة ومؤثرة ومعززة للدبلوماسية الرسمية الا ان العلاقة بين موريتانيا والمغرب اعمق واكبر من ان تنتظر الدبلوماسية الشعبية وبخصوص الطرق الصوفية فليست التيجانية وحدها هى الرافد الوحيد رغم اهميتها بل هناك الطريقة القادرية ايضا المنتشرة فى موريتانيا وشمال مالي فان شيوخها ايضا زارو المغرب وزارهم المغاربة ولديهم مزارات هنا وهنالك ورغم التاثير القويى ايضا للطريقة التيجانية فى المغرب وموريتانيا ايضا والسنغال فهذا الفضاء واحد وروافده كثيرة وبنابيع الاتصال فيه اكثر واعمق من ان يقطعها شئ وجسور الاتصال اكثر .
لنعود إلى الثقل الروحي الذي يمثله المغرب في موريتانيا باعتباره مركزًا للتيجانية، وهو يدير ملف التيجانية باعتباره إحدى الشُّعب الدبلوماسية المهمة، خصوصًا في مجال العلاقات الشعبية.، كيف ترى الامتداد المغربي للديبلوماسية الشعبية، في دول الساحل ..؟
هذا الملف بد أ يراهن عليه كل الفاعلين بل ويراهن على الرموز الثقافية عموما لكن هذا الفضاء فضاء واحد اعنى الفضاء المغاربي كما اشرت الي ذالك انفا ومن يتكلم عن الشان الثقافى او الهوية الثقافية لساكنة هذا الفضاء سيتخطى لا محالة الحدود السياسية للبلد الواحد التى خطها مستعمر لايريد للهويات ان تنسجم ولا للدول ان تتقدم ولا للواقع البائس الذى تركه مثخن الجراح ان يندمل ، واعتقد ان استثمار هذ المورد الثاقفى والاجتماعى وهذا التراث الروحى ينبغى ان يكون من اجل بناء المغرب العربي ومد الجسور تمهيدا للاندماج المغاربي فهو رهان هذه الامة وصمام امانها فى وجه تحديات العولمة ومخاطر التفكك والانشطار .
لنعود الى الدور الذي يلعبه المغرب في مالي عبر دعم الحكومة الجديدة بقيادة إبراهيم كيتا. وفي ذات عمل على تعزيز علاقاته مع قادة المتمردين الطوارق، وهو ما قلّص الحضور السياسي لموريتانيا في ملف أزمة شمال مالي.. الى أي حد يمكنُ أن يكون المغرب مؤثراً في جنوب الصحراء ..؟
لقد كان المغرب مؤثرا فى الساحة الافريقية عموما وقد ازداد تاثيره فى الملف المالى بعد زيارة الملك الاخيرة لبماكو واصبح حضوره فى المشهد جليا وواضحا وقد تابعت تلك الزيارة بشكل خاص والتى جاءت ضمن تحرك مغربي فى القارة الافريقية عموما وهو امر فى غاية الاهمية الاستراتيجية للمغرب الا اننى اعتقد ان موريتانيا لا يمكن تغييبها مطلقا من الملف المالى خصوصا لكثير من الاسباب ابرزها المجال الترابى والبشرى المشترك بينها مع مالى فهو فضاء بشرى" بيظانى" بامتياز فالشمال المالى يشترك مع الشرق الموريتانى فى كل شئ تقريبا بشريا وجغرافيا وثقافيا .... وبالتالى لا اعتقد ان الحضور المغربي يلغى الحضور الموريتانى بل يتكاملان واعتقد ان السياسة والدبلوماسية عموما بين الاشقاء ينبغى ان تقوم على التكامل لا التلاغى،وهذا الطرح القائم على التطويق او التلاغى طرح اقصائي ولااعتقد انه يستقيم بين اشقاء يستشرفون مستقبل امة تعانى من معوقات التخلف وتتطلع الى البناء المغاربي المشترك .
إلى جانب هذه المؤشرات هنالك معطيات أخرى تفرض التعاون والتنسيق، ومن أبرزها التعاون الإقليمي؛ حيث يفرض تداخل المصالح الجيوسياسية مستوى من التقارب والتنسيق، ضدّ تنظيم الدولة الإسلاميّة (داعش) التي تثير مخاوف نواكشوط والرباط وعدد من دول المنطقة ..؟
كل المعطيات والمؤشرات والمعلومات التى تشير الى محاولة التنظيمات الارهابية استكتاب واستقطاب الشباب المغاربي ومحاولتها استغلال كل الفراغات التى تجدها بين دول الاتحاد المغاربي اضافة الى دور الازمة الليبية فى تجنيد الشباب وتجسيد الدولة الفاشلة
كل ذالك يدفع الى ضرورة التنسيق الاستراتيجى بين هذه الدول خاصة المغرب و موريتانيا والجزائروتونس نظرا لوجود هذه الصحراء التى فيها يتعايش الارهابى مع المهرب مع بائعى المخدرات وسماسرة الاسلحة وتجارة المخدرات الى غير ذالك من التحديات المشتركة.