معالي وزير المالية الموريتاني... لقد ردّدتم في التلفزة، مراراً وتكراراً، أن الناتج الداخلي الخام لبلادنا قد ارتفع، وأن مداخيل الخزينة العامة في عنان السماء، وأن الاقتصاد يزدهر، ما شاء الله، في هذا العهد الميمون! وأسأل الله أن يبشركم بالخير، ويوفقكم ويبارك فيكم، وموجبه، وكم له من موجب، أنني رجل أعيش في الخارج ولم أستلم من الدولة الموريتانية أوقية واحدة منذ يوم ودعتني جامعة انواكشوط حتى دون حفل تخرج، ورمت بي إلى طول الشارع وعرضه، ومن ثم إلى بقية دروب أرض الله الواسعة.
وحيث إنني مولود على أرض موريتانيا، وآبائي وأجدادي من أهل هذه الأرض منذ فجر التاريخ... فإن حقي الوراثي في استلام جزء من ثرواتها مقسومة على عدد السكان يبقى حقاً ثابتاً بموجب جميع قوانين الأرض وشرائع السماء.. وحيث إن الحكومة الموريتانية لم توفر لي الخدمات ولا فرصة العمل ولا أي شيء آخر... مما يبرر صرفها نيابة عني لنصيبي السنوي من هذه الثروة... فإنني أطالب من هنا وبالفم الملآن بحقي كاملاً... وعداً ونقداً مع الأرباح والمتأخرات بأثر رجعي.
معالي الوزير.. أنا مستعد لتزويدكم بعنوان سكني الحالي ورقم حسابي لكي ترسلوا لي عليه حسب الأصول وبانتظام جميع عائداتي السنوية من الدخل الوطني الخام مقسوماً على عدد السكان باعتباري واحداً منهم. وأنا أنتظر المبلغ، وأرجو ألا تعطلوه عن حامل الحروف. وفي استطاعتكم إرساله على وكالة «ويسترن يونيون»، أو حتى في شكل شيك موقع للصرف «يسلم لحامله»، أو نقداً في ظرف مغلق ترسلونه مع من تتوسّمون فيه الأمانة من المسافرين بالطائرة المتوجهين إلينا... وأود تذكيركم، في هذا المقام، بأنه ليس عندكم أي سند شرعي أو قانوني لحرماني من هذا الحق... لأن تلك العبارة المسلّية التي تقول "من غاب غاب سهمه" ساقطة في حالتكم أنتم تحديداً لأن "من حضر لا تقسمون معه"! إنني أعني ما أقول بكل جدية ولا أعرف معاليكم حتى أمزح معكم، ولست أصلاً في سن المزاح.. وأخبركم بأن أحلام المواطن أوامر... وأوامر الحكومة أوهام.. وطبعاً لا سلام على طعام.