العنوان الأصلي هو (عنقاء مشرق: اطلس البحث عن أصل الفولان القديم) و هو بحث من أربعة أجزاء نشره موقع سودانايل و في نهاية البحث تجدون روابط أجزاء البحث الأربعة من المصدر .. و مراسلون تعيد نشر البحث حرصا منها على متابعة ما يكتب عن تاريخ جميع مكونات موريتانيا العريقة.
عنقاء مشرق: اطلس البحث عن أصل الفولان القديم
اعتبر كثير من المختصين بعلم الاجتماع وتاريخ القارة الافريقية ان "الفولان يعدون اكبر الالغاز فى الغرب الاطلسى بأفريقيا حيث ظلوا فى قلب عملية " الاسلام الطُهرى" فى القرن التاسع عشر ( Hatch.1970). ومنذ القرن العاشر الميلادى بدءوا بالانتقال من مهجرهم فى هضبة فوتا- جّلون بوسط غينيا والتى ظلت مرعى لبقرهم ؛ رويدا رويدا صوب اراض الهوسا ؛ حيث عرفت هضبة فوتا جّلون بأرض العقيدة والحرية والامواه والفاكهة. وكان سكان المنطقة الاصليين شعب السوسو والتى ظلت تحت مملكة السوننكى والتى هى جزء من مملكة غانا القديمة ؛ والتى تعرضت لغزو الموحدين فى عام 1076. ومن هناك توجهوا إلى شرقى بحيرة تشاد حتى السودان ( Johnston.1967.24) . والفولان " هم اهل قصة إمارات القرن التاسع عشر ، واهل الجهاد حيث قاموا بتنقية الاسلام من الشوائب فى غرب افريقيا ". (Monad, 1975, Stenning 1959, 1966). وعرف الفولان بإنهم من اميز شعوب القارة الافريقية اذ يضمون اعدادا كبيرة من العلماء المختصين بالقرآن الكريم والشريعة الاسلامية وممن تصدى لتدريس الشريعة والسنة النبوية او الدعوة لها ؛ فهم متسنيين على نهج اهل السنة على المذهب المالكى ( Lewis, 1966) " .
كما عرفوا بالتمسك الشديد بالدين الاسلامى حيث كان فقهاء "التروبى" يمارسون مهمة تدريس القرءآن والسنة متجولين مع ظعائن رعاة الابقار ثم يختمون بالحج الى بيت الله الحرام. ولقد اسبغوا رعاية خاصة على كتبهم التى تعد كنوزا لا تثّمن. فهم قادرون على تلاوة القرءآن باكمله بالعربية ويحفظون عن ظهر قلب كل كتاب يقع بين ايديهم وهم يقضون السنوات العديدات فى سبيل التعلم ويجالسون العلماء. وكان اقل العلماء وسطهم يتحدث بثلاث لغات العربية والهوسوية والفولفلدية " (Last.1967).
ويروى الرحالة الشهير بارت عن لقائه شيخا كبيرا وضريرا من الفولان عام 1852 بمنطقة باغرمى (تشاد حاليا) أسمه سمبو. فقال بارت " لم اكن اتوقع قط ان أجد فى هذا الموقع النائى رجلا ليس متضلعا فقط فى كافة فروع الأدب العربى بل قرأ أيضا بل يقتنى مخطوطة من اجزاء حول ارسطو وافلاطون مترجمة الى العربية وذو معرفة تامة بالبلدان التى زارها ... هذا الرجل قد درس سنوات عديدة بالازهر فى مصروزبيد باليمن واشتهر بمعرفة علم اللوغريثمات من بغداد إلى الأندلس Barth.1857.111.373) " ، ويثبت الامام المهدى فى كتابه الى الشيخ حياة بن سعيد بن عثمان بن فودى مقام العلمية التى تميز بها علماء وفقهاء الفولان وفضل وتمكين الامة الفولانية ؛ ويقول فى كتابه ذلك " ... وما ذلك الا ان المؤمن ينظر بنور الله تعالى سيما انتم اهل لذلك لكونكم من اهل اليقين الذى هو الايمان كله ومن علماء الآخرة المتقين الذين أختارهم الله واصطفاهم لنفسه وجعل فى قلوبهم سراجا من نور قدسه ومكنهم فى الارض واسترعاهم على كافة خلقه " (ص 7 الخطابات المتبادلة بين الامام المهدى والشيخ حياتو) .
الشتات الفولانى:
انتشرت شعوب الفولان منذ اكثر من الف وثلاثمائة عام من نقطة انطلاق بجنوبى موريتانيا الحالية إلى شرقى الاطلنطى بفوتا- تورو (تمتد على طول الوادى الاوسط بالسنغال من منطقة باكيل إلى اعالى النهر حتى اسافل الدلتا وهى اشبه بواحة بين المنطقة شبه الصحراوية بشمال موريتانيا ومنطقة فيرلو الجافة جنوبا ) ؛ وفوتا- جالون (غينيا) وغامبيا. ثم ارتحلت افخاذ وجماعات كبيرة منهم بعد إقامة دامت هناك مئات السنين الى ماسينا والنيجر ومالى ثم شمالى نايجيريا - قبل ان تتخذ اسمها الحالى الذى وضعه الانجليز عام 1903. ويقيم اليوم شعوب وافخاذ الفولان فى شتات وأقليات مشدودة نحو الشرق ؛ فى كل من دول غينيا ؛ غينيا - بيساو ؛ غامبيا ؛ السنغال ؛ مالى ؛ بوركينا فا سو ؛ سير اليون ؛ ليبيريا ؛ ساحل العاج غانا ؛ توغو ؛ موريتانيا ؛ النيجر ؛ الكميرون ؛ نيجيريا ؛ افريقيا الوسطى ؛ شاد ؛ السودان ؛ جنوب ليبيا ؛ جنوب الجزائر ارتريا ؛ اثيوبيا ؛ السعودية واليمن. ولما يزل سلطانهم السياسى فى دست السلطة والحكم ونفوذهم الفكرى والأدبى والاقتصادى فعالا الى اليوم فى معظم بلدان الغرب الافريقى ؛ بل هم يشكلون نسبة كبيرة من الثقل الديمغرافى فى بعض من تلك البلدان.
ورغم ان الفولان قد شيّدوا إمبراطورية إسلامية واضحوا حكاما يشار إليهم بالبنان إلا انهم يعيشون كغرباء فى غربى الاطلنطى على حد قول الباحثين ؛ حيث قدرت موسوعة إنكارتا الصادرة فى عام 1999 ان عدد المتحدثين بلغة الفلفولدى يبلغ ما بين 15-20 مليون ؛ فيما قدر عدد الفولانيين بنايجيريا وحدها حوالى 20 مليون نسمة. والمتحدثون بلسانهم قرابة الثلاثين مليونا حيث اصبحت لغة الفولفلدى فى وقت ما اشبه ب " لينغوا فرانكا " فى غربى أفريقيا. ولقد سعى جمع من المؤرخين وعلماء الاجتماع والاناسة والرّحالة الغربيين من اجل التوصل الى اصل الفولان بعد ان جزموا بإنهم ليسوا افارقة بالاصل ؛ فوصلوا إلى شتيت الرؤى حول ذلك الاصل المجهول لديهم والمعروف لدى اهله ..
وكان دور الفولان رئيسا فى غرب الاطلنطنى بقارة افريقيا الموقع الذى تجمهروا فيه مرابطين بعد وصول طلائعهم الاولى من الموقع الذى وصفوه " الشرق ...حيث المياه العظيمة " فى تاريخ اختلفت المصادر فى تحديده. ولقد أحاط الغموض على مدى اكثر من الف عام بإصل الفولان الحقيق من بين سائر الامم حيث تميزهم بسمات خلقية وخلقية أكسبتهم خصوصية اثنية ومنظومة سلوك متسم بالفرادة مضاهاة بجيرانهم من شعوب القارة الافريقية ؛ ولقد أدى ذلك إلى وصفهم بكثرة التسميات التى عدها الراحل العلامة بروفسور عبدالله الطيب بإنها دلالة على شرف المسمى .
والمتفحص لاشكال شعوب الفولان يجد موزاييك الالوان (الباليت) المختلفة فهم اما بادية صفر الالوان او حمر بلون الطوب الاحمر على حد قول بوركهارت او بيض فى الاصل القديم الذى احاطت به التخرصات والمظان الاثنولوجية ؛ او وسطيو السمرة او حالكو السواد. وهذا الباليت لا يجتمع إلا لشعب او قبيل كبير يعقد عرى المصاهرة ويبسط علائق الاممية ويمتزج فى بوتقته الايدولوجية وحواملها الثقافية قبائل اخرى. ولذلك اختلف الباحثون حولهم تارة هم ساميون وتارة اخرى هم حاميون وفيهم البيض مثل الوان البربر. ولقد انشطر ت رؤى الباحثين حول التاريخية الفولانية فمنهم من ردها إلى تاريخ بعيد فى القدم ومنهم من ذهب الى ردها الى تاريخ متأخر فى القرن الثانى عشر الميلادى ويبدو ان التاريخ المتأخر نتج عن تحركهم الجماعى من غينيا صوب مالى والنيجر ونايجيرا واقامتهم فى منطقة ماسنا .
ان الدراسات المتعلقة بأصل الفولان على كثرتها لم تعقد مقاربة منهجية تؤسس لتجذير الفرضيات حول اصلهم العتيق بل كانت اما انطباعات عابرة لرحالة اوربيين وإن تخرجوا من جامعات غربية مرموقة ؛ او لفرضيات لم تحظ بالتحقيق والاستقصاء العلمى الرصين . ومن منظور مناهض للمقاربة الكولونيالية لعلم الاجتماع الغربى ينتقد بروفسور فايج - وهو احد اكبر المراجع فى التاريخ الافريقى- فى كتابه (تاريخ افريقيا) الاطروحات المتعلقة بأصل الفولان وتأرجحها بين "الخيال اوالواقعية ؛ حيث ان قدرا كبيرا من الادبيات المكتوبة حول تاريخ واصل الفولان لجأت الى إعطاء الفولان اصلا ابيضا تماهيا مع الدور الذى لعبه بناة الامبراطوريات من وجهة النظر الكولونيالية. اما الروايات المتأثرة بالاسلام فهى تفترض اصلا عربيا يمكن ان يكون يمنيا وان لم يكن من اليمن فإنهم ينحدرون من آل الرسول بالأخص.
واما ديلافوس فاعتقد بأنهم ربما كانوا ما اطلق عليهم المتهودين العرب او العرب-المتهودةJudeo-Arabs(ص 486 ). وبعض علماء الاجتماع تأسيسا على أساطير الفولان التى حددت مهدهم الاول بالشرق؛ زعموا بإن الفولان نتاج إختلاط بين اليهود والافارقة وقالوا بإن الفولان هم سلالة من يهود مصر هاجروا إبان العهد الرومانى فرارا من الاضطهاد دون توضيح فى اى عهد من العهد الروماني الالفي .
فمثلا يرى الفرنسى ديلافوس بإن الفولانيين ينحدرون من عرب ويهود سريان ؛ وزعم آخرون انهم ماليزيين اوهنود ا او فرس. واضاف آخرون انهم تحدروا من اصل اثيوبى او بربرى او من الشرق دون تحديد اصل المشرق هذا ...او بولينيزيين من الملايو. ومنهم من قال انهم هكسوس لتشابه الدور الحضارى وسط البيئة الغريبة او مصريين قدامى او فينيقيين لعادة لبس القبعات المحروتة على رؤوس البدو الفولانيين ؛ او عرب وهو الغالب على روايات نسابة الفلانيين . وعدتهم فئة اخرى جنس ابيض دون ان ترده إلى اصل محدد " الفولان جنس ابيض مثلنا " مثل مقالة لابوريه الفرنسى ؛ يعيش تائها فى ادغال القارة الافريقية وفى اطرافها السهلية بشرقى الاطلنطى.
وعقد باحثون المقارنات بين طابع البداوة الفولانية بمثيلاتها الفارسية والعربية والبربرية والرومانية. ووسمهم فريق بردهم إلى الحمأة الأولى الباكرة اى حاميين او ساميين وصلوا إلى افريقيا فى وقت مبكر. ولم يسلم بروفسور فايج نفسه المعروف بأنه احد اوثق المرجعيات فى التاريخ الافريقى من الوقوع فى مطب إغراء الاحتمالات العرقية التى سبقه إليها كثيرون ليقول بشكل طغى عليه الاحتمال " ان الفولان ربما يكونون قد قدموا من منطقة وادى النيل لأ نهم على وجه التحديد يحملون سمات شبه فيزيولوجية بالاثيوبيين او شعوب النيلوطيين بشرق افريقيا ". وان " ما يميز الفولان عن غيرهم من شعوب أفريقيا الغربية التخصص فى رعاية قطعان ابقار معينة وما ارتبط بها من حياة بدوية مستمرة ؛ حيث ادى الارتباط والقرب من الابقار الى تكامل الابقار مع مجتمع الفولانيين فأطلقت اسماء افخاذ الفولان عليها " (ص487).
ويستعجب بروفسور "فايج" كيف تأتى لهؤلاء القوم البدائيين بثقافتهم الاولية والاحيائية الجياشة ان يتحولوا الى محاربين ارستقراطيين ومؤسسين للامبراطوريات بالسيف فى يد والقرءآن فى اليد الاخرى؟ ولكيلا اطيل المشهد النقدى لتلك الفرضيات التى اختتمناها بإ ستغراب احد اكبر اساتذة تاريخ القارة الافريقية ؛ نتركها عند ذلك الحد ونتناول البعض منها بالتوضيح.
ويشير بايول إلى الملاحظة التاريخية حول الفلان التى ذكرها موريس ديلافوس المستشرق والمؤرخ الفرنسى (1870-1926م) وهى ان " الروايات الصادرة عن المسلمين تنسبهم فى الأصل إلى صاحبى الرسول (ص) الخليفة عثمان بن عفان والامام على بن ابى طالب" ؛ حيث ذكر ان الفولان القادمين إلى فوتا- جلون من ماسينا كانوا يتحدثون عن تأريخ مكتوب عنهم باللغة العربية مبديا أسفه ان تلك الوثائق لم تتم ترجمتها. ويقول ديلافوس ان الفولان يزعمون الانتساب إلى شعب ابيض وانهم جاءوا من الشرق. وانه اثناء اقامته وسط قبائل الفولان صعب عليه التوصل الى الحقيقة ؛ ولم يستطع ترجمة الوثائق المختلفة المكتوبة بالعربية التى ذكرت بشىء من الدقة والتفصيل أسماء شيوخهم واعيانهم الطليعيين فى ولايات تيمبو وفوغومبا ؛ والتى اصبح قائدها بالإسا س الزعيم السيادى لدولة فوتا - جلون ( ص 11).
وعلى حد قول ديلافوس ان الرعاة الساميين والفلاحين والحرفيين من حضارة متقدمة جدا ممن لم يتراجع مثل القرطاجيين والاحباش عن الاتجار مع السود وممن حمل لواء الاشعاع الحضارى متمثلا بتطوير حضارتهم إلى كثير من الجماعات فى بلاد السود ...قادمين بابقار الزيبو ..ومساهمين فى نماء سكان الساحل وماسينا والإختلاط مع السكان السود المقيمين فى ذلك الاقليم من قبل ؛ مشكلين على وجه الاحتمال خلية القبائل الرعوية الذين اطلقنا عليهم عبارة بول ويطلقون على انفسهم عبارة - فولبى- ولقد توسعوا فى وقت متأخر نحو الساحل (السهل) وما سينا حتى الاطلنطى من جانب ؛ وإلى ما وراء بحيرة تشاد من جانب آخر. وفى خاتمة المطاف انشأوا فى غربى تمبكتو ، وفى غانا ، دولة ظلوا سادتها لوقت طويل . وما يجدر ذكره ان الدارسين الغربيين قد رصدوا تمسك الفولانيين الشديد بالنقاء العرقى ولكن بعد إعتناقهم الاسلام تحولت عصبية النقاء الاثنى إلى ذلك المعتقد الدينى الجديد . وعن لغز الفولان يورد (H.A.S.Johnston ) فى كتابه: سوكوتو إمبراطورية الفولان الصادر عن دار نشر جامعة اوكسفورد عام 1967 بإن " الفولان يشكلون اكبر لغز فى افريقيا حيث أقاموا فى بلاد السودان لاكثر من الف عام ... وأنهم اكثر ذكاء من بقية شعوب القارة الافريقية ". ويقول ان الفولانيين "ملامحهم تختلف كثيرا عن بقية شعوب السودان مما يجعلهم متحدرين من اصل بمكان آخر بدون ادنى شك ". و يمكن تمييز الفولانيين عن غيرهم من الافارقة. وينتقد " اكثر النظريات رومانسية واقلها رجوحا بتلك القائلة بإنهم إحدى قبائل بنى إسرائيل الضائعة او أنهم احفاد الفيلق الرومانى الذى ضل طريقه فى الصحراء فإنتهى به المطاف إلى غربى القارة الافريقية ".
وتؤكد فرضية جونستون الكلية ان اصل الفولان القديم يوجد بالشرق الأوسط او شمال افريقيا. ثم إتخذوا وجهتهم لاحقا منتشرين صوب القارة الافريقية. وهناك اقاموا لفترة طويلة وتحد ثوا باللغة السائدة وسطهم حاليا. ونظرا لأنه عاش فى غرب السودان يجزم بإن الفرد من الفولان يتميز عادة فى المظهر الجسمانى المثال ؛ بالصفرة النحاسية الفاتحة للبشرة والشعر المسبل او السابغ والأنف الضيق ( الطويل الاقنى) والشفاه الرقيقة بجانب الهيئه النحيفة. وان الفولان وأعمامهم التروبى يتميزون بالذكاء الحاد ويعظّمون العلم والحكمة وبالأخص المسلمين منهم.
ومن الواضح ان الهيئة الجسمانية المفارقة للفولان والتى كثيرا ما اطنب الرحالة والباحثون الاوربيون فى الاشارة إليها بالاضافة إلى مواهبهم العقلية التى على حد جونستون لا يخامرها الشك قد خلقت حسب رأيه مفاهيم كثيرة حول اصل هؤلاء الفولانيين . ويقول ان افضل الوسائل للعثور على الاصل الاثنى للفولان هو اللغة التى صنفها علماء اللغات ضمن اسرة اللغات النيجر- كردوفانية؛ واذا تم إعتبار ان لغة الفولفلدى تنتمى إلى اسرة اللغات الحامية او الافرو- أسيوية فيمكن عندها الاعتقاد بيسر انهم كانوا نتاجا لمصاهرة تمت فى الماضى بين عناصر جاءت من شمال أفريقيا ومجموعات افريقية سوداء.
ولكن يستدرك جونستون بإن المصادر الحديثة تجمع على انه لا توجد بالفعل اية صلة بين لغة الفولان اى الفولفلدى وبين اى واحدة من اللغات المدرجة فى تصنيف اللغات الافرو- أسيوية ؛ بل انها بدون شك تنتمى إلى مجموعة اللغات السودانية او لغات النيجر- كنغو. وتأسيسا على ذلك يورد بإن الفولان اما ان يكون اصلهم فى الطرف الغربى الاقصى من السودان او تخلوا اثناء إقامتهم هناك عن لغة ام سابقة لقاء اللغة الجديدة الحالية. ونظرا لأن الفولانيين ميالون إلى تغيير لغتهم بجانب التباين الكبير فى ملامحهم الجسمانية مقارنة مع ميزاتهم ؛ فإن جونستون يرجح الفرضية الثانية بإنها الاقرب إحتمالا. ويقول ان إسم العلم عقبة الوارد فى روايات الفولان هو عقبة بن نافع الفهرى قائد الفتح الاسلامى العربى بشمال افريقيا اواسط القرن السابع الميلادى. ولذا يرى ان باجو- منغو الجدة التى تزوجها عقبة يعود أصلها إلى فلسطين مما يؤكد ان اصل الفولان يوجد بالشرق الاوسط .
التنسيب الاسطورى واللسان الغريب:
بلغت هجرة شعوب الفولان صوب الشرق من مواقع الظهور الاول بشرقى الاطلنطى ؛ حتى حوض شاد ودارفور حوالى القرن الثالث عشر الميلادى نظرا لوفرة المياه والمراعى ولوجود مجموعات رعوية بالمنطقة تمارس حرفة رعى الابقار من بينها عرب الشوا الذين جاءوا إلى سهول غرب شاد فى القرن الثامن عشر حسب الدراسة التى اجراها اولريخ براوكامبر(ص 92؛ . (اولريخ براوكامبر ؛ . معهد فروبينيوس –فرانكفورت : The cow emerges from the water : Myths relating to the origin of cattle in the Chad basin 1990 -1993 ؛ ويشير الباحث إلى ان عرب الشوا يؤمنون بإسطورة " البقر البرمائي" الواردة فى سياق التراث الشفاهى او القصص القومى للفولان الذين وصلوا إلى المنطقة قبلهم والذى يمكن ادراجه ضمن دائرة تراث الاساطير الا تيولوجية ؛ حيث يدور محور الاسطورة حول كائن على شكل روح مائى - جن- حبلت منه إمرأة تدعى " با جو منغا " ليصبح الجد الاعلى لفرع البرورو الفولانى (ص 193 ).
ان اساطير تربط بين البقر ليست حصرا بالتراث الخرافى للفولان ولكن فى مصر القديمة كان العجل آبيس يمثل تجسيدا لبتاح– نا- بتاه ؛ اله النيل. والفولان باعتبارهم من الشعوب التى تختص بشدة الارتباط بالبقر ورعيه وبالاخص فخذ - فولبى - نا ء يى ؛ اى البقارة. وظاهرة ارتباط البشر الشديد بالبقر بحيث يصبح البقر الجوهر الرئيس الذى يقوم عليه الدين او الثقافة بحيث تصل مرتبة الحيوان إلى الشراكة مع الانس تناولها توكسير واسماها " بولاترى. وان الاسطورة الجوهرية لدى "الفولبى" رعاة ام حضرا تشير إلى جدة اعلى بإسم باجو منغا– باجيمونغو ولكنهم تحدروا من علاة اى آباء مختلفين.
اللسان الغريب:
اما ( Stenning.1959) فيذكر فى كتابه المشار إليه المحايثة الاسطورية الملتبسة بالاصل الفولانى القديم حيث يورد إن احدى الروايات المتعلقة بالاصل الاسطورى للفولان تذكر ان عربيا مسلما يدعى عقبة تزوج امرأة سودانية اسمها با جو– مانغا. وفى ذات يوم تركت باجو- منغا زوج عقبة اصغر اطفالها لدى احد إخوانها وذهبت تستسقى الماء . وعند عودتها وجدت ان اخاها يهدهد طفلها بلغة غريبة. وحين أخبرت زوجها عقبة اعتبر ان ذلك علامة على ان هذا الطفل سوف يكون المؤسس لأمة جديدة لا تتكلم بلسان ابيه العربى ولكنها ستكون الأمة المنقذة للاسلام. هذه الرواية تبدو اقرب الى الرؤيا منها إلى اى شىء آخر؛ نظرا لأن اللغات لا تنبثق اسطوريا بل لا بد من تعلمها فى وسط ثقافى رافع او حامل لتك اللغة المعنية بالذات.
وليس من الممكن تعلمها بطريقة " وعلم آدم الاسماء كلها " او كما اورد المؤرخين العرب ان سيدنا إسماعيل هو او ل من نطق بالعربية حيث فتق الله لسانه بها مع العلم بأن الشائع فى التاريخ ان النبى اسماعيل أقام وسط الجرهمين اليمانيين وتزوج فيهم . فإن جاز الفتق الاسطورى فى السنة الانبياء مثلما ورد ايضا فى اساطير اليهود ان ابراهيم فتق الله لسانه بالعبرية حين عبر نهر الفرات وهو طريد او شريد من عتو النمرود ؛ وان إسماعيل حسب رواية الاخباريين العرب قد فتق لسانه بالعربية؛ فمن قبيل التخريج قد يصح الزعم بإن عقبه هذا قد قام بتأويل الرؤيا التى رأتها زوجه.
أطروحة الأصل السامى المشرقى واليهودى:
كثيرا ما يشير الباحثون إلى انساب التوراة ويردون أصل الشعب الفولانى إلى سام او حام ؛ الشائع فى كتب الانساب التوراتية والعربية ان حام بن نوح من ولده السودان والهند والسند والقبط وكنعان باتفاق. وفى اخبار العرب انه كان له على ما ذكر في التوراة أربعة من الولد وهم: مصرايم وكنعان وكوش وقوط / فوط . فمن ولد مصر عند الإسرائيليين فتروسيم وكسلوحيم. ووقع في التوراة فلشنين منهما معا ولم يتعين من أحدهما. وبنو فلشنين هم قوم جالوت الذى هزمه النبى داؤد عليه السلام. ومن ولد مصر كفتورع وهم أهل دمياط وعرفوا بمسمى " قبطقاى" ويحتمل ان يكونوا القبط المعروفين. ومنهم الأنقلوس ابن أخت قيطش الذي خرّب القدس في الجولة الكبرى على اليهود. ومن ولد مصر عناميم والذين أقاموا فى نواحي الإسكندرية ؛ ومنهم أيضاً بفتوحيم ولوديم ولهابيم. وأما كوش بن حام فذكر له في التوراة خمسة من الولد وهم سفنا وسبا وجويلا ورعما وسفخا .
ومن ولد رعما شاو وهم السند ودادان وهم الهند. وفيها أن النمرود من ولد كوش. و أن زويلة هم أهل برقة. وأما أهل اليمن فمن ولد سبا وأما قوط فعند أكثر الإسرائيليين أن القبط منهم. ونقل الطبري عن ابن إسحق أن الهند والسند والحبشة من بني السودان من ولد كوش. وأن النوبة وفزان وزغاوة والزنج منهم ينحدرون من كنعان. وخرج الطبري أحاديث مرفوعة أن سام أبو العرب ويافث أبو الروم وحام أبو الحبش والزنج وفي بعضها السودان وفي بعضها الآخر: سام أبو العرب وفارس الروم ويافث أبو الترك الصقالبة ويأجوج ومأجوج وحام أبو القبط والسودان والبربر. ونقل ابن إسحق: أن سام بن نوح كان له من الولد خمسة وهم أرفخشذ ولاوذ وإرم وأشور وغليم. وأن بني أشور هم أهل الموصل وبني غليم أهل خوزستان ومنها الأهواز. وقال ان ولد لاوذ أربعة : طسم وعمليق وجرجان وفارس. ومن بنى عمليق هذا الكنعانيون وبرابرة الشام وفراعنة مصر. وكان العماليق يتكلمون بالعربية وفارس يجاورونهم إلى المشرق .
الهجرات القديمة إلى شمال أفريقيا ومغربها:
على حد قول شامبليون الشعوب القادمة من المشرق والتى أتخذت من شمال أفريقيا ملجأ وموطنا بأنها تضم الزنوج المعروفين يمسمى " كرو- مانيون " وهم جنس انقطع منذ عشرة الف عام. وزنو ج العصر الكا بسى ؛ وزنوج العهد الفينيقى– وهم كنعانيون تم إخراجهم من فلسطين القديمة من قبل يوشع بن نون إثر دخول بنى اسرائيل ارض كنعان . وعلى وجه التحديد يذكر المؤرخ اليونانى " استرابون" انهم سبع قبائل قدموا الى مصر ولم يجدوا موضعا للاقامة فيها فأنتقلوا إلى شمال أفريقيا. نستشهد بمقالة علماء الانساب القدامى حيث ورد ان كنعان بن حام ذكر من ولده في التوراة أحد عشر: منهم صيدون ولهم ناحية صيدا ؛ وإيموري ؛ وكرساش. وكانوا بالشام وانتقلوا عندما غلبهم عليه يوشع بن نون إلى إفريقية فأقاموا بها. ومن كنعان أيضاً بيوس ( اليبوسيين وهم سكان بيت المقدس الاصليين) وكانوا ببيت المقدس وبعد هزيمتهم من النبى داود عليه السلام انتقلوا إلى إفريقية والمغرب وأقاموا بها. ومنهم أيضاً عرفان وأروادي وخوي ولهم نابلس وسبا ولهم طرابلس وضمارى ولهم حمص وحما ؛ ولهم أنطاكية ؛ وكانت تسمى حما باسمهم. هكذا غدا إقليم شمال افريقيا وربما غربها مهجر المضطرين و منفى المدحورين من بنى كنعان بعد خسرانهم معركة البقاء فى أرضهم إثر انتصار بنى اسرائيل وانتزاعهم ما أسموه " الارض الموعودة " فى بيت المقدس التى وعدها الله لذرية إبراهيم الخليل. ونتيجة لذلك يقول بارى فيل الذى قام بفك شفرة اللغة الكنعانية إن تلك اللغة كانت شائعة قبل 3000 عام فى كل من ليبيا القديمة ومملكة سبأ.
ومن الجدير بالملاحظة ان الكنعانيين لم يخسروا فقط معركة البقاء فى ارضهم بالشام بل خسروا إنسانيتهم فى عالم قديم مفخخ بالعنصرية تجاه اللون الاسود . وحيثما انشأ التوحيد الدينى أمة جديدة فأن أمة او امم اخرى اندحرت بثمن الشرك فاتحة أبواب الاغتراب على مصراعيه وهذا طبيعى ؛ ولكن يكرّس العهد القديم فى التوراة نبذا لونيا أيدولوجيا بجدهم حام سيكون له اوخم العواقب فى إسترقاق السود ذرية حام وكنعان من بعد. ويقول انتا ديوب فى كتابه ( الاصول الزنجية للحضارة المصرية ) " انه ليس من باب الصدفة ان لعنة حام والد كل من مصرايم وفوط وكوش وكنعان ان تصيب كنعان وحده نظرا لإقامته فى البلد الذى أشتهاه اليهود طوال تاريخهم ". ومن حيث الدعاية الايدولوجية التى يضعها دائما المنتصر يغدو حام " ملعونا وملطخا بالسواد وسلفا للزنوج عندما يكون ذلك فى خدمة الغرض المقصود ... ولكن حام هذا يصبح ابيض كلما جرى البحث عن أصل الحضارة ؛ لأنه متواجد فى هذا البلد الذى كان أول بلد متحضر فى العالم" ( ص 25-26 ). وبالتالى لم تجد ذرية حام وابنه كنعان ومن بينهم النوبه الذين هم أصل معظم سودانيى القارة الافريقية خيارا سوى الاعتصام بسواحل افريقيا الشمالية والغربية وأدخل من ذلك صوب اليابسة الافريقية كما فعل ؛ إثر خسارة المعركة الحضارية ليلحق بهم فى وقت لاحق الفينيقيون بدافع التجارة والهكسوس بحثا عن ملجأ بعد إطاحة ملكهم فى مصر ؛ والسراكولى والطوارق.
وهناك ايضا البربر " الامازيغ " الذين وصلوا فى وقت مبكر إلى شمال أفريقيا من فلسطين فى احدى الروايات بعد خسارتهم الموقعة التى دارت بين النبى داؤد وجالوت ؛ وكانوا جالوتيين ؛ وفى روايات اخرى انهم قدموا من اليمن ؛ حيث قام إبن خلدون بتفصيل أنسابهم وقبائلهم فى كتابه حول التاريخ. وقال هشام بن محمد الكلبي: إن البربر من ولد عمليق بن لاوذ وأنهم بنو تميلة من مأرب بن قاران بن عمر بن عمليق ؛ ولكن هناك من نسبهم إلى كنعان بن حام ؛ ليجعل منهم إخوة للافارقة . ومن الشعوب التى أقامت فى شمال أفريقيا الهندو-اوربيون وذلك منذ بداية 1500 ق.م. واختلطوا مع الزنوج فى شمال أفريقيا ؛ ومنهم زنوج العهد الرومانى ويشملون المولدين . وهناك أيضا قبائل الفندال والهيطل الذين قدموا من أقاصى المشرق والذين وصلو إلى اسبانيا بعد المرور بروما وتخريبها ونهبها ثم دخلت فرق منهم المغرب الاقصى .
وقدم الفينيقيون إلى شمال أفريقيا من لبنان وشرقى البحر المتوسط واشتهروا بالتجارة عبر البحار وانشأوا قرطاج التى دمرها الرومان ؛ كما وصل القائد الشهير هرقل الروم إلى إسبانيا بجيشه القادم من المشرق ومات فى اسبانيا مما ادى إلى تشتت مكونات جيشه ودخلت منهم فرق شمال افريقيا. وهناك الحميريون مثل الطوارق الذين نسبهم عبد الرحمن السعدى فى كتابه عن تاريخ السودان إلى مسوفة من قبيلة صنهاجة الحميرية كما جاء فى كتاب الحلل الموشية فى ذكر إخبار المراكشية. وأشار عبد الرحمن ابن خلدون فى تاريخه إلى هجرة صنهاجة من ريف الحبشة الى المغرب الاقصى. وهناك هجرة المور ( موروس) ؛ وهم ساميون ؛ الفاتحون العرب وسلالاتهم المولودة فى الاندلس وآخر خروج منها كان فى عام (1492 م) بعد طردهم بصحبة اليهود من إسبانيا لخسارة ملكهم هناك بعد أن تحولوا إلى طوائف متفرقة. ويقول ما سبيرو ان مصرايم وحام وكنعان وكوش وفلسطين وفينيقيا قبل اليهود والسوريين (كنعان) والجزيرة قبل العرب ( فوط وحويله وسبا) كان يسكنها زنوج . والفينيقيون انتقلوا من البحر الاحمر( خلاف حول الباحثين حول البحر الاحمر المعروف لدينا ام الخليج الفارسى) إلى موقعهم المعروف على البحر الابيض المتوسط .
اطروحة الأصل اليهودى:
جيراندون ( 1888) و موريل (1902) وديلافوس ( 1912) وتوكسير (1937) قالوا بأن أصل الفولان اما يهودى او سريانى حيث يعتقد ديلافوس بأن ملامح الفولان مشابهة لملامح الآراميين. اما ( رونسيير ) فقال انهم ساميون ومهاجرة من اليهود جاءوا من فلسطين إلى السودان عبر مصر. وبعد طرد الملوك الرعاة الهكسوس من مصر يعتقد موريل إن عددا كبيرا منهم توجه الى قلب افريقيا عبر طريق سيرينايكا حيث يؤكد بأن " النكهة العبرانية تتخلل كثيرا من عادات الفولان وبالاخص العناصر النقية عرقيا وهو ما سجله مراقبون. واورد ان كابتن قيرودون الذى اقام وسط الفولانيين لعدة سنوات بمنطقة سينغامبيا وقام بإعداد دليل للغة الفولفدى اشار فى محاضرة قدمها امام مؤتمر المستشرقين السابع الى اندهاشه بمعرفة الفولان الدقيقة بتاريخ اليهود حيث من المألوف لديهم التحدث عن الشخصيات الرئيسة فى العهد القديم والاحداث الاساسية المذكور فيه مما دعا ه الى الشك فى حصولهم عليها من المصادر العربية وحدها .
ويذكر إشارتهم الى تلك الازمنة الغابرة وكأنها تعاطى مع مدوناتهم القومية الخاصة ولذا فهو يعتقد ان الانبياء إبراهيم وموسى ربما كانوا افرادا ينتمون الى نفس العرق الذى ينتمى اليه الفولان. حيث ان النبى موسى " يلعب دورا مهما فى اساطيرهم الشفاهية وبالرغم من ان مقاطع من التوراة قد تم تمثلها إلا انهم يملكون نبرة عبرانية وتوراتية ما ينفى اى تأثير للمصادر العربية ". كما لاحظ ان قصصهم الاسرائيلى يتوقف فى فترة ما بعد عهد النبى سليمان وان ما يعرفونه من معجزات حول المخلّص شائهة ومغلوطة ما يؤكد ان العهد الجديد قد بلغهم من البعد وفى صورة مبهمة ومجزئة. ويخلص كابتن قيرودون إلى ان الفولان وان كانوا لم يعتنقوا اليهودية انفسهم إلا إنهم من غير شك ظلوا على إتصال باليهود فى الأزمنة الغابرة وانهم قد تأثروا فى زمن ما بالإسرائيليين وانهم قد تلقوا أساطير العهد القديم منهم مباشرة.
ويخلص موريل الى ان الفولان هم أحفاد الهكسوس الذين هاجروا غربا بعد اندحار حكم الرعاة الفاتحين فى مصر وذلك لأن عاداتهم تشهد على ان اسلافهم قد تأثرت طقوسهم الشعائرية بالممارسات الدينية لقدماء المصريين والاسرائيليين بدلتا النيل فى وقت متزامن مع حكم الهكسوس . ومن الكتاب المتأخرين حول أصل الفولان موريس آبادى فى كتابه ( مستعمرة النيجر ) والذى يؤيد رأى القائلين بأن أصل فولان النيجر سامى وان ذلك ليس قابلا للشك. وعبر اى طريق جاءوا إلى غرب الاطلنطى فإنه يى إحتمال تعرض عدد كبير من اليهود الذين بقوا بمصر بعد خروج الاسرائيليين مع موسى الى الطرد باتجاه اثيوبيا لا سيما صوب سيرينايكا حيث اختلط بقدر كبير او قليل مع البربر. ولحق بهؤلاء عام 330 ق.م. اليهود الذين تم إجلاؤهم من فلسطين بعد ان احتلها بطليموس سوتر. وفى سرينايكا شكل هذا الاندماج مكون بشرى يهودى- سريانى مختلطا مع المصريين وقليل من البربر وهذا هو أساس الفولان.
وبعد تعرض هذا المكون البشرى للاضطهاد الرومانى خلال القرن الاول الميلادى سعى القديس مارك إلى تنصير بعض من هؤلاء اليهود الفوطيين " جويش فوده / فوتى" فهاجروا مع قطعانهم تجاه الجنوب الغربى حتى بلغوا منطقة آيير ؛ ثم منحنى النيجر واخيرا انتهوا الى مراعى ماسينا الخصبة. بوصفها ارضا للميعاد ؟ ليكونوا تحت ضيافة السوننكى. ولما نجح الفوطيون المهاجرون فى الهيمنة على السوننكى ثار هؤلاء وطردوا الفوطيين الذين استقروا بمنطقة " نيما " فى اواسط القرن الثانى الميلادى. وبعد مدة لحق بهم مجموعات اخرى من اليهود من سيرينايكا عبر طريق طراببلس توات وجنوبى المغرب وهؤلاء هم اليهود الرعاة الذين لعبوا دورا فى تأسيس وتطوير امبراطورية غانا.
اما " فرانسيس رينيل رود" فى كتابه ( شعب الحجاب ) فقد وصف الفولان بمنطقة دامرغو بالنحافة والملامح الجميلة وسواد اللون وان هيئتهم تشبه هيئات الاشوريين. ويلاحظ ان الفولان يتسمون بالهيئة السامية ولكن انوفهم ليست غليظة او ملحمة بل مستقيمة وهى واضحة فى ملامح النساء اكثر من الرجال ؛ فإن كانوا من أصل يهودى فإن غياب الانف الحتىّ ( الملحم) يجعلهم من اصل الشعوب الأُول. ويقول ان الفولان ذوى إعتقاد بانهم سيعودون يوما ما إلى المشرق حيث تؤكد تقاليدهم بانهم جاءوا من هناك ؛ ومراعاة لهذا التقليد فإن اعداد منهم استقرت فى سودان النيل عاما تلو عام ؛ إى توطئة للعودة إلى أرض الميعاد. فى كتابه " لغات افريقيا " الصادر فى عام 1920 قال موريس ديلا فوس " الفولان الاقحاح بدون منازع هم من أصل ابيض وفى الغالب ساميين حيث يعتقد بإنطباق علم الاجناس البشرية والتقاليد التاريخية فى هذا المجال. و" أنا متأكد بشكل مطلق بإن لغة الفولان ليست لغة حامية حسب إعتقاد " ماينيهوف ووسترمان " ولكنها لغة زنجية مثل لغات البانتو والتى تمت لها بصلة القرابة " .
وفى مؤلف آخر " أعالى السنغال والنيجر " قال ديلافوس و " بعد ان تم إبعادهم من قبل السوننكى بمنطقة واغادوغو فى القرن التاسع الميلادى فقد إحتل السريان اليهود منطقة فوتا حيث اختلط البيض والسود بقطعانهم يصحبهم عدد كبير من الحدادين ؛ وكان اسم زعيمهم إسماعيل حيث بقيت السلطة خلال قرنين بيد السريان اليهود الى ان تم مقتل آ خر اباطرتهم فى منطقة تكرورين . ثم انتشر الناس وسط القبائل الفاتحة ليصبح السريان- اليهود فولان – بول اى اهل الشتات ". ويعول الباحثون امثال " ميل هامبيرغر " بوجود علاقة بين اللغات الدرافيدية وبعض اللغات الافريقية مثل لغات السرير بالسنغال ولغة الفولفلدى . كما اوضح " غرينبرخ " فى تحليلاته اللغوية وجود علاقة بنيوية وتشابه بين لغات السرير والوولف فى السنغال ؛ وبالتى تشابها مع الهيروغلوفية المصرية. وفى موضع آخر يوضح ديلافوس ان الفولان هم أحفاد اليهود الذين كانوا يقيمون فى طرابلس (تريبوليتانيا) وسرينايكا والذين لجأوا إلى الصحراء على اثر الاضهاد الرومانى الكبير فى عام 115 م. وحول الاصل اليهودى يشير " بالمر " إلى أن الفولان هم خليط من العرب والبربر المتهودين والذين قدموا الى المغرب خلال الفترة (650-750 م) مع الدرعيين المقيمين فى وادى درعة الذى ينبع من سفوح المرتفعات الواقعة جنوبى مراكش ويصب فى الخليج الاطلنطى.
أطروحة الاصل السامى المشرقى:
فى كتابه شؤون غرب أفريقيا أفرد " إدموند دى موريل " فصلا عن اصل الفولان فقال " ان اساطيرهم وسحناتهم وقاماتهم وتطورهم الذهنى ؛ وصفاتهم العضوية تشير كلها بالتأكيد إلى ان الشرق هو موطن الفولان. ولكنه يختلف مع اطروحة " ام . فيليكس دو بوان " ان المورالذين طردوا من اسبانيا قاموا بإخراج الفولان من منطقة ادرار بشمال السنغال. وعزز موريل رؤيتة حول قدوم الفولان من المشرق بالدراسة التى اجراها " دكتور فيرنو" على خمس من جماجم زعماء الفولانيين فى منطقة فوتا – جالون ؛ حيث تبين له انها تماثل جماجم قدماء المصريين. واستشهد كذلك بملاحظات " د. بلايدن" بقوله إن اول ما يلفت انتباه الغريب لدى دخول احدى مدن الفولانيين هو ملامحهم القوقازية وبالأخص كبارهم. ولكن من حين إلى آخر فإن اطفال الاسر التى تتميز بكافة سمات الاسرة السامية يبدو تكرار نموذج الفيزيونوميا النغروية الثابتة " والتى عزاها الى الاختلاط بالنغرويات ؛ ويذهب موريل مؤكدا ان لغة الفولان تفرعت من لغات سامية سابقة. ويشير بروفسور ديكسون فى كتابه حول " التاريخ العرقى للبشر": ان الفولان ينحدرون من شعب يتسم بالطول واللون الفاتح وهم الذين دخلوا افريقيا من قبل الشمال الشرقى فى وقت مبكر من العصر النيوليثى . وهم من الصنف القوقازى ذوى الرؤوس الطويلة والجماجم العالية والانوف الضيقة. ويعتقد بإن فرعا من هؤلاء القوقازيين قد وصل إلى السودان عن طريق بلاد النوبة ؛ وربما بلغت جماعة منهم سواحل الاطلنطى واضعة اساس الشعب المثير للاهتمام الذين من احفادهم الفولا. وهو يرد الفولان والبربر إلى أصل واحد ؛ لأن القادمين الجدد تمكنوا من بسط سيادتهم ليكونوا اساس الليبيين والبربر.
ولذا فهو يستبعد مقولة ان الفولان شعب اسود امتص عناصرا من المهاجرين الشرقيين من ذوى الثقافة الرفيعة ولكن جزء من السكان القدامى من آسيا ممن توجه فى وقت مبكر صوب الحزام الغربى لأفريقيا وعبر طول الزمن امتصوا عناصر زنجية كبيرة من السكان القدامى حيث يعتقد بأنهم احتلوا السودان ومعظم الصحراء. كما يعتقد وليامز فى كتابه " عبرانيات غرب أفريقيا " ان الكونفدرالية البيضاء التى ذكرها " ديسبلان " ليست سوى غزو العبرانيين من الشمال الذى تمثلت ذروته فى مملك غانا اليهودية ولقد أشار عبد الرحمن السعدى فى كتابه تاريخ السودان الى 44 ملكا من سلالة بيضاء مجهولة الاصل تداولوا الملك فى مملكة غانا القديمة ؛ حيث اختلف فى أصلهم فالبعض قال إنهم فولانيون والبعض الآخر قال انهم عرب بينما قال آخرون انهم يهود . فردريك لوغارد (المفوض السامى البريطانى بشمال نيجيريا 2900-1906 وحاكم عام نيجيريا 1914-1919 ) لاحظ ثناء إقامته بنيجيريا ان فولان الحضر الوانهم سوداء مع إختلاف عن الزنوج بشكل طفيف فى مجالات أخرى ؛ اضافة الى تميزهم بخصائص أخرى للشعوب الحامية ؛ ولكنهم يعتبرون انفسهم شعبا ابيض. وذكر الدبلوماسى والرحالة الباحث البريطانى ريتشارد بيرتون ان المأثورات الاثنوغرافية (علم الاعراق البشرية) لليوروبا تربط الفولان بالاوربيين إذ يقولون- إيا ايبو نيى فولانى" اى ان الفولان قبيلة من أعالى البحار" اى بيض . ( ف.جى. لوغارد ؛ الانتداب المزدوج فى أفريقيا الاستوائية البريطانية ؛ 1923 ).
انساب الفولان عبر الحقب والأزمان
منذ عام 1785 إلى عام 1912 ( مدة 127 عاما ) كان الفولانيون يردون على البحّاثة وعلماء الاجناس والرحالة الغربيين الذين أبدوا إهتماما منقطع النظير لمعرفة أصلهم الحقيقى ؛ بإجابة واحدة تكررت عبر الحقب ؛ ولكن الغربيين كانوا يبحثون عن أصل لهم تعويلا على بعض الملامح والقسمات المشتركة بينهم وبين الشعوب الاخرى وهو امر لا يخلو منه قبيل او شعب فى الارض . ونستعرض ادناه طائفة من كتب هؤلاء الباحثين وغيرهم فيما يخص إجابة الفولا نيين حول السؤال المتعلق بأصلهم:
فى كتابه المعنون " إقامة بالسنغال " ( 1785-1787) قال (غولبيرى ) ان الفولان من أصل هندى ؛ ولم يبرز إجابة الفولان حول أصلهم ؛ ( وينتر بوتوم وماثيوز) فى كتابهما المعنون " رحلة إلى فوتا - جلون" (1790) قالا إن الفولان يهود سريان ولكن إجابة الفولانيين له كانت أنهم " عرب " . ( مولين ) فى كتابه بعنوان " رحلة إلى فوتا وبندو" ( 1818) قال إنهم من شعوب الصحراء ؛ واجاب الفولانيون انهم " عرب " . ( كلابرتون ) فى كتابه " رحلات إلى إلى شمال نيجيريا" (1824- 1826) لم يدل بفرضية حول أصلهم القديم ولكنهم قالوا له إنهم " عرب- عقبة " . وذكر ( لا ندير ) فى كتابه "رحلة إلى شمال نيجيريا" ( 1826) انهم من أصل شرقى ؛ واجابه الفولانيون أنهم " عرب- عقبة " ( ديشتال ) ذكر فى كتابه " توليفة من أوربا" (1840) انهم ماليزيون- حاميون ؛ ولكن الفولان اجابوه انهم " عرب " ؛ بينما لم يدل ( تومسون) برأى حول أصلهم فى كتابه " إقامة فى فوتا " (1842-1843 ) ولكن الفولان أكدوا له بأنهم " عرب ".
( رافينيل ) فى كتابه " رحلة إلى كارتا " (1846- 1847) لم يدل برأيه حول أصلهم ولكنهم أجابوا على سؤاله انهم " عرب- عقبة " ؛ ( هيكارد ) فى كتابه المعنون " رحلة إلى فوتا- جلون وبندو" (1850) لم يدل برأى حول أصلهم ؛ ولكن الفولانيين اجابوه انهم " عرب ". ( بارت ) فى كتابه "رحلة عبر وسط السودان" ( 1851-1855) قال إنهم من أصل شرقى ؛ ولكنهم قالو له إن أصلهم م " عرب ". ( ويلسون ) فى كتابه " إرسالية فى غامبيا" (1850) قال إنهم حاميون واجابوه أنهم " عرب " .
( لا مبيرت ) فى كتابه " رحلة إلى فوتا - جلون" (1860) لم يدل برأى حول أصلهم ولكنهم أجابوه انهم " عرب من فاس" . ( لينز ) فى كتابه " رحلة عبر شمال وغرب أفريقيا " ( 1879 -1881 ) قال إنهم من أصل شرقى – حامى ولم يورد إجابتهم. وفى كتابه "رحلة عبر أعالى النيجر وفوتا- جلون وبلى - دوقو" ( 1881-1883) قال ( بايول ) إنهم " نوبيين - بربر" وكانت إجابتهم حول الأصل أنهم " ذرية على بن أبى طالب وعثمان بن عفان".
( بينقر ) فى كتابه " رحلة عبر غرب أفريقيا " (1887-1889) لم يشر إلى إجابتهم ولكن قال إنهم من أصل شرقى . ( دينيكر ) فى كتابه " أنهار الجنوب وفوتا- جلون " (1990) لم يورد اجابتهم ولكنه قال إنهم اثيوبيين مخلطين بدم عربى وبربرى. ( د. فيرنو ) قال إنهم خليط اثيوبيين قدماء ومصريين ؛ و ( ماشات ) (1906) قال إنهم اثيوبيين أو بربر ؛ و ( ديلافوس ) خبير إدارى بالمستعمرات الفرنسية فى غرب أفريقيا (1912) قال إنهم ربما كانوا يهود – سريان ؛ وإجابتهم له انهم "عرب" . وفى موضع آخر ذكر انهم اما من أسرة الرسول ص او يمانية. وبالنظر فى كتب ومدونات علماء الفولانيين نجد ان أصول النسب الثابت عندهم لا يختلف عن إجابات الفولانيين للبحاثة الغربيين والتى اثبتها البعض منهم ثم ذكر رأيه الخاص حول الاصل ومنهم من صمت عنها مكتفيا بذكر رأيه فقط .
وانبرت نخبة من علماء الفولان لتدوين أنسابهم فى مدونات ومخطوطات وكتب باللغة العربية وهذا ما شهد به ديلافوس الذى حاول التحصل عليها ولكنه لم يفلح نظرا لريبة الفولان من الغرباء لا سيما إذا كانوا متلهفين إلى معرفة ما يعتقدون انه من الاسرار الخاصة بهم. ومن المراجع المهمة لسلالات ملوك الفلان الذين حكموا تمبكتو وغيرها من ممالك الغرب المهمة " تاريخ السودان" الذى كتبه عبد الرحمن السعدى والذى تمت ترجمته الى اللغتين الانجليزية والفرنسية.
ومن نسابة الفولانيين الشيخ عبدالله بن محمد بن فودى ( اخو الشيخ عثمان بن فودى) العالم الجليل الذى جمع بين علوم القرآن والتأويل والفقه والحديث والتاريخ والانساب ؛ ومن أشهر كتبه حول تاريخ ممالك الغرب حتى دارفور كتابه الشهير بعنوان " إنفاق الميسور فى تاريخ بلاد التكرور " ؛ ضياء السياسات وفتاوى النوازل ؛ كما وضع كتابا آخر حول النسب .
ومنهم الشيخ محمد بيلو بن عثمان بن فودى الذى أشتهر فى المحافل الاوربية والبلاط الملكى البريطانى حيث التقاه الرحالة البريطانى كلابرتون فى سوكتو ووصفه بملك الفولان فى عام 1824 وذلك اثناء حرب الفولان مع البرنو. ونقل كلابرتون رسالة الى ملك بريطانيا جورج الرابع يطلب إليه إنشاء علاقات صداقة بين الدولتين وفتح قنصلية بريطانيه والعمل على حظر تجارة الرقيق ؛ مما يدل على توجه دبلوماسى مبكر لوضع منظومة مشتركة ترعى وتنظم العلاقات بين بريطانيا وأفريقا بعيدا عن التوجه الامبريالى ونخاسة الانسان الاسود.
ومنهم الشيخ ألفا هاشم الفوتى (ت 1349 هجريه) مؤلف كتاب نسب الفولان " تعريف العشائر والخلّان بشعوب وقبائل الفلان" والذى أقام فى المملكة العربية السعودية إلى حين وفاته. ومن نسابتهم أيضا الشيخ محمد بن سنبو بن احمد بن مجيل الجغادى الكلوى الفلانى ( ت1253 هجرية ) مؤلف كتاب النسب " كنز الأولاد فى تاريخ الذرارى والأجداد" وهو أحد اعلام القرن الثانى عشر الهجرى. ومنهم الشيخ محمد بن بكر الكشناوى واضع كتاب " تاريخ قبيلة فولبى" .
ومنهم الشيخ محمد الحافظ بن احمد الفلا تى التوردىّ الفوتى واضع كتاب الجواهر والالفاظ . ومنهم الشيخ احمد بن أبى بكر الفلاتى التُوردّى الماسنى مؤلف كتاب " نصرة الكسلان على معرفة أصول الفلان ". ومن علماء الفقه والحديث والانساب المحدثين الشيخ الجزائرى الراحل محمد باى بلعالم مؤلف كتاب النسب بعنوان " قبيلة فلان فى الماضى والحاضر ومالها من العلوم والمعرفة والمآثر " والمقيم بولاية ادرار بالجزائر. ومنهم الشيخ الطالب بن المختار بن محمد بن أحمد الطلابى السباعى.
الشيخ محمد الحافظ بن احمد الفلا تى التوردى الفوتى:
فى كتابه جواهر الالفاظ جاء قوله: " قلت لك ايها الواقف على هذا الكتاب انظر لتعتبر وتفهم ان عقبة المذكور هذا هو جد جميع الفلان كلهم اينما كانوا او من ذريته خرج كل فلاتى اينما كان وعلى اى حال كان . وكذا كل قبيلة من الفلاتيين اينما كانت فى الدنيا وكيفما كانت على الصحيح " . ويتطابق هذا مع ماذكره مؤلف كتاب نصرة الكسلان على معرفة اصول الفلان الشيخ احمد بن ابى بكر الفلاتى التوردى الماسنى .
وفى كتاب الاسلام فى نيجيريا تأليف آدم عبدالله الألورى قال: وهذا القول الاخير وهو ان فلان من العرب منسوب إلى آل فودية وقد نقله الشيخ عثمان واخوه عبدالله وأبنه محمد بلو عن أجدادهم وعلمائهم الثقات حيث قالوا ان الجد الاعلى لفلان عربى وهو عقبة بن نافع الصحابى وان الام العليا لهم رومية تدعى بج مغ وهى بنت ملك بإحدى قبائل الروم تزوجها عقبة وانجبت له اربعة اولاد صاروا فيما بعد آباء القبائل الفلانية بأسرها فى بلاد ونغاره وغانا ومالى وتكرور وسنغى وبلاد هوسه وبرنو.
محمد ثنب الكلوى الجغادى الفلا نى :( ت1253 هجرية ):
ذكر فى كتابه كنز الاولاد فى تاريخ الذرارى والاجداد: إن قبيلتى جهينة وتميم هاجرتا من الجزيرة العربية إلى الهند عقب فتنة بخت نصر وذلك ما بين 750- 2000 ق. م ؛ وعادتا مرة أخرى إلى الجزيرة العربية بعد إنتهاء الفتنة، ومع تميم الابقار والسيوف والطاقية ذات اللسانين ومع جهينة الاغنام. ولقلة المراعى واصلت القبيلتان هجرتهما إلى افريقيا حيث تتوفر المراعى فسلكت تميم طريق الشام إلى صحراء سيناء حيث استقرت فى طور سيناء فترة من الزمن واستمرت مواصلة هجرتها إلى ان وصلت منطقة ليبى وسلكت جهينة طريق اليمن الى ان وصلت منطقة ليبى حيث تعيش رفيقة دربها ولكنها انتشرت جنوبا فى الوقت الذى فيه واصلت رحلتها إلى اقصى غرب افريقيا والمغرب الاقصى حتى وصلت إلى اوداغست التى سميت اخيرا بارض غانا القديمة التى تقع بين مالى " موريتانيا الحالية وصحراء توات " الجزائر" الارض التى كانت تحت تأثير الحكم الرومانى فأطلقوا على هؤلاء العرب(الذين استقروا هناك) اسم الروم.
وقد عادت هذه الاسر من تميم إلى وطنها فى الجزيرة العربية فلما ظهر الإسلام قاد أحفاد هؤلاء العائدين حملة فتح غرب إفريقيا بقيادة عقبة بن نافع وبرفقة عقبة بن عامر التميمى وعقبة الجهنى وعقبة الهندى وغيرهم من المجاهدين. فأسلم ملك الروم وهو ملك غانا ويدعى " برمندانا " وتزوج عقبة بن نافع من ابنته " بج مغ " ولدت له خمسة اولاد وبنتا وهم: عثمان تورو- محمد فلان - ابوبكر فلات - عمردردو- على غردو- فاطمة سلفو او شفو. ويقول ان " ..هؤلاء الرجال الخمسة من ولد عقبة المذكور هم الذين تناسلوا جميع الفلان اينما كانوا فى الدنيا على الأصح ؛ و انتشر احفاد هؤلاء الخمسة من فوتا تورو إلى البحر الاحمر:
احفاد محمد فلان ويسمون الفلانيين وفلاته : يقيمون فى مناطق :أ قد س ؛ تاوا ؛ بلما ؛ السودان الشرقى و نيجيريا
احفاد ابى بكر فلا ت: ويقيمون فى بلاد برنو ودمغرم وحول حوض تشاد ومالى والسودان الشرقى واريتريا وتشاد
احفاد عثمان تورو: ويقيمون بأرض ماسينا وتضم مالى وبوركينا فاسو وداهومى وينتشرون فى نايجيريا (ومن احفادهم الشيخ عثمان بن فودى ) والسودان واريتريا وتشاد
احفاد عمر دردو : ويقيمون حول نهر السنغال وصحراء مالى والسودان وتشاد وإريتريا وتمبكتو
احفاد فاطمة شلفو او شفو: وابوهم رومى يقيمون بارض السودان حول مناطق الكبابيش وارض الشايقية والكمرون وتشاد واريتريا ؛ وينسب الكبابيش أولا د عقبه إلى عقبة بن نافع .
ذرية عقبة من زوجه صفية بنت جعفر بن ابى طالب : وهم خمسة اولاد: يزيد ؛ فولو ؛ فيلا ؛ غرغاو ؛ وحيدر وينتشر أحفادهم بين المغرب والبحر الاحمر.
المجاهدون بجيش عقبة تزوجوا من القبائل الاخرى وزوجوا بناتهم وإخواتهم إلى قبائل الروم والبربر وانضمت قبائلهم بالمصاهرة إلى الفلاتة ومنهم من يتحدث اللغة العربية فقط .
وخلف عقبة بن نافع بعد إستشهاده :
الفلاتيون الاصليون وهم ابناء عقبة من أم روميه
الفلاته بنو الروم الذين تفلننوا بالمصاهرة ومنهم الشلفيون من ذرية فاطمة شلفو/ شفوا بنت عقبة بن نافع. وفاطمة هذه جدة الشفليين ويسمون ايضا " سسلب" اشتقاقا من اسم ابيهم الرومى " سسلون" زوج شفوا بنت عقبة. ويقال لهم ايضا " سُلباوا " ( فخذ من الفولان تفرعت عنه سلالة امراء كانو) " .
الفلاته بنو العرب من ابناء المجاهدين الذين رافقوا حملة الفتح بقيادة عقبة بن نافع إلى أفريقيا وهم اخلاط من النوبة والعرب والزنوج الذين تم فتح بلادهم فاختلط اولادهم بأولاد عقبة وتحدثوا الفولفدى وصاروا فلاته
الفلاتة الجعفريون وفق تسمية الشيخ محمد بيلو فى إنفاق الميسور ومحمد سمبو الكلوى فى كنز الاولاد فى تاريخ الذرارى والاجداد بأنهم من الفلاتة توردبو ( التروبى ) انتسابا لجدتهم صفية بنت جعفر بن ابى طالب .
ولقد وردت الاشارة إلى " فلات " أحد ابناء عقبة بن نافع فى مخطوط أصول انساب العرب بالسودان الذى قام بإعداده الفقيه جابر بن محمد عون فى القرن التاسع الهجرى وهو يحوى انساب المجموعات الجهنية والجعلية . ولقد تصدى الباحث محمد احمد عبدالله أبارو بتحويل المخطوط إلى مشجرة نسبية فى كتابه القيم ( عر ب ا لسودان ؛ تاريخهم وأنسابهم ومناطقهم ؛ لندن؛ 2004) . وأشار الفقيه جابر فى المخطوط المذكور إلى " فلات : بقوله " ...وأختلفوا (النسابون) أيضا فى فلاته ؛ قيل أنهم من أولا فلات بن عقبة بن ياسر ( أى عقبه بن نافع الفهرى) لما أسلم أهل الغرب تزوج ببنت سلطان العجم وفلتهم من جهة الأم ..." (ص 18).
الشيخ عبدالله بن فودى ونسب الفولان:
وفى الوثيقة التى بعث بها (ابو الحسن) عبدالله بن فودى إلى محمد بن سنبو بن أحمد بن مجيل "... ... ولو وجدت الوصول الى الحرمين حين عزمت الى الحج وجدت تاريخ قبيلتنا الفلان ثمت او ببعض بلاد العرب بل لوجدت تاريخ ابائنا العرب بعد وجود تاريخ الفلان معا لأن تاريخ الفلان من العرب على أصح الاقوال كما وجدت انت ذلك من الحجاج ومن آبائك المخالطين مع الحجاج من الفلانيين المغربيين وبعض الفلان الشرقيين ( عند ) سفرك الى المغرب للتعلم ؛ لأن وجود ذلك لا يمكن الا بإحدى هذين الأمرين او هما معا " .
الشيخ محمد بيلو بن عثمان بن فودى:
اشار إلى نسب الفولان فى مؤلفه الشهير "إنفاق الميسور فى تاريخ بلاد التكرور" فى قصيدة حول جهاد الفولانيين فى شمال نايجيريا رسم فيها عبارة " تروب / تروبى بشكل مخالف:
فتوردب اخوال الفلانيين إخوة لعرب ومن روم بن عيص تفرعوا
وعقبة جد الفولانيين من عرب ومن تور كانت امهم بجمغٌ
والمعروف ان عقبة بن نافع الفهرى توسع إبان ولايتة على إفريقية على عهد يزيد بن معاوية بن أبى سفيان نحو جنوبى المغرب الاقصى ؛ وذلك بغزوه إقليم السوس الأقصى حيث أخضع المصامدة ؛ وأسلم على يديه الصنهاجيون وبلغت مسيرة فتوحاته إلى مدينة " مامشة" (تامسنا) و" نفيس" بالقرب من أنهات ؛ كما قام بإخضاع المسوفيين وشيد مسجدا بمنطقة نفيس ؛ وألحق عقبة مدينة " اودغونكت" على حافة بلاد السودان الغربى إلى خارطة فتوحاته ( بلعالم ص 476 )
الشيخ " أ لفا هاشم " الفوتى ونسب الفولان:
وفى تعريف العشائر والخلان بشعوب قبائل فلان قال الشيخ أ لفا هاشم المقيم بالمدينة المنورة ان " الفلان من ولد جعفر بن ابى طالب . " والتورودى من اليهود نقلته عن الوالد وهو عن الشيخ جبريل وهو عن المرتضى وقيل غير ذلك . وقال بعضهم بنو تور أخوال الفلانيين وأمهم من تور كانت بجمغ. قال الشيخ عبدالله ( بن فودى) فى تفسيرالآية " وجعلها كلمة باقية فى عقبه" قال الشيخ عبدالله اى جعل الله او ابراهيم كلمة التوحيد باقية فى عقبه اى ذريته فلا يزال فيهم من يوحد الله ومن يدعو الى توحيده وقال الحمدلله الذى جعلنا من ذريته على ما نسمع من انساب سلفنا".
ويخلص الشيخ " الفا هاشم " إلى منتهى القول " ... وعلى كل حال فعقبة بن نافع الفهرى واولاده قرشيون لأن فهرا ابن لمالك وهو ابن النضر وفى القاموس ان الفهر قبيلة من قريش والفلانيون على ما تقدم عرب من جهة ابيهم عقبة والعرب من اسماعيل بن ابراهيم ومن جهة اخوالهم التوروديين من روم بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم ومن جهة نسمة ام الروم (بن عيص) هم ايضا من اسماعيل بن ابراهيم ".
عقبة جد الفولانيين من عرب
الفولان فى كتاب نسب الوزير جنيدو:
فى كتابه " تاريخين فولانى" الصادر عام 1956 بلغة الهوسا قال الشيخ جنيدو وزير سكوتو والمؤرخ الرئيس لتاريخ سلطنة سكوتو ان التورونكاوا ( Toronkawa ) - وتعنى أهل تورو- الفخذ الفولا نى الذى ينتمى إليه سلطان سكوتو ينتسبون إلى ذرية ابراهيم الخليل وإسحاق وعيصو بنى ابراهيم الخليل. وإن جدهم راما بن عيص بن النبى إسحق بن النبى ابراهيم الخليل . وبعد رحيلهم من فلسطين (رواية جونستون) وسيناء عبروا او جاوزوا شمال إفريقيا إلى ان حلوا بمنطقة فوتا- تورو فى سنغامبيا بغرب السودان وهى الموقع الذى اتخذوا منه اسمهم. وهو المهجر الذى استقروا فيه وتناسلوا. وكان عقبة بن نافع الفاتح الاسلامى الكبير تمكن من إدخالهم فى الدين الاسلامى ومن ثم تزوج باجو- مانغو ابنة زعيم التورونكاوا (التروبى) . وولد ت لعقبة اربعة ابناء وهم: دعت ( Deita ) ؛ وويا ( Woya ) ؛ ورعرب ( Roroba ) ؛ نسى ( Nasi ). ويقول أن هؤلاء الاربعة هم أول من تكلم بلغة الفولفدى على حد رواية الشيخ جنيدو ومن ثم اضحوا اسلافا لكافة قبائل الفولان المحدثين.
ولما تكاثر نسل تلك القبائل تحركوا إلى منطقة فالغو (Falgo) اوفلغ. وقد تحدثو بلغة اسمها واكورو (Wakuru او Wakore) وهى التى اكد الرحالة بارت انها لغة الوانغارا (Wangarawa) ؛ وهم "الماندينغو" بالسودان الغربى. ولقد تميزت هذه القبائل عن قبائل الفوتيين بمنطقة فوتا تورو. إننا نجد شاهدا لصدقية رواية الشيخ جنيدو ما اورده ابن بطوطة ( ص 189 ) " وبعد مسيرة عشرة ايام من إيوالاتن ( نسبة إلى ولاته) وصل الى قرية زاغرى ؛ وهى قرية كبيرة يسكنها تجار السودان ويسمون ونجراته (فتح الواو وسكون النون وفتح الجيم والتاء) ؛ ويسكن معهم جماعة من البيضان يذهبون مذهب الإباضية من الخوارج ويسمون صغنفو ( فتح الصاد وسكون الغاء وفتح النون وضم الفاء) ؛ والسنيون المالكيون من البيض يسمون عندهم تورى ". والمعروف ان عبارة او اسم صفة تورى مرتبطة بالفولان فى الغرب. وعلى إثر سلسلة من النزاعات البينية بادر الفولان بمنطقة فالغو (فلغ) بمهاجمة التورونكاوا الفوتيين (التروبيين) واستولوا على منطقة فوتا.
ولكن الشيخ العالم ابراهيم احد علماء الفولان من اصل تورانكى (تروبى) تصدى لقتالهم لسوء ممارسات حكمهم وتمكن من هزيمة الفولان الذين انقسموا على إثرها إلى ثلاثة فرق:
الفرقة الاولى : استمرت باقية مع التورونكاوا (التروبى ) بمنطقة فوتا - تورو
الفرقة الثانية: عادت ادراجها إلى منطقة فالغو (فلغ)
الفرقة الثالثة: توجهت إلى مصر بحثا عن اخوانهم العرب لإيمانهم بإن جدهم عقبة بن نافع الفهرى القرشى .
ووصل بعض الفولانيين إلى مصر فيما بقى الآخرون بغربى وسط السودان تحت قيادة دونورندى (Dunurundi) ومن بينهم اسلاف قبائل يلابى (Yalabe) سيسلبى (Sissilbe) وولانبى (walanbe) وقومبوراوا (Gumborawa) وجلانكويين (Galankwa’en) وأداماوا (Adamawa).
وينقل السلطان الراحل د. أدو بايرو عن المؤرخ الشيخ والوزير جنيدو ان السونغى ( Songay ) هم من نسل الجد الاعلى " دعت " وان البعاويين (Ba’awin ) وولوربى ( Wolorbe ) من نسل الجد الاعلى ناسى/ نسىّ ؛ وان فوربى ( Forbe ) من نسل الجد الاعلى وويا / واوى ؛ وان وولوبى (Wolobe ) من نسل الجد الاعلى روروبا / ورعرب. وبناء على رواية الشيخ جنيدو ان هؤلاء الاربعة هم اسلاف الفولانيين.
الشيخ محمد باى بلعالم الجزائرى ونسب الفولان:
فى كتابه " قبيلة فلان فى الماضى والحاضر ومالها من العلوم والمعرفة والمآثر " أوضح الشيخ الراحل محمد باى بلعالم المقيم بولاية إدرار بالجزائر ان الفولان من ذرية ابى بكر الصديق حسب ما اورده تاريخ الطالب ابن المختار ابن محمد بن أحمد الطلابى السباعى حيث عثر على وريقات فى بلدة تمنطيط بحوزة الشيخ بكراوى الحاج عبد القادر. وجاء فيها ان امير المؤمنين والخليفة الثانى عمر بن الخطاب قد بعث أولاد ابى بكر الصديق ابان خلافته إلى افريقيا حيث تنسلت فلان منهم. ويورد الشيخ محمد باى بلعالم ان الاسم الصحيح حسب رأى االشيخ سنبه عبد الرحمن من الفولان بالمدينة المنورة هو؛ آل فلان ؛ ولكن الناس فى شنقيط ينطقونه أ فلان. ويؤكد الشيخ بلعالم انه فى رحلة التقصّى عن اصل الفلانييين وجد فى مخطوطات بالخط الكوفى لدى الفقيه المؤرخ عبدالله بن محمد الامين الولاتى فى مدينة ولاته جنوبى مدينة شنقيط ان الاسم الصحيح هو ( فلان بضم الفاء وفتح اللام ومدها وسكون النون ) .
وروى انه سمع من بعض علماء شنقيط وكبرائها ان تكرور وبلادهم غير آ فلان وغير بلادهم. ويوضح ان تكرور هم جنس فى بانجول ابن كانبيه وبأن نسب فلان الذين هم فلاته عربى وخاصة أنهم من قريش وانهم من ذرية أبى بكر الصديق. اما تكرور فهم بالجهة الغربية من مالى وجنوب السنغال ويسمون فى السابق ببانجول وحديثا كانبيه. وفى منطقة جنوب الجزائر تصاهر الفلانيين مع القبائل الشريفة مثل آل البيت والزوى آل ابى بكر الصديق وقبيلة كنته آل عقبه بن نافع وقبيلة الانصار واولاد السيد أحمد العروسى فى منطقة تيمادنين . وحول إنتماء الفلانيين لعقبه بن نافع الفهرى القرشى ذكر الشيخ محمد بن المختار الملقب بابا بن احمد فى قصيدته التى بعث بها الى الفلانيين بمنطقة أقبلى ساهل:
ونجل أحمد منهم الهداة إذا ما اعضل الخطب وأستعلته اهواء
محمد من له فى علمه قدم معلومة حليت بالفهم شماء
ثم الفقيه اللبيب حمزة ذا المجد متصلا لعقبة وله تنمى الاجلاء
ومنذ القرن الثالث عشر الهجرى وحتى القرن الخامس عشر الهجرى أقام بالمدينة المنورة نخبة ضمت حوالى ثمانية عشر عالما فولانيا قاموا بتدريس علوم الدين ومختلف العلومة والفنون بالمسجد النبوى.
ونذكر منهم: الشيخ الراحل ألفا هاشم الفوتى ؛ والشيخ عمر بن محمد فلاته (ت 1419 هجريه) وهو المحدث بالروضة بالمسجد النبوى بالمدينة ؛ ومنهم الشيخ صالح بن محمد العمرى الفلانى المتصل نسبه بعمر بن الخطاب مؤلف كتاب عن السنة النبوية بعنوان " إيقاظ همم اولى الابصار للاقتداء بسيد المهاجرين والانصار". ومنهم الشيخ سعيد بن صديق الفلانى الفوتى (ت 1353 هجريه) ومنهم الشيخ المحدث عبد الرحمن بن يوسف الافريقى (ت 1377 هجريه ) .
وفى حفل تكريم الفائزين بجائزة الدولة التقديرية للأدب بالمملكة العربية السعودية ( 6 مايو 1985 ) تحدث المؤرخ الكاتب محمد حسين زيدان فى معرض تقديمه الأستاذ والشاعر الموهوب " طاهر عبد الرحمن زمخشرى" وهو من الفولان المقيمين بالسعودية قائلا " لا تغتروا بالبشرة السوداء ( للمحتفى به ) إنه المكى مرتين مكى النشأة ومكى العرق. فهو قرشى أتعرفون من اين جاءته القرشية ؟ انه من قبائل الفلا ّن التى تسمونهم الفلاته ولد عقبة بن نافع الفهرى فاتح المغرب الذى وضع رجله على الاطلسى وقال: يار ب لولا هذا البحر لمضيت فى سبيلك مجاهدا ، عقبة بن نافع الفهرى جد كل قبائل الفلا ته يستدل على ذلك ليس من قراءة صبح الأعشى ولا عبد الوهاب عزام ولكن انظروا إلى انوف الفلا ته ، إلى عيونهم ، إلى جباههم ، ....لا تجدونها زنجية ".
وفى كتابه ( إيقاظ همم اولى الابصار للاقتداء بسيد المهاجرين والانصار " اورد المؤلف الشيخ الصالح بن محمد بن نوح بن عبدالله بن عمر بن موسى العمر الفلا نى نسبه كاملا فى مقدمة الكتاب المذكور على النحو التالى: صالح بن محمد بن نوح بن عبدالله بن عمر بن موسى بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبدالله بن عمر بن عبدالله بن عمر بن على بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن ابى القاسم خلف بن هانىء بن إدريس بن عامر بن عبدالله بن محمد بن عبد الله بن عمر بن عبد الله بن على بن ابى بكر بن سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب " .
الشيخ الطالب بن المختار بن محمد بن أحمد الطلابى السباعى:
يقول الشيخ الطالب بن المختار بن محمد بن أحمد الطلابى السباعى فى تاريخه: إن اول من سكن شنقيط هم آل فلان من ذرية ابى بكر الصديق رضى الله عنه ثم سكنت معهم اسر من قبيلة العلويين ثم قدم إليها العلامة الفقيه الصالح الزاهد الشيخ محمد قلي الذى هو ايضا من قبيلة ابى بكر الصديق وتزوج من قبيلة العلويين والذى تكونت منه قبيلة فلان المشهورة قديما وحديثا ومن الأب الثابت نسبهم وانتسابهم إلى ابى بكر الصديق وكلمة قلى معناها " الرجل الابيض". وبعد ان تكاثرت عشائرها فى جنوبى بلاد شنقيط من تنبكتو شرق بلاد شنقيط والتى سميت الارض التى استوطنها قبيلة فلان بمالى وتعنى "ارض" ؛ وان فلان وفوتا اصلها من شنقيط ؛ واقامت اسرة فوتا فى ارض السنغال. ولدى وقوع نزاعات بين فلان العرب وبين التكرور سكان بانجول قام الفلان بالاستيلاء على الاراضى واستوطنوها وتناسلوا هناك. اما شنقيط فبقيت لقبيلة فلان والعلويين وبقية القبائل العربية من نسل الفاتحين العرب ؛ وان الاسم القديم هو " آل فلان " وعرف فى بلاد شنقيط ب " أ فلان " .
المؤرخ الفقية عبد الله بن محمد الامين الولاتى:
وهو المقيم بمدينة وولا ته جنوبى شنقيط حيث عثر على مخطوط بالخط الكوفى تثبت اسم القبيلة فلان (بضم الفاء وفتح اللام ومدها وسكون النون) وان جدهم هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن عروة بن عبد الرحمن بن ابى بكر الصديق الملقب بفلان. ويقول ان العبارة للتفخيم لأ نه كان امير شنقيط بعد الفتوح الاسلامى وتميز بالكرم والشجاعة والانصاف ؛ وأمه تدعى " فلة " (بضم الفاء وتشديد اللام وسكون الهاء) نسبة إلى شجرة الفل وهى ايضا ام محمد اخيه الملقب بفوتا (بمد التاء). وتؤكد المخطوطات ان محمد فوتا انتقل الى الجنوب اما تاجرا او فاتحا حيث استقر بالسنغال. اما " فلة " الام فهى من قبيلة لمتونه العربية الحميرية وهى بنت احد امراء حمير وامها تدعى (دبّ) جاى (بفتح الدال وتشديد الباء وضمها) وتعنى بنت جاى الزنجية حيث توجد منطقة جنوب شنقيط تسمى " أ فل " على الاميرة " فلة" .