في شوارع العاصمة الموريتانية نواكشوط لابد وأن يلفت انتباه الملاحظ هذا العدد الكثيف من اللاجئين السوريين، الذين أغرتهم سهولة دخول الأراضي الموريتانية حيث لا يُشترط الحصول علي التأشرة بالنسبة للمواطن السوري لدخول موريتانيا.
لاجئون سوريون يكتسحون شوارع نواكشوط ومعظمهم من النساء والفتيات والأطفال وقد رفضوا الإقامة في المخيم الذي ضربته السلطات الموريتانية لهم، معتبرين أنفسهم عابرين وليسوا لاجئين، حيث لا نية لهم في الاستقرار هنا كما يقولون، وإنما يعتبرون موريتانيا مجرد منطقة عبور للوصول إلي أوروبا.
يتهرب معظمهم من الحديث لوسائل الإعلام، وحتى إن وافق بعضهم على الحديث للإعلام فهو يتكتم على هويته الحقيقية .
عند مفترق طريق " مدريد"، تنتصب " رقية" وهي تردد العبارة: أختكم من سوريا من بلاد الشام محتاجة مساعدة ساعدونا !!
رقية هي فتاة عشرينية قدمت من حمص كما تقول عن نفسها، بعد أن تعهدنا لها بعدم التصوير أو التسجيل، تقول لـCNN بالعربية:"طفلاي شاهدا كل الخراب وعايشا كل لحظات الموت والدمار الذي لحق بحمص، والى الآن يستفيقان مذعورين من الكوابيس التي تقض مضجعهما كل ليلة تقريبا".
ثم تواصل القول: " لو بقينا في حمص، لكنا الآن في عداد الموتى على يد تلك العصابات المسلحة، كانت تهجم على المنازل وتنهب وتقتل بدم بارد ولا تتورع عن توزيع الموت مجانا، ولكن لم نذعن لمشيئة الموت وخيرنا النفاذ بجلدنا والمجازفة بالهجرة الى المجهول على البقاء في انتظار الموت ذعرا وغيظا في كل لحظة".
سالم ولد أحمد طالب موريتاني يدرس في جامعة نواكشوط رأيناه وهو يدفع ببعض النقود إلي إحدى اللاجئات، تحدث لنا قائلًا:" إنه الشعور الطبيعي الذي ينبغي أن يشعر به أي عربي و مسلم، هذا شعب محتاج وقد قذفت به صروف المحن إلى الاستجداء بنا كعرب ومسلمين وعلينا أن لا نخذلهم".
السلطات الموريتانية تحاجج بأنها قامت بأقصى ما يمكن أن تقوم به، حيث قامت بصرف مليون أورو أي حوالي 300 مليون أوقية في إقامة مخيم تم من خلاله توفير جميع سبل الإقامة فيه، لكن اللاجئين رفضوا الإقامة فيه، معتبرين أنهم لا يريدون البقاء في البلاد وإنما يتخذونها منطقة عبور في اتجاه المغرب أو الجزائر، بغية الوصول إلي أوروبا.
مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في موريتانيا يقدر عدد اللاجئين السوريين في موريتانيا بأقل من 500 فرد، رغم أن الخطوط الجوية التركية في كل أسبوع تقذف بالعشرات من هؤلاء اللاجئين في العاصمة الموريتانية نواكشوط، لكن معظمهم يرفض التسجيل عند المفوضية، معبرا عن نيته مغادرة البلاد، خلال أيام.
بعض أفراد الجالية السورية المقيمون في البلاد منذ عشرات السنين، والذين يزاولون أنشطة تجارية معظمها فندقية، ويمارسون تجارة الحرير، ينفون أن يكون هؤلاء اللاجئون هم سوريون وإنما يقولون عنهم أنهم مجموعة من الغجر، ويرفضون ربط السوريون بالتسول مؤكدين أنه لا يوجد سوري واجد أصيل يمتهن التسول.
بلال هو مواطن سوري، يملك مطعم شعبيا في العاصمة نواكشوط، مقيم هنا قبل 12 سنة يرفض أن يكون السوري يتسول ويقول: "يمكن أن يكون هؤلاء أي شيء إلا أن يكونوا سوريين، لقد شوهوا صورة السوري، واستغلوا كرم الشعب الموريتاني".
أما مروان فيؤكد أنه سوري وأن عمره 32 سنة ويقول " ونحن سوريون ووجودنا هنا مؤقت، وليس لنا أغراض أو مطامع'' ثم أضاف ''الشعب الموريتاني شعب طيب وكريم ويساعدنا، ولا يفرق بيننا لأننا كلنا مواطنون سوريون، ويضيف المتحدث القادم من محافظة حمص: ''ما دامت الجالية السورية هنا لا تريد أن نشوه صورتها، فلماذا لا يساعدوننا هم وأغلبهم من التجار وميسوري الحال؟"
رغم أن معظم المهاجرين السوريين يستجدون في شوارع "نواكشوط" إلا أن بعضهم استطاع أن يندمج ويقيم لنفسه مشروعا خاصا به فخالد 37 سنة من محافظة ادلب استطاع أن يؤسس محلا تجاريا أقامه قبل 9 أشهر بمساعدة مواطن موريتاني هو "الشيخ ولد عبد الله" الذي سبق له أن درس في سوريا، وهو يكن لشعبها الكثير من الحب والود والتقدير.
للقراءة من المصدر اضغط هنا