نحن اليوم في وضع صعب، وهنالك بوادر "أزمة"، بل نحن في أزمة والمشهد أصبح قاتماً.. هكذا بات لسان حالنا يقول؛ لكن ما السبب؟ عسانا إن عرفناه يبطل العجب!.. هو حرب بين معسكرين تتكسر فيها النصال على النصال وكل واحد من أطرافه يلصق التهم وسيئ الألقاب بخصمه مع تشبث هذا وذاك بالولاء المفرط لرئيس الجمهورية ونهجه السياسي ورؤيته الإصلاحية. فلم يعد يخفى على أي متبصًر أو متابع لما يجري في الساحة الوطنية ما أوصلنا إليه الخلاف "العقيم" بين الوزير الأول السابق، مولاي ولد محمد لغظف وخلفه الحالي يحي ولد حدأمين، والذي انعكس سلباً على كافة مناحي الحياة سواءً أكانت السياسية، الاقتصادية وحتى الاجتماعية. كلنا ندرك حجم الخلاف لكننا نتساءل عن أسبابه ويصبٌ في مصلحة من؟ ومن المستفيد من مجندي الطرفين ممن باتوا يخوضون حرباً بالوكالة؟.. وانطلاقاً من أن أحاديث الصالونات لا يمكن اعتمادها دون تمحيص كمصدر يوثق به، والتي تضع خلاف الرجلين في خانة الضغائن الشخصية أو التزلف للحاكم، صح ذلك أو لم يصح، فلا محاججة في أنها معركة لا ناقة للمصلحة الوطنية فيها ولا جمل.. وفي معمعان هذه الحرب المستعرة انتهكت الأعراض وأسيئ للقيم والأخلاق ودون شك استغلت موارد الدولة بعيداً عن ما رصدت له أصلاً.. والأدهى من كل ذلك أن هذا الصراع موجود واقعياً، إلا أن بعض تفاصيله ما يزال يلفها الكثير من "الغموض"! وهكذا باتت مصالح المواطنين "تترنح" بفعل معركة ليً الأذرع بين الموالين لكلى الرجلين في الإدارة والمصالح الحكومية، لتصبح عائقاً آخر قوي التأثير يضاف إلى المعوقات البنيوية التي تكبلُ إدارتنا منذ عقود. فلا مصلحة لطرف في الحوار، مع المعارضة يوقف غليان أزمة سياسية عصفت بالبلد، لأن أحد الأطرف حمل المشعلْ، ولا فائدة من تسيير شفاف وحكامة رشيدة، كي لا تحسب حسنة للآخر. فالوضع الاقتصادي الهش كما أشارت التقارير "الصادمة" لصندوق النقد والبنك الدوليين عن موريتانيا، وأزمة الغلاء وتدني الأجور واستشراء البطالة وضعف القوة الشرائية للمواطنين، كلها أسباب موضوعية لا يسمح بأن تمنح الأولوية معها لدى كلا الطرفين اللذين ينصب تركيزهما على استئصال المنتظمين في صف الآخر أو من يتوهمهم منتمين لغريمه. وهنا استغرب استمرار هذه المهزلة، بل وتفاقمها حدً إشهار بعض منتسبي الإدارة والمسؤولين العموميين صراحة بالولاة لهذا أو ذاك واعتبار خدمته أولويته، وبنفس الدرجة أو أقوى استغرب موقف رئيس الجمهورية نفسه لأقل ما يمكن أن يقال عنه أنه موقف المتابع حتى لا نقول المتفرج!.. فلهم جميعاً أقول باسم المواطن المطحون المغلوب على أمره الذي يعاني غياب ابسط الخدمات؛ دون أن تلوح في الأفق بوادر انفراج.. لهم أقول أوقفوا مهزلتكم رجاءاً فقد سئمناها.
سيدي محمد ولد صمب باي (صحفي) [email protected]