تناقلت بعض المواقع الالكترونية خلال الأيام الماضية شريط فيديو قصير بعنوان “من هو السفير الذي باع سفارة بالقاهرة وهبتها مصر لموريتانيا”. وبعد الاطلاع على هذا الفيديو، تبين ان محتواه لا يبرر مثل هذا العنوان المشين الذي يتضمن اتهامات مبطنة لا تستند على اي أساس ولم يبذل صاحبها اي جهد من اجل الاطلاع على المساطر القانونية والإدارية التي تحكم هذا النوع من العمليات كما لم يكلف نفسه مشقة البحث عن ملف بيع السفارة بالقاهرة رغم انه موجود في إدارة العقارات بوزارة المالية الموريتانية وإدارة البنايات في وزارة الإسكان والعمران وسفارة موريتانيا بالقاهرة.
واحتراما مني للصحافة ودورها في انارة الرأي العام وغيرة على كرامتها بوصفي واحدا من أوائل الصحفيين في هذه البلاد حيث توليت قبل أزيد من ثلاثين عاما إدارة تحرير اليومية الوحيدة في الوطن آنذاك،وإنصافا للحقيقة ورفعا لكل التباس ،فاني اطلب من جميع المواقع والتلفزات والجراائد التي نشرت هذا الفيديو المسيئ ان تنشر هذا الرد التوضيحي كاملا غير منقوص وان تعتذر عما نشرته من اكاذيب مفضوحة وما سببته من إساءة متعمدة لشخصي المتواضع وللوطن والدولة الموريتانية عموما وإلا فإنها ستواجه المساءلة امام القضاء:
– لم يسبق لجمهورية مصرالعربية العزيزة ان أهدت مقرا لسفارة موريتانيا بالقاهرة
– الفيلا رقم 30 شارع سوريا بالمهندسين التي جرى الحديث عنها قد اشترتها الدولة الموريتانية بموجب العقد العقاري المصري رقم1216 سنة 1970 ، بمبلغ قدره أربعون ألفا و خمس مئة و ثمانية و عشرون جنيها مصريا (40,828.0) و كان ذالك في زمن السفير العظيم محمد ولد الشيخ ولد جدو تغمده الله بواسع رحمته و اسكنه فسيح جنات
– باعت الدولة الموريتانية الفيلا المذكورة سنة 1992، ايام كنت أنا السفير المعتمد في القاهره، بمبلغ أربعة ملايين جنيه مصري (4,000,000.0) لشركة “المهندسون المصريون للاستثمارالعقاري العربي”، وذالك بموجب رسالة وزير المالية الموريتاني رقم 475بتاريخ 1992/09/12 والتي اعتمد فيها تقرير اللجنة المشتركة بين وزارة المالية و وزارة التجهيز عن المهمة التي كلفت بها في القاهرة والخاصة ببيع مكاتب السفارة وشراء مكاتب جديدة ومنزل لسكن السفير( انظر رسالة وزيرالمالية وتقرير اللجنة المرفقين)
– بناء على اقتراحات اللجنة المذكورة و قرار وزير المالية تم صرف المبلغ المذكور على النحو التالي:
o شراء فيلا لسكن السفير بشارع الحسين بالمهندسين بمبلغ مليوني جنيه مصري 2,000,000.0))
o شراء طابق في العمارة الجديدة 14 شارع محيي الدين ابو العز بمبلغ ثمان مائة الف جنيه مصري 800,000.0))
o بعد اقتطاع المبالغ المالية التي خصصتها اللجنة المشرفة على العملية لشراء المبنيين الجديدين و لإجراء بعض التغييرات و التجهيزات الضرورية عليهما ودفع الضرائب ورسوم التسجيل، تبقى من المبلغ الأصلي مائتان و ستة آلاف وثلاث مائة وثلاثة عشرة جنيها مصريا ( 206,313.0 ) وهو ما يعادل حينها 165,570.0 دولار أمريكي ، قامت السفارة بتحويلها من حسابها رقم 1496850في البنك الأهلي المصري الى حساب الخزانة العامة لدى البنك المركزي الموريتاني (انظر رسالة مدير الخزانة العامة رقم 69 الخاصة باستلامه للمبلغ المذكور)
– و للعلم فإن الفيلا التي باعتها الدولة قي شارع سوريا والمباني التي اشترتها في شارع الحسين و في شارع محيي الدين ابو العز تقع جميعها في نفس الحي (حي المهندسين/دائرة الدقي/محافظة الجيزة) و المسافات بينها لا تتجاوزحوالي 300 الى400 متر
– ويجدر بالذكر ان الأسباب التي دفعت الدولة الموريتانية الى بيع الفيلا المذكورة هي انها أصبحت بمثابة قفص صغير على شارع سوريا تحّف به ثلاث عمارات شاهقة ويسبح فوق بحيرة من مياه الصرف الصحي تهدد أساساته و تجعله غيرآمن للإستعمال بحسب رأي المهندسين. وقد بدأت المراسلات بشأن هذه العملية بين الجهات المعنية في الدولة قبل تعييني سفيرا في القاهرة ،في أكتوبر 1990 ، و استغرقت مدة تزيد على السنتين.
و في النهاية، أودّ ان ألفت الانتباه الى ان بيع ممتلكات الدولة و شراءها لا يمكن ان يتم الا من خلال المسطرة الاجرائية المحددة بالقانون والتي تشترك فيها جميع الأجهزة الفنية ذات العلاقة بالموضوع . وتنتهي هذه المسطرة الطويلة والمعقدة عند وزير المالية، الوحيد المخول قانونيا بإتخاذ القرار النهائي في هذا النوع من المسائل.
والله الموفق للصواب
محمد الامين ولد يحيى