أردت من خلال هذه المتابعات التعرض لمرحلة هامة وحاسمة من تاريخ موريتانيا الحديث تتعلق أساسا بتسيير رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز لشؤون أمته من 2009 وحتى الآن وذلك في الجانب الاجتماعي أساسا باعتباره حجر الزاوية لأي بناء تنموي جاد وهو المقصود من طرف المصلحين عبر التاريخ لما ينضوي عليه من الإطعام من الجوع والـتأمين من الخوف في مقاربة تأصيلية ينبغي ألا يذهبنا شطط التحديث والتجديد بعيدا عنها, فقد أحس رئيس الجمهورية وبسرعة أن أي أمة لا تمتلك خطة واضحة لتعليم أبنائها تعرض أذهانهم ومستقبلهم للخطر , ولأن العقل السليم في الجسم السليم وحرصا منه على مدواة أناة شعبه كانت الصحة من أولويات اهتماماته , وإدراكا منه أن المساواة أساس التنمية بل أساس الإنسانية حرص على وضع أسس صارمة لطرد الرق البغيض إلى غير رجعة , ولتأمين البلاد والعباد فكر و أبدع ما صار يعرف عالميا ب((المقاربة الأمنية الموريتانية))....
الجزء الأ ول: دكاكين أمل
فحين طرحت فكرة ((دكاكين أمل)) في موريتانيا لأول مرة تحدث الكثير من أهل السياسة وحتى الاقتصاد عن عبثيتها وعدم قابليتها للاستمرار لأنها لن تنفع في حل المشكل الاقتصادي والاجتماعي للمواطن الموريتاني أمام الأزمة الاقتصادية الكونية ,وصار البعض يتندر على طوابير المواطنين المستفيدين منها حينها والذين أصبحوا يحصلون على قوتهم اليومي بأقل ثمن ممكن في سابقة لم يعرفها البلد من قبل جعلت التاجر المورد للمواد الغذائية يفكر بجدية قبل شراء البضائع بسبب وقوف مشروع أمل الطموح أمام المضاربة والاحتكار , إذ البيع بأكثر من الثمن المتاح في دكاكين أمل يعرض البضاعة لعزوف المواطن عن السلعة الباهظة الثمن وهي مسألة أحسها المواطن وساهمت في التخفيف من قلقه على مستقبل قوته وقوت عياله بطريقة تحفظ له كرامته التي درج البعض على امتهانها بدريهمات تنثر من جيب هذا السياسي أو ذاك وفي أوقات المواسم.
أما ((عملية التضامن)) فقد جعلت المواطن الضعيف يراهن فقط على جهود الدولة رغم تشويش البعض على الفكرة من أساسها ليساهم ذلك في خجل بعض المواطنين في بداية الأمر من الوقوف أمام هذه الدكاكين إلا أنهم ما لبثوا أن غيروا فكرتهم والتحقوا بها بعد أن اكتشفوا أن ذلك التشويش يهدف فقط إلى زيادة الفاقة في أوساط الشعب ليسهل تحريضه لتفعل دعايتهم فعلها فيه , ولوضوح الفائدة الحاصلة من" مشروع أمل" وما نجم عنه من إعانة من رئيس الجمهورية لشعبه الذي يحبه ,فهو قائد أدرك أن الأزمة الاقتصادية التي تجتاح العالم لا بد أمامها من حلول غير تقليدية , بسبب سيطرة الإقتصادات الكبرى , فأصدر توصياته الواضحة في هذا الإطار والقاضية بالسهر على هذا البرنامج ومتابعته والتحذير من أي نوع من التلاعب يطاله , وقد فسر كل ذلك الصرامة في شفافية تسيير العملية على أعلى مستويات الجهاز الحكومي في البلد ,كذلك يفسر جدية هذا المشروع العملاق انتشاره على كافة أرجاء الوطن , فلا تكاد تطلع على تجمع سكني إلا وتجد فيه (دكان أمل, أو تضامن أو تخفيض أو سونمكس أو السعر أو...) بمختلف التسميات الرسمية والشعبية وهو ما يدل على تغلغل الفكرة في وجدان المواطن المعترف بالجميل ,الذي أحس لأول مرة أن هذه الدكاكين ليست منة من وجيه ولا سياسي إنما تشكل فقط تماهي الدولة مع حاجات ضعفائها فلا مجال للغبن وحظوة المقربين والموالين كما كنا نعرف في ما يسمى " الإسعافات" التي ظلت مجالا خصبا لاستغلال حاجة الناس وفقرهم وفرصة لتوجيه ولاءاتهم.
أما برنامج (أمل) فقد عمل على فتح ما يزيد على 1483 دكانا على كافة التراب الوطني تسير من طاقم يبلغ ما يزيد على 2400 عامل نصفهم تقريبا من حملة الشهادات العليا,وقد بلغت مبيعات البرنامج في نواكشوط وحدها 50 ألف طن في سنة 2015 فقط , 163 ألف طن على المستوى الوطني من المواد الأساسية بأسعار تهم الضعفاء:
الثمن العادي في السوق الثمن في دكاكين أمل المادة
327 أوقية 135 أوقية 1 كلغ أرز
300 أوقية 180 أوقية 1 كلغ سكر
1600 أوقية 800 أوقية 1 كلغ لبن مجفف
600 أوقية 300 أوقية 1 بتر زيت
ويزيد من مصداقية البعد الاجتماعي لهذا البرنامج ما يستقطب من موظفين وعمال لينتشر النفع وتزداد الفائدة ويدعم التحرك في اتجاه حل المشكل الاقتصادي للأسرة الموريتانية بطريقة تغزز التضامن الاجتماعي واللحمة الوطنية في زمن تغزو العالم فيه الويلات والمجاعات والحروب والتشريد والتفرقة والتشرذم والقتل و..,وهو ما يجعلنا نعتبر محمد ولد عبد العزيز يسجل نقطة مضيئة في تاريخ حكامة البلد بتركيزه على العمل الاجتماعي الواعي والواقعي مما يدل على تفكيره بطريقة تقترب من مشاغل ومشاكل هذا المواطن الموريتاني والضعيف منه خاصة.
يتواصل...
سيداتي ولد سيد الخير