في يناير 2014 م ، بلغت أسعار خام الحديد حوالي 133 دولار لطن ،ووصلت إلى 70 دولار في ديسمبر من نفس السنة، وخلال سنة 2015 م استمر الانخفاض لتصل الأسعار إلى أدنى حد حيث تعدت حاجز 40 دولار للمرة الأولى في ديسمبر2015. وهكذا انخفضت الأسعار بنسبة 47% و 40% خلال السنتين الماضيتين.
مما يجعلنا نتساءل : هل يستمر انخفاض أسعار خام الحديد خلال العام الحالي كما حدث في العامين السابقين؟ وهل ستتخطى الأسعار حاجز ال30 دولار للطن ؟
صحيح أن التكهن بمستقبل أسعار خام الحديد أمر صعب نتيجة للمتغيرات الاقتصادية والسياسية التي يمر بها العالم، وتأثيرها المباشر وغير المباشر على هذه الأسعار. لكن وبالرغم من ذلك، تشير توقعات البنك الدولي حسب تقريره السنوي عن آفاق أسواق السلع لأولية المنشور 26 يناير الماضي أن يبلغ متوسط سعر خام الحيد 42 دولار للطن خلال سنة 2016 .
وتوقعت غولدمان ساكس ( Goldman Sachs ) انخفاض أسعار خام الحديد إلى 38 دولار للطن خلال السنة الجارية.
كما توقعت سيتي غروب ) (Citigroup أن تنخفض الأسعار إلى أقل من 30 دولار للطن خلال 2016 .
وفي الواقع نحن نتوقع أن لا يكون تراجع الأسعار إلى ما دون 40 دولارا هو نهاية المطاف،فالسوق قد تغرق نتيجة للفائض في العرض ، وبالتالي تتراجع الأسعار إلى مستويات أدنى من المتوقع أعلاه وذلك للأسباب التالية :
1-انخفاض الإنتاج العالمي من الحديد الصلب الخام خلال 2015 بنسبة 2.8% مقارنة بعام 2014 ليبلغ 1.622 مليار طن، وذلك حسب التقرير الصادر عن الاتحاد العالمي للصلب. فمن جهة تزايد المعروض لعالمي من الحديد الخام ومن جهة أخرى انخفاض كبير عالمي في إنتاج الصلب الخام.
2- التوجه الجديد لصين أكبر مستورد لخام الحديد المنقول بحرا (حوالي 65%)في تقليص صناعة الصلب، حيث أكد رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ خلال اجتماع تنفيذي لمجلس الدولة المعقد في 22 يناير تقليص طاقة إنتاج الصلب الخام في الصين بما يتراوح بين 100 مليون و 150 مليون طن خلال 5سنوات، وهو ما يمثل حوالي 15% من الإنتاج الصيني من الصلب لسنة 2015
الذي بلغ 804 مليون طن بانخفاض بلغ 2.33% مسجلا بذلك أول هبوط له منذ عام 1981 ويؤكد هذا التوجه التعميم الصدار من مكتب مجلس الدولة الصيني برقم 6 (2016 ) بتاريخ 1 فبراير 2016 حول خارطة الطريق للتخلص من التخمة وإعادة هيكلة صناعة الصلب في الصين .
3- تأثير أسعار صرف عملات الدول الرئيسية المصدرة لخامات الحديد التي تشهد هبوطا مستمرا
يتصدرها انخفاض الريال البرازيلي الذي وصل إلى أدنى مستوى له في عشرة أعوام بواقع 40%، وانخفاض سعر صرف الدولار الأسترالي بحوالي 15%.
4- استمرار سلسلة رفع الفائدة(التي من المتوقع أن تقف عند مستوى 3% أي انه لا يزال هناك هامش للرفع يبلغ2.5%)، والتي تعني استمرار تقوية الدولار الأمريكي ، مما يؤدي إلى انخفاض سعر خام الحديد بالنسبة للدول التي تتعامل بالدولار .
بطبيعة الحال ، التوقعات تبقى مجرد توقعات وليست حقائق مسلم بها لكن ماهو أكيد أن التوجه العالمي في استخدام المواد الأولية والسلع الرئيسية كأسلحة فعالة في الحروب الدائرة أمر سيكون له ما بعده والخاسر الأكبر في النهاية بدون شك هي الدول المصدرة للمادة الخام