نساء موريتينيات تحدّين شبح البطالة والجوع باستحضار روح الماضي عبر صناعة الحصير يدوياً واعتمادها مصدر رزق. فقبالة السوق المركزي بالعاصمة نواكشوط، تفترش مجموعة من النساء مكاناً صغيراً تنهمك فيه أصابعهن المثقلة بحياكة الحصير قطبةً قطبة.
صناعة بطيئة
خديجة بنت محمد، إحدى هؤلاء النسوة تقول لـ “هافينغتون بوست عربي” إن طريقة صناعة الحصير لا تزال بدائية وتتطلب وقتاً طويلاً؛ إذ تأخذ النساء سعف النخيل اليابس وتنزعن قشوره بانتقاء العيدان الطويلة منه، كما تعملن على تهيئة جلود الغنم التي ستستعمل في تطريز الحصائر وحبكها.
وتؤكد بنت محمد استغراق القطعة الواحدة أياماً عدة، نظراً للتعديلات المستحدثة على التطريز ليكون شكله ملفتاً للزبائن.
أسعار حسب الجودة
ترى عيشة بنت سيدي محمد أن أسعار الحصير ترتبط بجودته ونوعية تطريزه، إذ يفضل أغلب الزبائن القطع التي تحظى بتطريز منوع ووفير، بينما يهتم بعض المتسوقين بشراء حصائر متوسطة ليست ذات جودة عالية بما يتوافق وميزانيتهم.
وتقول بنت سيدي محمد، “يختلف الإنتاج وفق الجودة، وبالتالي الأسعار، وذلك حرصاً منا على التنويع لتلبية رغبة كافة المتسوقين”.
وتوضح أن أسعار الحصير تصل أحيانا إلى 50 ألف أوقية يقارب (145 دولار)، بينما تتراوح أسعار الحصائر الأقل جودة بين 100 و70 دولاراً.
زينة المنال وتراث الخيام
بدورها تشير السالكة بنت الشيخ ـ إحدى العاملات في سوق الحصير ـ إلى أن محلها الذي تشترك فيه مع بعض رفيقاتها يستوعب الكثير من الحصائر مختلفة الأحجام والتطريز، فبعضها يصل طوله إلى 20 متراً، وبعضها إلى 15 متراً، كما أن من بينها حصائر صغيرة طولها نحو 7 - 4 أمتار.
وأضافت بنت الشيخ أن حجم الحصير يختلف بحسب هدف استخدامه، فبعض الموريتانيين يضعونه داخل الخيمة، “وهو التقليد القديم الذي ورثوه عن أجدادهم، بينما غزا الحصير في الوقت الحالي فراش المنازل الحديثة كنوع من الزينة، بينما يرى فيه آخرون دعوة للحفاظ على تراث أهل البلد”.
مهنة تواجه البطالة
وداخل أحد محلات بيع الحصير بنواكشوط، تجلس المسنة آمنة بنت عابدين وهي تقلب ما أنتجه من تطريز حديث للحصير وعيناها على المارة علها تحظى بزبون جديد.
تقول بنت عابدين لـ “هافينغتون بوست عربي” إنها أرملة، “وأعيل أفراد أسرتي من أرباح الحصير. أواصل العمل يومياً من أجل كسب قوت أبنائي الأربعة، ولن أدخر جهدا في صناعة الحصير وتطوير تطريزه باستمرار للفت أنظار الزبائن لآخر أعمالي”.
مطالب في المتناول
وتطالب العاملات في مجال صناعة وبيع الحصير في موريتانيا بجملة مطالب، على رأسها تنظيم المهنة وتفعيل دورها كإحدى الصناعات التقليدية بالبلد، ومنحها دعما من وزارة الثقافة والصناعة التي تتولى دعم الصناعات التقليدية.
وتعتبر النسوة أن توفير أماكن تتسع لعرض الإنتاج يجب أن يأتي ضمن أولويات السلطات المعنية، إضافةً إلى توفير قروض مالية لدعم مشاريع صناعة الحصير ومساعدة العائلات الحريصة على إحياء هذا التراث.
هافينغتون بوست عربي
للقراءة من المصدر اضغط هنا