قال الباحث المغربي محمد المهدي بوزيد إنه لا ينبغي إطلاقُ الأحكام الجزافية المحرمة للسّماع والغناء، إذ في الوقت الذي أطلق قومٌ القولَ بتحريمه، ارتقى عند آخرين من درجة الإباحة إلى درجة الاستحباب!
وقال بوزيد وهو خطيب وواعظ وباحث في قضايا الفكر الإسلامي: إن نتائج البحث المستقصي تظهر أن مستند تحريم السماع هو ثلاث آيات من القرآن الكريم، ومجموعة من الأحاديث، فضلا عن أقوال منسوبة لأئمة المذاهب الأربعة.
واستطرد الباحث قائلا: أما الآيات فقد بَيَّنَ ابن العربي أن تأويلَها المقتضي لتحريم السّماع غيرُ مسلّم، وأما الأحاديث فلم يصح منها سوى حديث البخاري: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِر والحرير والخمر والمعازف"، وهو فضلا عن أنه معلق، فالدلائل متظاهرة على أن كلمةَ "المعازف" فيه مُدْرَجَةٌ!
ومن تلك الدلائل أن شاهدا له رواه أبو داود لم تَرِدْ فيه كلمة "المعازف"، كما أن كلمة "معازف" نفسها ليست من الألفاظ المتداولة في العصر النبوي.
وفيما يخص الأقوالَ المنسوبةَ للأئمة - يقول الباحث - فلم نلمس فيها ما يُقَوِّي جانبَ التحريم أو الكراهة الأصوليين، زهي على الأرجح مبنية على الذوق.
أما على جبهة إباحة السماع والغناء؛ ففضلا عن أنه لا يوجد دليل محرم كما وضحنا - والكلام للباحث دائما – فإنه ثبت السماع عن عدد من الصحابة منهم عبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر والمغيرة بن شعبة ومعاوية بن أبي سفيان، كما ثبت أن أهل الحجاز لم يزالوا يسمعون الغناء في أفضل أيام السنة، وهي أيام العشر من ذي الحجة.
تجدر الإشارة إلى أن هذه المحاضرةَ أُلْقِيَتْ تحت عنوان: "السماع والغناء بين النقد والتأييد عند علماء المسلمين"، على هامش "مهرجان انواكشوط للموسيقى الأندلسية والحسانية"، الذي تنظمه جمعية الصداقة الموريتانية المغربية، برحاب المركز الثقافي المغربي.
ومن بين النشاطات التي تقام على هامش هذا المهرجان أيضا؛ معرض للفن التشكيلي تعرض فيه لوحات لكل من الفنانين: آمي صو ومنصور كيبي، وسهرة فنية للموسيقى الحسانية والأندلسية؛ تحييها فرقة الفنانة منى منت دندني من موريتانيا، ومجموعة محمد أمين الدبي من المغرب مساء الخميس 25 فبراير بفندق حليمة.