احتضن المركز الثقافي المغربي في العاصمة نواكشوط مساء اليوم الأربعاء محاضرة بعنوان: "الاتجاه الشعبي في الشعر الموريتاني الفصيح (ازريكه): من ازريكة ولد أحمد يوره إلى ازريكه المعاصرة"، وقد أطر المحاضرة كل من الدكتور محمد الأمين ولد محمد محمود والدكتور محمد الحسن ولد محمد المصطفى.
الدكتور محمد الأمين ولد محمد محمود رأى أن ما يميز شعر ازريكه هو إدخالها للمفردة اللهجية في البيت الشعري، وتوظيفها للقصص والأساطير والأمثلة الشعبية. وحسب الباحث ولد محمد محمود فإن أول إرهاصات ازريكه ظهرت عند الشيخ محمد اليدالي الذي نظم شعرا على منوال نظام الكاف في لغن.
أما رائد هذا الفن بحق - يقول الباحث - فهو امحمد ولد أحمد يوره، الذ نضجت على يديه قبل أن تنتشر على نظاق واسع في منتصف القرن الرابع الهجري، ويشتهر من أصحابها ولد حامد وولد أبنو وشغالي ولد أحمد محمود.
غير أنه عزا للدكتور ولد الأمير أنه ربما يكون النموذج المحتذى لولد أحمد يوره هو محمذن ولد أحمد العاقل الذي تنسب له مقطعات في ازريكه.
وقد شملت أغراض ازريكه مختلف المجالات، إلا انه يلاحظ أنها ركزت على مواضيع بذاتها، هي: الدخان والشاي والغزل والهزل والمداعبات، وتجاوز بها ولد أحمد يوره هذه المواضيع إلى التوجيه والإرشاد.
وقال الباحث: إن ازريكه القديمة استمرت كما هي طيلة القرن الرابع عشر الهجري، ولم يطرأ عليها تغيير جوهري عدا أسماء المخترعات العصرية.
إلا أنه ومنذ بداية التسعينيات ظهر ما سماه الباحث بـ"ازريكة اشطاري" و"ش إلوح افش"، حيث أنتجتا مادة غزيرة تحت أسماء مستعارة، من أشهرها الشاعر "مبيق".
وقد تميزت ازريكه الجديدة بمزجها بين العامية والفصحى العربية ، وتوظيف شخصيات التراث الشعبي: (تيبه، بغريس، ولد اجنبه، فظمه...)، متوسلة بذلك إلى نقد سياسي واجتماعي لاذع.
الدكتور محمد الحسن ولد محمد المصطفى قال إن سؤال النشأة هو سؤال غير مطروح بالنسبة للشعر العربي الفصيح في موريتانيا، فهو نتاج استيعاب أهل هذه البلاد للثقافة العربية والإسلامية في مرحلة ما، وأضاف ولد محمد المصطفى أن السؤال الذي يمكن طرحه هنا هو سؤال تلق أو تجديد وليس سؤال نشأة، بخلاف الشعر الشعبي الذي يمكن السؤال عن بداياته ونشأته: هل تعود إلى فن الموشح مثلا؟
وخلص الباحث إلى أن ازريكه القديمة هي تعبير عن شعور الشاعر في مرحلة ما بأنه لم يعد يستطيع التواصل مع المتلقي، في إذن نتيجة لهم إبداعي مؤرق، أما ازريكه الحديثة فهي نتيجة للكبت السياسي الذي ساد في الثمانينيات، حيث أراد الشاعر أن يبعث إشارات للمتلقي مثقفا كان أو عاميا.