من ذاكرة عام "الشدة"

خميس, 2014-05-22 10:01

سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ

==++==++==++==++

عرفت بعض مناطق موريتانيا سنة 1943 مجاعة وشدة وجفافا ونقصا من الأموال والأنفس والثمرات فسماها الناس: عام الشدة.كانت الحرب العالمية الثانية في تلك السنة على أشدها، والفرنسيون، حكام بلادنا، قد جرعتهم ألمانيا كأس الذل واحتلت عاصمتهم باريس، فذاق جيشهم الضارب مرارة الهزيمة، فضاعت أحوال المستعمرات الإفريقية ومن بينها بلادنا، حيث اجتمع على الناس في أغلب مناطق موريتانيا جفافٌ جارف وموتان في الأنعام وتوقف التجارة فزاغت أبصار السكان وبلغت قلوبهم الحناجر.أدركت بعض كبار السن ممن عرف تلك السنة يتحدثون عن أحوال رهيبة تشيب لها الولدان من جوع ممض وفقر مدقع، فقد عبث الدهر بحياة الناس وكان أكثرهم حظا من يجد جلدا يلبسه إذ شاع العري بينهم حتى صار الشخص لا يسافر إلا ليلا ويظل طيلة يومه متخفيا عن الأعين. وقد قال بعض الأدباء يصف تلك الأحوال:الايْدِينْ الثنتيْنْ افذَ العَامْ ۞ ما فيهمْ وَحْدَ مجبُورَوحْدَ مدْيورَ من گدامْ ۞ ووحْدَ مديورَ من لورَوقد قال المؤرخ العالم المختار ولد المحبوبِ اليدالي في نظمه التاريخي متحدثا عن عام الشدة أو عام الهوفه:وأخِذَ الأنامُ بالسنينَا ۞ فى عام "واحد مع الستينا"وفيه الإزدلافُ والمواشِي ۞ قد أخِذت فى العُدْمِ والتلاشيوبطل البيوعُ والشراءُ ۞ فيه، وفيه ضلّت الآراءوكل مسلم به مجهود ۞ ولُبْسُهُ الخِرَقُ والجُلودكأنما قامت عليه السَّاعهْ ۞ فلم يجد لديه قوتَ ساعهولو فرضناه من الموجود ۞ لكان قوتا ليس بالمعهودوقلما مدّكر أن سوفا ۞ يزول ذا، والعام يُدعى الهَوْفَاونَدَرَ الذى به لم تَعْلَقِ ۞ فضيحة أو وصمة لم تلقوحَصْرُ ما فى العام من غريب ۞ وَعَجَبٍ يُعيِى قِوَى الأريبفنسأل الرحمن فى الدارين ۞ سترا وكشفَ ما بنا من رَيْنِوأمنا من صدمات القهر ۞ ومن صنوف ما يسُو فى الدهروالعام بعد ذا غدا أشدّا ۞ على الأنام فتعدى الحدّافى الجدب والجوع وضيق الحال ۞ ونقص الأنفس على التواليوالثمرات و نفاد المال ۞ وكان الأمريكَا بسينكَالوهذه وثيقة من وثائق "عام الشدة" تعود لشهر ديسمبر 1943 وهي رسالة تعطي صورة لتلك الأوضاع الصعبة التي عرفتها موريتانيا في تلك السنة:بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على من لا نبي بعدهوبعد سلام تام طيب عام إلى من لا زال محمودا بجميع المحامد، ولا خاب من له قاصد. موجبه أننا لا بأس علينا جميعا، وأن ما عندنا من البقر انتهى لبنه، وأن خديجة ليس عليها من اللباس إلا الحولِي الذي أعطيتَه لها، وأن فاطمة عريانة، وأن ضراعتي صارت تتشقق من عند الرقبة والمقاعد فأرسل لي الضراعة التي قلت لي أو واحدة أجد منها، وأرسل لخديجة شيئا تلبسه، وإلا تأتيك عاجلا. وتسلم عليك محجوبه وتطلب منك أن ترسل لها ملحفة، وفاطمة تسلم عليك وأرسل لنا جواب البراوة مع حاملها والسلام.ثلاث عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة عام 1362. (15 ديسمبر 1943).

من صفحة  الدكتور سيد أحمد ولد الأمير على الفيس بوك

باحث  مقيم بقطر

..................................