لقد أزمعت خلال الأسبوعين الحالي والقادم مقاطعة الشبكة
العنكبوتية،لأتفرغ لبعض الأشغال التعليمية والدعوية،وبينما أنا أمضي في
تلك العزلة المؤقتة،وردني اتصال هاتفي من أحد الإخوة مخبرا إياي بصدور
مقال يهاجم فضيلة العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو .
فانطبع في ذهني أن كاتبه قامة شامخة،أو عالم راسخ يثير شبهة ترقى إلى
مستوى الرد ،أو قضية فقهية تستحق التعليق .
فقمت في الصباح الباكر بإعادة تعبئة وسيط الأنترنيت باريا أقلامي،وناثرا
كنانتي،معدا قدراتي الأدبية والتعبيرية المتواضعة لخوض معركة فاصلة مع
فارس مغوار،أو باسل كرار
.حتى تفاجأت بتلك الغوغائية الهراء التي يغني بطلانها عن إبطالها،والتي
حاولت جاهدا تسميتها تجوزا مقالا أو كلاما،غير أنني مع شديد الأسف لم أجد
في أساليب البلاغة والنحو ما يسوغ لي ذلك .
ظننت أنها رد على فتوى فقهية يرى الكاتب أنها شاردة عن شرع الله،أو أنها
تصحيح لمفهوم مغلوط،أو تذكير بمنسي،أو تنبيه على أمر شرعي قصر فيه
الشيخ،إذ ليست العصمة لغير الأنبياء
.
لكن تبين لي من خلال ما طالعت أن الأمر ليس سوى مشاركة غير موفقة من طرف
أخينا الكريم في تلك الكعكة الطازجة التي تتدافع نحوها الأيدي الطامعة في
النفحات العزيزية،التي لا ينالها إلا واقع في أعراض المتقين،أو كاذب أفاك
رطان قوال في الدين بغير علم .
وحرصا على التحلي بتلك الصفة التي يستحق ذووها العطايا الزاخرة والهبات
الوافرة من من يرونه الرزاق المعطي تجاوز الكاتب لي أعناق النصوص
وتطويعها إلى التزوير والوضع على المصطفى صلى الله عليه وسلم
:من علامات الساعة سلفي حجاب مفتول العضلات .
أتحدى الكاتب أن يعزو هذه الأكذوبة المفتراة إلى أي من دواوين الإسلام .
إنه التاريخ يستدير مجددا،ليعيد إلينا حملات الوضع والدس في سنة نبينا
الغراء،وهو الذي يقول : كذب علي ليس ككذب على أحد،من يقل علي ما لم أقل
فاليلج النار .
وليت هذه العجالة سامحة بإسناد ما حدثتك به عن الشيخ الأجل الذي تتحامل
اليوم عليه إلى البخاري،ثم إلى النبي عليه الصلاة والسلام .
لقد طغت فلسفة التجارة والسمسرة في الحقبة السويسرية الحالية إلى حد
بعيد،صير كل نافع أو مفيد من برامج إصلاحية،أو حلقات علمية،أو مشاريع
تنموية في عقلية البعض بيعا وشرء .
أخبرنا الأخ الكاتب عن نفسه،إذ كل إناء باللذي فيه يرشح،فالتحذير في خطب
الجمعة من لظى الفرق المنحرفة في نظره بيع،وعقد الزواج في اعتباره
بيع،وتعليم الناس العلم الشرعي في مخيلته بيع،والرقية الشرعية التي تعتبر
واجبا شرعيا في ظل حملات التدجيل والتضليل في تصوره بيع .
ولا يفوتني هنا أن أنبه الكاتب إلى ضرورة التثبت والتحري في ما يكتب في
إطار سعيه الحثيث نحو الانخراط في صف المتحاملين على أهل الله
وخاصته،فأنا كنت طالبا في مركز تكوين العلماء الذي يمثل دوحة علمية
باسقة،وصرح معرفي شاهق،لا يرقى سطحه بالسهولة التي تتصور،ولا تأخذ من
طلابه أجرة أو رسوم،كما تحاول إيهام القراء،وتقام فيه الرقية الشرعية،وقد
حضرتها كثيرا وعلمت كيف تقبل الناس عليها بأيديها وأوانيها ،فلا بيع ولا
شراء وما هو لذلك بموسم ولا موطن،واسأل رواده وقصاده فإنهم جم غفير تعتبر
روايتهم أحد شروط التواتر،إذ تحيل العادة تواطؤهم على الكذب،إن كانت هذه
المصطلحات في موسوعة معلوماتك .
وبخصوص الرؤيا التي أشرت إليها فلا ضير عليك في محاولة صرفها عن تعبيرها
الجلي وتأويلها المزعج لأضرابك من ببغاوات الحكام الساقطين ولو علمت سرها
على حقيقته لسارعت إلى تغيير وجهتك السياسية على وجه الاستعجال إلا إذا
كنت غير مصدق للنبي صلى الله عليه وسلم في أن الرؤيا جزء من 46 جزء من
النبوة . الموطأ .
لو اقتنع الشيخ الجليل بما تقتنع به من تربح وتكسب لأحرزه دون عناء تشييد
هذه المؤسسات المرهقة الكبرى التي تكلفه المال والوقت،ولو تاقت نفسه إلى
الأعراض الزائلة،والملذات السرابية فإن النوافذ التي تسللت عبرها الفئران
الصغيرة الهزيلة إلى حظيرة الثراء والترف أبواب مشرعة للأسود لو أرادت .
اسأل سيد القصر الرمادي حين استدعاه صيف العام 2011 عارضا عليه التعيين
في أرقى المناصب،في محاولة فاشلة من سلسلة محاولات كذلك لضمه إلى زمرته
العاملة بأمره،المسبحة بحمده،ما ذا كان رده .
ثم اسأل مستشاري العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز لما
استوقف الشيخ العلم بعد خطبة عرفات ليعرض عليه الجنسية السعودية،ضمن
محاولات احتوائه ما ذا كان جوابه .
هل ترى يا هذا أن الشيخ العف العالم يرفض المناصب والإغراءات من زعماء
الدول وسادة الممالك،ثم يرضى بالدخول من النافذة وهو الخارج من الباب،ثم
اسأل نفسك هذا السآل ما الذي جعل هذه القامة العلمية الفرعاء ذات اليد
الطولى في شتى العلوم خارج دائرة المناصب والوظائف الرسمية،في حين تتبوأ
النقانق أسماها وأوفرها دخلا وأدرها ضرعا .
أعتقد أن الإجابة جد محرجة لشخصكم الكريم،لذا أتولاها عنكم :ألا وهي
قناعته واستعصاؤه أمام جحافل الإغراء،وتيارات الترغيب والتطميع ،وهي زهده
وتعففه عن لعاعة المال التي أطاشت العقول وأذهلت الألباب،حتى غدا بعض
المفتونين بها يسعون واهمين إلى تسلق الأسوار العالية،وارتقاء المرتقيات
الصعبة الوعرة .
أما ما دعوت إليه شركات الاتصال من تلميع ما يسمى زورا وبهتانا :مجلس
الفتوى والمظالم فإنها أدرى منك بوسائل التربح وأعلم بالشخصيات العلمية
التي يفيض عليها استغلالها الربح والفائدة،فقد لجأت إلى غير الشيخ من
أعلام الأمة خارج الحدود من غير استشارة ولا إشعار،وما الذي يمنعها برأيك
من استغلال المجلس الذي ذكرت،إلا لأنها وأنت وأنا والجميع نعلم أنه لم
يستهل صارخا،لذا لم يحز من المال الذي يتقاضاه أعضاءه بانتظام درهماواحدا
على سبيل الوراثة الشرعية .
ما زال قلمك الموتور يعدو بك في المهامه المقفرة،والحناديس الحالكة حتى
كشف عن كوامن الحسد التي تقطن قلبك ضد هذا العالم الأشم،والطود العملاق .
فمهمى ضقت ذرعا بآثاره الخالدة،ومشاريعه النافعة ذات الأصل الثابت والفرع
السامق في السماء،ومهمى اشمأززت من إشراقاته المباركات،ومهمى صورتها
بمرآة البيع والشراء التي تنظر منها إلى نفسك،فإن الله تعالى شاء بمحض
الحكمة البالغة،والقدرة المطلقة وضع القبول في الأرض للشيخ الإمام العالم
العلامة محمد الحسن ولد الددو وجعله سراج وضاء تهتدي به الجماهير السائرة
على صراط الله المستقيم،وأعلى مكانته في مختلف الأصقاع والأرجاء،ورفع
قدره في قلوب الملايين،كل ما علموا بحله منطقة،أو بقعة طاروا إليه زرافات
ووحدانا ،ويستقبل في كل قطر سافر إليه بالآذان الصاغية والأفئدة الواعية
،ولا يزيده مثل ثرثراتك الرديءة في تراكيبها الهابطة في مضامينها إلا
اتساقا وائتلاقا .
كلوا من فتات الموائد الرسمية الفاخرة والهثوا خلف كل ناعق وأهرعوا وراء
رايات التسلط والطغيان واحملوا ألوية النفاق السياسي والمصلحي كما يحلو
لكم ودعوا القافلة العلمية والدعوية تسير حتى يحكم الله بينها وبينكم وهو
أحكم الحاكمين .
ثم اعلم أخي في الختام أن السماء سقف محفوظ لا يعكر صفوها حثو التراب
وأن الشمس أقصى من أن يحجب ضوأها نفخ الثعابين .
إذا وصف الطائي بالبخل مادر . وعير قسا بالفهاهة باقل
وقال السها للشمس أنت ضئيلة .وقال الدجا للصبح لونك حائل
وطاولت الأرض السماء سفاهة .وفاخرت الشهب الحصى والجنادل
فيا موت زر إن الحياة ذميمة . ويا نفس جدي إن دهرك هزل