بعد مسيرة عملية دامت قرابة ثلاثة عقود من الزمن ، كانت مليئة بالعطاء .. وبعد أن قدم للشعب وللدولة نضارة شبابه ، يغادر القاضي محمد عبدالرحمن ولد محمد الامين سلك القضاء مستفيدا من حقه في التقاعد..
أثبت محمد عبد الرحمن ولد المخطار فال جدارته في كل منصب تولاه طيلة فترة توظيفه وذاك من خلال الحنكة التي يتمتع بها إضافة إلي تضلعه في ومعرفته الواسعة في المجالات التي تولاها... كل الذين عرفوا الرجل يشهدون له بالدماثة والقناعة والعدالة والحياد وملازمة الصمت ، فهو قليل الكلام كثير الأفعال .. سواء في ذالك الحاكم والمحكوم .. تلك الجدارة تعززها صرامته في تنفيذ الأحكام التي يصدرها وعدم الخنوع لأي عامل ضغط كان.. رغم مواجهته لمشاكل مستفحلة منها ما يتعلق بعقلية المجتمع الذي يتم في التقاضي ومنها ما يتعلق بالفساد داخل المؤسسة القضائية . ذات مرة أجري تحقيقا في حادثة قتل تمت في مكان ما وبعد التحري تمت إدانة رجل ينتمي لوسط اجتماعي من الصعب أن ينفذ الحكم فيه بسهولة علي الشخص المدان ، فقيل له إنه ابن فلان فقال: أنا من قوم لا يعبدون إلا الله..إيتوني بيه مقيدا .. حين عين وكيلة للجمهورية في نواكشوط باشر عملة بجدية منقطعة النظير ، حيث استفرغ جهوده لأستأ صال الجريمة في العاصمة التي كانت ممتلئة وقتها جورا وفسقا.. إلا أن الأمر أزعج القطاع الأمني ، واعتبره تهورا وسحب للبساط من تحت قطاع الشرطة ، فلم يكن أمام إدارة الأمن إلا أن تحاول إزاحته بطلب وجه للرئيس معاوية ولد الطائع وقتها... أمثلة من بين أخري كثيرة توضح نبل الرجل وصرامته في الحق .. محمد عبد الرحمن كان رجل دولة لم يكن يأبه ببنيات الطريق التي تعترضه ، فقد ظل ينظر إلي الأمام ولا يبالي بنباح يصدر من وراء القافلة ... لم يصطدم بأحد ولم يعاقب شخصا انتقاما لنفسه وإنما كان يحكم بالقانون ما استطاع إلي ذالك سبيلا .. لم تنسه مشاغل العمل ومشاكل الحياة عن الضعفاء والمعوزين .. هنا تجد وجهه الآخر والذي يتمتع فيه بإنسانية مفعمة بالرحمة و الرأفة وحب المساكين ، وحب المشاركة في أي عمل إنساني، كإغاثة ملهوف أو مسا عدة مريض أوصلة رحم . ظل محمد عبد الرحمن رجل إصلاح داخل مجتمعه ورجل إنفاق داخل محيطه ..فهو صاحب الدار المفتوحة أمام كل والج مهما كان، وصاحب اليد الطولي في الإنفاق والبذل والعطاء.. ولمن لا يعرف القاضي الفاضل صاحب المسيرة الحافلة فهو ينتمي إلي أسرة علم وورع وصلاح [ أهل المختارفال ] وهو الشيء الذي انعكس عليه تماما فكان رجلا برا شهما هماما... ناضل مع شباب حركة الكادحين ،حيث ظل واحدا من المرددين لشعارات الحركة إبان ازدهارها.. خاض مسيرة علمية توجت بتخرجه من المملكة المغربية بشاهدة الإجازة في القانون ....
تقلد عدة مناصب في سلك القضاء من أهمها
نائب وكيل الجمهورية في مدينة أطار
وكيل الجمهورية في مدينة أطار
وكيل الجمهورية في ولاية نواكشوط
المدعي العام لدي المحكمة العليا بنواكشوط
رئيس محكمة الشغل في ولاية نواكشوط
رئيس الغرفة المدنية بمحكمة الاستئناف في نواكشوط
مفتش عام للشؤون الإدارية والقضاء مستشار وزير العدل
مدير المدنية والختم بوزارة العدل بولاية نواكشوط
ستتذكر العدالة الموريتانية رجلا من الرعيل الأول ، رجلا كان يقضي بالحق في زمن الظلم.. أرجوا من بالدولة والمجتمع أن يستفيد من هذه القامة النادرة أطال الله بقاء القاضي ومتعه بالصحة والهناء.
الشيخ أحمد دداه / نيويورك 16/01/2016