خاص - مراسلون / تصاعد الجدل بشأن فتوى صحة "بيع الذنوب" المنسوبة للفقيه أحمد ولد النيني، وقد استمر هذا الجدل حتى بعد التوضيح الذي نشرته "مراسلون" على لسانه، وعزا فيه مستندَه في تلك الفتوى لتفسير القرطبي وكتابِ جدِّه "النهر الجاري".
وانقسم المدونون ما بين مستنكر ومفند للفتوى، ورافض لِلْمَسّ من الفقيه مذكّرا بأمانته وعلمه، في حين سخر آخرون من الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي الذي أنتج مثل هذه الفتوى:
الباحث محمد المهدي ولد محمد البشير رأى أن هذه الفتوى إحدى تجليات "أزمة العقل التلقيني" التي تعاني منها الأمة العربية، وكتب ولد محمد البشير:
أزمــة العقــل التلقينـــي.... كيف لمن يقول بوجود إجماع فقهي على عدم صحة العقد على ما لا يجوز للمسلم تملكه كالخمر والخنزير والدم المسفوح - وربما أدخل آلات الموسيقى - وما لا يجوز وصفه وتسليمه، أن يقول بجواز العقد على المعصية ذاتها : الكذب، والنميمة، وشهادة الزور، وشرب الخمر، والزنا، وعقوق الوالدين ألم يقل القرآن الكريم [يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ] {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}... إنه العقل التلقيني الذي هز جزء من أزمتنا الحضارية والدينية، والذي قاد الأمة العربية إلى واقعها الأليم، ويريد أن يجعل الآخرة صورة معكوسة للدنيا... أبمثل هذا الخطاب يقدم الإسلام للعالم؟
أما يعقوب ولد المختار - وهو أحد أوائل من ناقشوا ولد النيني في فتواه - فكتب نافيا صحة العزو للقرطبي والنهر الجاري:
أبلغوا الفقيه ولد النيني أن تفسير القرطبي لا يوجد فيه مستند لفتواه الغريبة، وأن النهر الجاري كذلك.
أما سين منت صاد فكتبت:
كنت ولا أزال ضد المس من العلماء أو التعريض بهم أيا كانوا وأيا كانت اختلافات آرائهم، فاختلافهم رحمة وكل ما أعرفه أن العالم الجليل أحمد ول النيني يعرف ويعي ما يقول.
النقيب محمدن ولد الرباني رأى أن الفتوى انعكاسٌ للفساد في هرم السلطة:
الرعية على قلب الأمير
يذكر بعض المؤلفين أن اهتمامات الحاكم تنعكس على الرعية، فيحكي أن سليمان بن عبد الملك كان من المولعين بالمطعم والمنكح، فكان الرجل في عهده إذا لقي أخاه سأله عن مطعمه ومنكحه، فلما ولي عمر بن عبد العزيز وكان رجل عبادة كان الرجل في عهده إذا لقي أخاه سأله عن حزبه من الليل.
ولما كان الحاكم في بلادنا اليوم مهتما بباع واشترى؛ أصبح الناس يتساءلون عن البيوع حتى بلغ بهم الأمر أن يفكروا في بيع السيئات.
محمد الأمين ولد الواقف حذر من تجاوز الأدب في حق العلماء، مذكرا بفضائل الفقيه ولد النيني وانتفاع الناس بعلمه:
ليس من اللائق التجهم على العلماء ولا السخرية منهم مهما يكن السبب، كما أن الخلاف في وجهات النظر السياسية لا ينبغي أن يكون مدعاة إلى تجاوز حدود الأدب مع عالم ذي قدم راسخة في العلوم الشرعية مثل الشيخ أحمد ولد النيني الذي انتفع الموريتانيون بعلمه على مدى سنين عديدة.
لما قرأت فتوى عالمنا المبجل وفقيهنا ولد النيني تحسست جيبي فإذا به خاو إلا من قعر صغير لا تنفذ منه الذنوب، وبعد أن تأكدت من قلتها - نتيجة لبؤسي وعدم قدرتي علي شراء المعصية أو بيع الهوى- تقدمت إلى شوارع تفرغ زينة أعرض على وجهي لوحة تضم نوع الذنوب التي أقبل بيعها أو شراءها - في الحقيقة لا أعرف هل أنا الشاري أم البائع- وسرت أتفرس الوجوه التي تمر بي وفي معظمها كنت أحس نوع من الشعور بالذنب، و التوق إلى التوبة و شراء"صك غفران" لكن أحدا منها لم يفاتحني في أسعاري والتي كانت زهيدة.
هل لأنهم لم يصدقوا الفتوى؟ لا أعرف.. أم أنهم لم يسمعوا "السوم فيه لجر"؟
رقية اعلي
إنني على يقين أن سليل مؤلف الريان لن ينطق عن الهوى وعلى الهواء بما ليس له أصل شرعي, في نفس الوقت الذي لا أستغرب فيه حث سلطاتنا على فتيا من قبيل بيع الذنوب في ظل الانخفاض الشديد لأسعار الحديد والذهب والبترول وانقراض السيولة، فلم يبق مما يباع إلا الذنوب.. لكن أبشروا هناك ذنوب لن تجد من يشتريها نظرا لكثرة عرضها وقلة الطلب عليها إنها ذنوب فريقنا الحكومي وعلى رأسه يحي بن أحد وسمه ليس كاسمه.
وجنحت بعض التدوينات إلى السخرية، كتدوينة محمد انجبنان مامون:
بعد الاطلاع على كتاب "النهر الجاري" صفاك يعرب عن استعداده لتحمل اذنوب السيد الرئيس مقابل مبلغ رمزي....
ومثل تدوينة محمدن أباتنه:
سؤال أحمق
هل يمكن أن يصبح البعض أثرياء من ريع بيع سيئاتهم في ظل أزمات اقتصادية خانقة ؟
لكزانة
لدي أسئلة حول بيع الذنوب
1- ما معني شخص غافل و عندو الفظة؟!!!
2- كيف نوفق بين (ولا تزر وازرة وزر أخرى) وتحمل شخص ذنوب لم يرتكبها؟
3- إذا باع أحدهم ذنبه المتمثل في جريمة اغتصاب فمن المسؤول من الناحية القانونية؟
4- هل يصح عقلا أن الإسلام الذي يحث على الفضائل يساعد شخصا ليتحمل آثام الآخرين؟
5- هل يخفف تقادم الذنب من إثمه؟
6- ما قيمة القوانين الجنائية التي تعاقب مرتكب الجرم في حالة تقرر فتح سوق تبادل الذنوب؟
7- ما هو المخرج لرفاد أذنوبْ إذا اشترى سرقات المسؤولين لأموال الشعب؟
ثم عاد Yeslem Mahmoud وكتب:
باش أتعود الأمور واضحة
حين قرأت كلمة #_غافـــــل في فتوي بيع الذنوب ,,, تبادر لذهني انتشال جثث الأيام من تحت رمال الدهر الواقفة علني أجد تفسيرا لتاريخ من التجهيل و تقبيل الأيدي و السلام حبوا و البصق المتعمد و حثو التراب على الوجوه وآلاف الهدايا من جياع لقبور,,,, رجع الجواب سريعا #كانوا_غافلين ,,,,,,و بالتالي خلي توف.
ولم تخلُ بعض التدوينات من جرأة، فقد كتب Mohamed Bezeid :
لا أبيع ذنوبي فلي معها ذكريات جميلة.. ولي رب غفور رحيم.
شيخنا ولد محمد فال
تجاهل الشيخ محمد ولد سيدي يحي في ما يروى سؤالا لأحد أرباب المنازل ونهره غاضبا أمام الحضور "ابدى ابدى اسكت اسكت"، وكان مضمون السؤال: "هل صحيح أن البالغ إذا شرب لبن مرضعة ما يصبح محرما لها، حتى لو كان "الشغال"، فإن وجوده عادة محرج لبعض نسائنا؟
قيل إن الشيخ حفظه الله نادى في نهاية الدرس على السائل بهدوء وقال له على انفراد: هنالك قول لبعض العلماء في ذلك المنحى ، لكن التصريح به أمام العامة سيؤدي بكل مرضعاتنا إلى أن تصرن بقرات كل واحدة منهن "فايدها تاديتها".
وربما كان فقه "بيع الذنوب" من ذلك الجنس الذي يستحسن الضن به على العامة.
ملاحظة وتنويه: أنا قلت يروى ، ولست متأكدا من صدقية القصة أصلا، حتى لا تؤخذ التدوينة كمصدر لفتوى قد تكون مثيرة هي الأخرى.
ثم عاد شيخنا وكتب:
لم استمع لكلام الوزير العلامة أحمد ولد النيني وما قاله بخصوص ما بات يعرف ب "بيع الذنوب".
1- لست بحاجة للتأكيد على أن قناعتي بأنه لو كان قالها فقد صدق ، لما عرف عن الرجل من تبحر في العلم والفقه لا وجه لمقارنته بأعلم من ينكتون عليه اليوم.
2- كلي قناعة بأنها إن صحت، فلن يحتاج العلامة احمد لبيع ذنوبه، لان حسنات المنكتين والحاملين عليه كفيلة بمحوها قبل عرضها في "بورصة الذنوب".
احترام العلم والعلماء، كل لا يتجزأ.
إذا صحّت الفتوى التي تُنسب للوزير السابق - ولد النيني - بأنه يمكن للمرء أن يتخلص من ذنوبه ببيعها لآخر بمقابل "مـادي"، فأعتقد أن الشيخ - شَالُـو آمـرژي أمتيـنْ - عن قوله تعالى : "ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه "
فــ "الذنوب" ليست مدرسة بعرفات معروضة للبيع.. !
أما المدون Moustapha Bilal فرأى أن هذه الفتوى تنضم لقائمة طويلة أنتجها "الفقه العنصري":
السلام عليكم
شوف قضية بيع الذنوب لا اتكبروه عن گده... هاذي القضية او گراتن في المدارس الموريتانية في السنة السادسة ..اولاه اوحده
اليكم القائمة :
١_ بيع الذنوب بمبلغ معلوم يتم الاتفاق عليه بين المذنب والزبون
٢_ النبوة من شروطها: بياض الجسم
٣_ العبودية الموريتانية
٤_ بطلان الصلاة خلف لحراطين
٥_ بطلان عقد الحرطاني على البيظانية
٦_بطلان تصرف الحرطاني في ماله والذي من عرق جبينه
٧ _ جواز نكاح البيظاني للحرطانية بدون عقد اذاكانت حرطانيته
٨_عورة الحرطانية ...من السرة الى الركبتين
والقائمة تطوووووووووووووووووووول
هو الا فقه موريتااااااااان تقحم فيه ما استحسنت من تراثها.Haut du formulaireBas du formulaire
ما في القرطبي وما اقتصر عليه الزمخشري من كون سبب نزول الآية الكريمة (أفرايت الذي تولى...) هو بيع عثمان لبعض سيئاته، لا يخدم ما يصبو إليه دولة الفقيه شيخنا أحمد ولد النيني من استدلال لأنه يوحي أنها وردت على سبيل الإنكار لا على وجه التقرير، زد على هذا أنه غير مسلم عند أهل التفسير بالأثر، ولذلك يقول آبَّ في "أضواء البيان" بعد ذكره لهذا السبب: وهذا ليس بشيء يلتفت إليه؛ لما فيه من تنقيص مقام أمير المومنين عثمان رضي الله، وهذا ظاهر جلي.
في استهتار حقير، وقلة اعتبار لمكانة وقدسية العلماء، وخصلة بغيضة لا تخطئها العين من حب للمال طبعت عليه النفوس الخبيثة، يتبارى المدونون في الاستظراف، وإلقاء النكات في بحر دموع الحرقة والعشق للدرهم والدينار، لمجرد أنهم سمعوا بيعا وشراء ضمن تسجيل صوتي من ثمان دقائق مليء بالاستغفار والتسبيح، ففاضت نفوسهم المكلومة بوجع الفقر والجوع والشقاء، متناسين كل تلك المواعظ، مصوبين تفكيرهم على معبودهم الأزلي - المال - مطلقين العنان لما جادت به قرائحهم العفنة من عبارات خالية من الأدب، مهترأة الشكل والمضمون .