تهاطل الأمطار على كافة التراب الوطني تقريبا، استمرار وتزايد الانفلات الأمني، حمى غامضة واسعة الانتشار، إصابة النظام بضربة قدرية من خلال تأثر رأس هذا النظام الوالد المفجوع الرئيس محمد ولد عبد العزيز بحادث الطينطان المؤلم. تلك ربما بعض أبرز ملامح هذا الحصاد، لكنها قد لا تميز كليا 2015 عن 2014، إلا في إنتشار وتوسع تهاطل الأمطار هذه السنة، لأن تأزم النظام قدريا أو بكسبه، وكل ذلك من قدر الله، هو واقع هذا النظام العسكري القبلي، الضيق المطعن والأفق، في نفس السنوات السابقة، مثل حال هذه المنصرمة للتو. والانفلات الأمني، إن تصاعد بتدبير من "إيرا"، أو على وقع انقسام مجتمعي، وفشل النظام في مواجهة بعض الشباب المتهور، الغاص بالانهيار القيمي وشرب الخمر والمخدرات، كل ذلك كان قبل هذا في السنوات الماضية تقريبا، وإن زاد منسوبه، بشكل مفزع، في السنة المنصرمة، بدفع من الأزمة الأخلاقية والأمنية والمجتمعية عموما، ذات الصلة بالوحدة الوطنية-بشكل مقصود أحيانا-، من أبرز أزمات هذا العام أيضا. لكن الضربة الإلهية، التي أشغلت حاكمنا المتغلب حتى اليوم، للأسف البالغ ربما كانت ذات صلة بالتلاعب بحقوق الناس وشأنهم العام. رحم الله الفقيد ورفعه في عليين، لكن هيئته ليست حسنة السمعة قطعا لأنها ممولة، مباشرة أو بصورة غير مباشرة من طرف النظام القائم، الذي يرأسه أبو الراحل رحمه الله. فهيئة الرحمة، غطاء للسياسة عبر العمل الخيري، المدعوم بالنفوذ الواسع والمال الكثير من بوابة الحكم. وقد ترددت معلومات شبه مؤكدة، تؤكد الرحمة تمويلات خليجية معتبرة، مرارا وتكرارا، ولن يمنع موتنا جميعا من الكلام بالحق، فبئس مذهب "مال بويه يصدق علي". إن استغلال النفوذ العمومي والمال العمومي، ضعف وخيانة وغدر بالشعب الموريتاني كله، وأمانته العليا "الرئاسة وقيادة الأمة".والساكت عن الحق شيطان أخرس، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. أي منعقد اللسان عن قول الحق، والحق يعلو ولا يعلى عليه، وهي سنة باقية، ما بقيت السماوات والأرض، ولا تبديل لسنة الله في خلقه ونواميس كونه وصنعته. وتلك الأيام نداولها بين الناس، إختبارا واستدراجا وفتنة وامتحانا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. لقد كانت سنة 2015 بإمتياز، سنة تعثر الحوار وإستمرار الأزمات على كل صعيد، إلا ما ندر. فالمطر الذي جاء خيرا خفف معاناة بعض المنمين، قبل المزارعين، لكنه لم يحل معضلة السكان لغياب التسيير المعقلن للمياه، وضعف الوسائل، والإمتناع هذه السنة، وبصورة مفاجئة صادمة للمزارعين، عن شراء منتوج الأرز شكل الضربة هي الأخرى لقطاعنا الزراعي المتواضع. وأسعار الحديد والذهب إلى دنو –عالميا-، شكل انعكاسا حادا على الشركات المعدنية المحلية المعنية، سواء كانت وطنية أو أجنبية. وهكذا ستستفحل أزمة المعادن عندنا، ربما حتى إلى أفق2017 كما يتوقع بعض الخبراء العالميين، الملمين بهذا القطاع المعدني المتقلب الحساس. موريتانيا في سنة 2016، على مفترق حصاد 2015، المر في غالبه للأسف البالغ. فهل يتمكن الربان الحالي الفاشل من القفز قبل الغرق للنجاة بنفسه وأسرته، ليتولى غيره محاولة شاقة لتلافي الهزات الارتدادية الأخطر ربما. لقد خلف نظام عزيز "إيرا"، وهي شؤم بإمتياز ضد موريتانيا عموما، والمكون العربي خصوصا، وهي حركة عنصرية إلى أقصى حد بواجهة حقوقية رقيقة شفافة، مخترقة، حيث يركبها بعض الزنوج أيضا، لزيادة ترهل وإستهداف نسيج الوحدة الوطنية، الهش أصلا. كما خلف نظام عزيز حقدا عميقا، بين الأغنياء الجدد، وأغلبهم من أسرته والأغنياء القدماء جعلها الله بينهم، عسى أن يسلم منها الضحايا الفقراء المحرومون المغبونون. وحرب المال هذه الظاهرة الخفية، ستكون وراء الكثير من الهزات الإجتماعية والأخلاقية والمعيشية داخل مجتمعنا المهدد بحق، بمنع الزكاة وحقوق ذوي الرحم والقربى والتمادي في الربا. قال الله تعالى: "يمحق الله الربا ويربي الصدقات". ولا ننسى، ولا يمكن أن ننسى دجاجة ولد الخوماني، الذي "يعشي" بها عشيقته ويرسلها أحيانا، من العاصمة إلى أكجوجت مسافة 250 كلم، من مال الجيش المسروق، والقصة معروفة، وإن تمت وغيرها تغطيتها، وتمييعها قضائيا وإعلاميا بحجة أنها شأن داخلي حساس. بوعماتو وعزيز واعل، الثلاثي المتخالف المتخاذل شكليا، المتماسك بمستوى ما ضدنا جميعا. هو ولعبته القذرة من يحكم بدهاء منطل حتى الآن على الأكثرين. إلى متى هذا السيناريو الذي يفهمه المغرب ويكرسه، وتعشعش عليه تجارة البوليزاريو ومصالحها، عبر الحدود الموريتانية الجزائرية. إن موريتانيا في قبضة عصابة "شيشاوه"، وهي مختطفة من قبل عدد قليل من الناس، لكن الموريتانيين جبناء منافقين غالبا، وقد خسروا ردحا من الوقت، بلدهم وكرامتهم والبقية ربما يعصف بها، لا قدر الله برام وتلامذته المتطرفون. فهل المخرج عن طريق حزب "نداء الوطن" لزعيمه داوود ولد أحمد عيشه، على غرار لكل فعل رد فعل، أم الحكمة تقتضي تعقلا ومواجهة سلسة مدروسة، لعل الوقت جزءها الحاسم، الكفيل بتغليب الأصلح تلقائيا، وفق منهجه الرباني "فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض". الله لطيف بموريتانيا وعباده أجمعين، لأنها مأوى العلم والعلماء، وعرين التعايش رغم التنوع الإيجابي، بحصانة من الإسلام الجامع. وعلى الصعيد الصحي، قتلت حمى نواكشوط وغيره، النزيفية أحيانا، العديد من الضحايا، دون أن تتمكن الدولة من الجرأة على نشر الحقيقة ومواجهة راديكالية للخطر الحموي" المتكرر كل عام تقريبا بعد موسم الأمطار منذ سنوات عدة. بدءا بسنة "حمى الوادي المتصدع" في آدرار أساسا، إلى سنة 2015 المنتهية للتو. أبشروا فالفرج قريب بإذن الله، قال الله تعالى: " فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا". وقال جل شأنه: "فجعل من دون ذلك فتحا قريبا". لا حبا في الماضي، ولكن كرها في الإقطاعية، حيث ختم الحاكم السابق الحضرامي ولد امم، المشوار سنة 2015، في مقاطعة دار النعيم، الشريط المكمل لدار السلام بحجة أنها أرضه، فهو يبيعها تدريجيا هذه الأيام، ليس لأنه ورثها عن أبيه رحمه الله، لكنها الإقطاعية بامتياز. يقول بعض المستفيدين من بيعه المثير لهذه القطع الأرضية، أعطيت في عهد المختار الراحل رحمه الله وصادق عليها عزيز، والقصة وصحتها على ذمة الرواة المروجين المتعددين "صمصارت اتراب". قطعا تلك المهزلة، التي يتغافل أو يتماهى معها النظام في شمال العاصمة، ستثير زوبعة ضد الإقطاع العقاري، داخل البيظان أنفسهم، لأن توسع ولد امم النائب العمدة السابق في ازويرات قد لا يتوقف في شمال العاصمة، إلا بعد مواجهة صريحة حاسمة. إنها سنة الفوضى الخلاقة، أطلقها النظام عن قصد أو غير قصد أحيانا، للتغطية على ما نهب من أموال وعقارات قلب العاصمة، مقابل مقر التلفزة وعلى هامش الملعب الأولومبي، بل وفي جزء منه أصيل، ليشغل الضعفاء ببعض الإقطاعيين "المتفتفين" حتى لا يبلغه هو نفسه، الرمي المرتقب الوشيك. "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" لقد كانت سنة مزودجة المسرات والمتاعب الغالبة، لكن الفرج تدل عليه كل المؤشرات، اشتدوا أزمة تنفرجي قريبا....قريبا بإذن الله. ولنعمل الأسباب وأولها الدعاء قال الله تعالى: " يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ". وقال تعالى: " قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا" -: