في ذكرى مرور أربع سنوات على وفاة العقيد المصطفى ولد محمد السالك، أول رئيس للجنة العسكرية للخلاص الوطني، رئيس الدولة الموريتانية الأسبق (1978 ـ 1979)؛ يروي السياسي المخضرم والكاتب الموريتاني المعروف أحمد بابا مسكه شهادته على مسار هذا القائد الوطني المتميز، من خلال تجربته الشخصية معه..
لقد ادخر التاريخ للمرحوم الرئيس المصطفى ولد محمد السالك دورا خاصا؛ هو دور المنقذ لموريتانيا.
تعرفت عليه قبل استقلال البلاد بسنوات، في فترة تأسيسنا رابطة للوطنيين الشباب؛ الذين كانوا يطمحون لحمل هم البلد والدفاع عنه. وقد أنشأنا تلك الحركة التي يمكن القول إنها حركة عصيان أو حركة ثوار لا ننبع لأي إيديولوجية لأن الإيديولوجيات لم تجد بعد آنذاك في موريتانيا. الإيديولوجيات كانت دائما موجودة بشكل أو بآخر، لكن ما يسمى الإيديولوجيات الحديثة وصلت إلينا بعد. سواء الغربية منها أو العربية أو الإفريقية.
في الواقع كان الشباب المتعلمون في المدارس العصرية غالبا في المقدمة. ليس دائما لكن عددا منهم؛ خاصة المدرسين والمعلمين. وقد كان الرئيس المصطفى ولد محمد السالك رحمه الله، في فترة ما، مدرسا، وبالتالي كان منخرطا ومناضلا حازما في رابطة الشباب الموريتاني. ولم يكن في النهضة. وقد ترك الحركة الشبابية ليلتحق بالجيش الوطني سنة.
بعد ذلك بفترة طويلة اندلعت حرب الصحراء التي دامت ثلاث سنوات. وكانت حربا كارثية بالنسبة لموريتانيا وخطأ فادحا.
حرب أشقاء، ظالمة، غير شرعية، وغير مشروعة
كانت موريتانيا مفلسة ولم تعد لديها أي وسائل لمواصلة تلك المغامرة. كان الضباط والقادة العسكريون خير من يمكنهم إدراك حجم تلك الوضعية الخطيرة فاجتمعوا عدة مرات لتقييم الموقف وبحث كيفية إخراج البلد من وضعية كتلك قد استغرق ذلك، ربما، عاما من التحضير.
كان من بينهم من انخرطوا في فكرة إنهاء الحرب وآخرون أقل تحمسا بكثير. وفي الأخير كان من ضمن الذين قادوا العملية حتى النهاية؛ أساسا؛ الرئيس المصطفى وهو حينها قائد أركان الجيش؛ ثم الرائد جدو ولد السالك، قائد المنطقة العسكرية الشمالية.
كان الرئيس المصطفى خلوقا، كتوما جدا، ولم يكن أي شخص قادرا على معرفة ما يدور في ذهنه. قاد كل شيء، مع أنه هو من تولى إدارة ذلك التغيير الذي طال انتظاره؛ من البداية حتى النهاية.
لقد قرروا ـ إذن ـ وقف الحرب، وكانت الطريقة الوحيدة لوقفها؛ أمام تعنت النظام آنذاط، هي الاستيلاء على السلطة. وذلك ما فعلوه. الرئيس المصطفى شخصية تاريخية، لعب دورا مهما في بلده.
اليوم يمكن أن نحفظ له أنه، أولا، كان وطنيا عظيما، مناضلا من الرعيل الأول و اختار مساره المهني ليكون حيث يحناجه وطنه. لعب دورا حاسما في تاريخ موريتانيا. وقد ادخر له التاريخ، أساسا، لعب دورا أساسيا ومتميزا. وهو تخليص موريتانيا من حرب حمقاء سببت لها الكثير من الضرر وكان لابد من إنهائها بأية وسيلة.
أحمد بابا مسكه، كاتب وسياسي