احتضنت قاعة المحاضرات بالمركز الثقافي المغربي أمس الأربعاء محاضرة بعنوان: "الرواية المغاربية.. قراءة في الاتجاهات" من تأطير الأستاذة الجامعية تربه بنت عمار والباحث في السرديات سيداتي ولد سيدي الخير.
وافتتح الأستاذ محمد القادري مدير المركز المغربي المحاضرةَ مُرَحِّبًا بالحضور، شاكرا المحاضِريْن ومعتبرا هذه المحاضرة حلقةً في سلسلةِ تعاونهما مع المركز في رسالته الثقافية النبيلة.
الدكتورة تربه بنت عمار افتتحت محاضرتها بالترحم على روح عالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي التي توفيت قبل أيام، معتبرة أنها، رغم آرائها المثيرة في قضية الحريم في المجتمعات الإسلامية، إلا أنها أنصفت العهد النبوي حين كتبت عنه، وأنها رأت أن الانحراف في هذا المجال إنما وقع في عصور لاحقة له.
وجاءت محاضرة الدكتورة تربه عرضا تاريخيا لصيرورة الرواية المغاربية، واتفقت منت عمار مع الناقد بوشوش بن جمعة في قوله:" إن الخطاب الروائي المغاربي إن عمد في مرحلة النشأة والتأسيس - التي توازي حصول بلدان المغرب العربي على استقلالها - إلى تصوير أحداث الثورات التحريرية التي خاضتها شعوب هذه المنطقة - في نزوع يغلب عليه الاحتفال ويلونه حماس النصر - فإنه تحول مع مطلع السبعينيات لينشغل بالقضايا الاجتماعية الناجمة عن التحولات العميقة التي كانت تشهدها المجتمعات المغاربية على جميع الأصعدة.
غير أن هذا الخطاب شهد انعطافة نوعية في الثمانينات؛ تجلت في نزوعه إلى البحث والتجريب بغية تجاوز السائد من الخطابات بدل استنساخها، وهو في ذلك يتطلع إلى اكتساب الخصوصية، وإنتاج معرفة أكثر إدراكاً لتحولات الذات، ولواقع تلك التحولات وعوائقها، في مجتمعات مغاربية تسم التحولات المتأزمة واقعها في الأغلب، وهو ما يجعل السؤال الإبداعي متجدداً بما يشكله من مفاهيم في البحث، ويبنيه من طرائق التفكير".
أما باحثُ السرديات سيداتي ولد سيدي الخير فرأى أنه يمكن تقسيم المراحل التي مر بها فن الرواية المغاربية إلى أربع مراحل:
*مرحلة الأشكال الجنينية التي مهدت لهذه الرواية، وتتمثل أساسا في المقامة والمناظرة والقصة والأقصوصة والقصة القصيرة والرحلة والتاريخ والسيرة والتصوف.
*مرحلة التأسيس والاستنبات أو التجنيس الفني لنوع الرواية المغاربية من خلال الرواية المشرقية.
*مرحلة التجريب التي اتخذ فيها الروائيون الغربَ مرآة للحداثة والإبداع والانزياح السردي.
*مرحلة التأصيل التي اتخذ فيها الروائيون التراثَ مرآة للحداثة والخلق والتجاوز.
ورأى ولد سيدي الخير في نهاية محاضرته أن "هناك نماذج روائية مغاربية قابلة لإعطاء صورة متفردة وخاصة عن الإبداع الروائي في هذا الجزء من العالم، وهي بالتالي قابلة للمساهمة في تحليل المجتمع وطرح الأسئلة لاختبار مدى قابلية الشعوب المغاربية للانصهار والتعارف وربما الاتحاد".