استطلاع: أحمد سالم ولد باب
في وقت من الأوقات وجدت إحدى الصحف الأميركية نفسها في موقف حرج؛ قد يعرضها إلى الإفلاس، فقد سرت شائعة تزعم - للمعلنين فيها - أنها تكاد تقتصر على الإعلانات، وتوشك أن تَخْلُوَ من الأخبار والمقالات..
ما الذي فعلته الصحيفة لمواجهة هذه الشائعة الخطيرة؟
انتزعت من أحد أعدادها المادة الإخبارية، وَضَمَّنَتْهَا كتابًا أسمته "يومٌ واحد" One Day، فجاء مُؤَلَّفًا من ثلاثمائة صفحة، أي في حجم كتاب يباع بدولارين، لكنها باعته بسِنْتَين.
وكان إخراج الكتاب كفيلا بإعادة الأمور إلى نصابها، إذ اتضح أن الصحيفة تحمل حِمْلًا ثقيلا من المادة المفيدة.
في الأشهر القليلة الماضية تعرضت شركة "النجاح" لحملة تشويه رهيبة فيما يتعلق بصفقة المطار، ويبدو أن الشركة استخدمت "الأسلوب الأميركي" في الإقناع، حيث نظمت أياما مفتوحة لزيارة المطار، ومعاينة الأشغال التي وصلت إلى مرحلة متقدمة.
وعلى الأرجح فإنها نجحت في مهمتها، حتى إن النائب "المشاغب" محمد غلام نفسه لم يجد بُدًّا من الاعتراف والإشادة بالمطار، خلال نقطة صحفية قصيرة حضرتها "مراسلون" عقب جولته في المطار.
المطار الجديد سَيُغَيِّر أفكارا كثيرة رسخها في أذهان المواطنين والأجانب على حد السواء مطارُ انواكشوط الحالي (أو العنگار كما تحلو للبعض تسميته)..
المطار واجهة لثقافتنا..
عند مدخل المطار يواجهك مسجده الذي بني على الطراز المعماري الذي تميزت به مدننا التاريخية (ودان، شنقيط، تيشيت...)، وزُخرفت أبوابه بزخرفة تقليدية رائعة من النحاس الأصفر، كما زُيِّنَ محرابه بالحجارة التقليدية..
"ليس بالضرورة أن يكون مسجد المطار بحجم مفحص قطاة" يقول أحد الزوار لـ"مراسلون"، غامزا بعينه، في إشارة إلى مسجد المطار الحالي..
المسجد الجديد يتمتع بحجم مقبول، كما أنه بني على طرازنا المعماري الذي يمكن أن نفخر به أمام العالم، بينما زُيِّنت قاعات المطار وأروقته بالزخرفة الولاتية المشهورة.
نافورة حقيقية وليست سربا من الحشرات!
بإمكان الصحفية المصرية "هويدا طه" أيضا أن تتأكد من أن ما تشاهده في باحة المطار هو نافورة حقيقية، وليس "سربا من الحشرات"، كما "زعمت" في مقال لها نشرته في صحيفة "القدس العربي" قبل ثمانية أعوام!
في زيارتها القادمة لن تشكو صحفية "القدس العربي" من ظُلْمَة المطار، ولا من حرارته الخانقة؛ فالمطار الجديد مكيف بالكامل، ولن تضطر للسير على قدميها في المسافة الفاصلة بين سلم الطائرة والبوابة الداخلية للمطار، فهو مجهز بممرات عبور متصلة بباب الطائرة.
ومن قال إن لمطار انواكشوط الدولي "مرحاض يتيم"، يقف أمامه المسافرون في طابور طويل، انتظارا لدورهم في الدخول؟ الصور القادمة من المطار الجديد تكذب ذلك.
قاعة الانتظار زال "يتمها" أيضا، فقد صارت لها أخوات وأخوات، وكذلك الحال بالنسبة لقاطرات البضائع.
جسر السيارات الأول في موريتانيا..
لا يقتصر "جديد" مطار أم التونسي على هذا فحسب، بل إنه جَلَبَ معه جديدا آخر لموريتانيا، يمكن تسميته بـ"جسر السيارات الأول في موريتانيا"..
بُنِيَ هذا الجسر في النقطة الرابطة بين الطريق المزدوج المتجه إلى مطار أم التونسي وطريق انواكشوط – انواذيبو، ويتميز هذا الطريق المزدوج بأنه أولُ طريقٍ سَيّارٍ مُضَاء بالكامل خارج المدن الموريتانية.
لكن حذار.. فالمطار الجديد يحمل خبرا "سيئا" للمولَعين بالاستقبال والتوديع، ففضلا عن أنه يبعد 25 كيلومترا عن العاصمة، فهو يبعد 7 كيلومترات أيضا عن طريق انواكشوط – انواذيبو.
وإذا كان أكثر الموريتانيين لم يروا المقصورة الرئاسية الملحقة بالمطار القديم إلا من خلال شاشة التلفاز، فالفرصة سانحة لرؤيتها الآن رَأْيَ العين في المطار الجديد خلال الأيام المفتوحة الحالية..
وَلَجْتُ من البوابة الداخلية للمقصورة الرئاسية، ووقفتُ في المكان الذي يفترض أن يقف فيه الرئيس منتظرًا نزول ضيفه من طائرته، وتساءلت: ترى من يكون الرئيس الذي سيقف هنا بعد 2019؟ هل هو الرئيس ولد عبد العزيز أم رئيس آخر؟!