كما كان متوقعا قوبلت الآراء المثيرة التي كتبها العالم السعودي الشريف حاتم بن عارف العوني حول الشعر الموريتاني بردود فعل واسعة من المدونين الموريتانيين.
وكانت "مراسلون" قد نشرت في وقت سابق خبرا يتعلق بآراء كتبها الشيخ العوني (وهو عالم وعضو سابق بمجلس الشورى السعودي)، قال فيها إن "الإبداع في الشعر الموريتاني قليل"، ورأى أن المجددين من شعراء موريتانيا "لا يختلفون كثيرا عمن سبقهم، إلا في الأشكال".
وعلق العوني على تقويم الدكتور محمد المختار ولد اباه للشعر الموريتاني في كتابه (الشعر والشعراء في موريتانيا) قائلا: "كأنه يقول لنا من خلال هذا التقرير: إنه لا يجد عند النقاد المعاصرين (منذ عصر مدرسة الإحياء إلى اليوم) مقياسا يمكن أن يَسْتَحْسِنَ شعرَ شعراء بلده، وأنه على النقاد أن يعترفوا لأهل بلده بمقياسهم الخاص في الاستحسان"!.
وفضلا عن ذلك فلم يُخْفِ استهانتَه بما قد تجره عليه هذه الآراء من غضب الموريتانيين.
"مراسلون" رصدت أهم ما كتبه المدونون الموريتانيون ردا أو تعليقا على آراء العالم السعودي:
حكمت على نفسك بضعف الاطلاع على شعر القوم ثم أصدرت الحكم دون بينة ثم اعتبرت من انتصر لنفسه مبطلا ومن اعتدى محقا.. أي ميزان هذا؟!
حبيب الله ولد أحمد
هذا الرجل يقال إنه عالم سعودي اسمه الشريف حاتم بن عارف العوني قال إنه لا إبداع فى الشعر الموريتاني بسبب الطبيعة البدوية والصحراوية للبلد.
لا أدرى هل كانت حزوى وعبقر ونجد وتهامة والحجاز وحومانة الدراج وبرقة ثهمد وعانز التى ولد فيها كبار مبدعى الشعر العربي متحضرة كلها ناطحات سحاب ومصارف ومصاعد وسيارات فارهة وطرق معاصرة.
كما أننى لا أدرى أيضا هل البداوة والتصحر مناقضان للإبداع بل لا أعرف ما الذى يعنيه الإبداع أصلا بالنسبة لعالمنا حاتم بن عارف.
أعرف شيئا واحدا وهو أنه بمقدوري أنا وبنفس طريقة هذا العالم أن أقول لكم برأس مرفوع إنه لا إبداع في "لكلاسيكو" و"الليغا" و"الكوبا" كما أن المصارع "جون سينا" لا يفهم شيئا في المصارعة وكل مبارياته خالية من أي إبداع تماما مثل سائقي "الفورملا وان" الذين لا يبدعون أثناء سباقاتهم.
الشيخ سيدي عبد الله
العالم السعودي حاتم بن عارف العوني يقول : " ..علماء موريتانيا كما ذكرتَ أهل علم باللغة نحوها وصرفها ، وهم مشهورون بقوة الحافظة ، وهذا منح شعراءهم ثروة لغوية كبيرة وتصرفا في الألفاظ ليس لغيرهم.
مع ذلك كله : فالإبداع فيهم قليل ، وعامة شعرهم تقليد لشعراء العصور الأولى ، وتكرار لأفكاره ومعانيه . وعزز ذلك فيهم : حياة بدوية تشبه حياة القدماء ، وحافظة غلوا فيها على حساب الخيال ، فقل فيهم التجديد والاختراع في الشعر ".
هذا الكلام فيه وجاهة كبيرة وينضاف لآراء مشابهة أطلقها من قبل نقاد موريتانيون وغربيون وعرب.
بناء القصيدة الموريتانية في مراحل من عمرها مجرد اجترار لبناء وسبك ولغة وخيال القصيدة العربية في عصورها الأولى .
وبدهي جدا ذلك التشابه بين البيئتين العربية القديمة والموريتانية، ضف إلى ذلك أن المنهج الأدبي في المحظرة الشنقيطية ركز على عصور الاستشهاد شعرا ولغة وهو ما جعل الجهاز القرائي للشاعر الموريتاني ينحصر في نتاج ذلك العصر فقط دون غيره.
أما إشارة أستاذنا الدكتور محمد المختار ولد اباه أن قراءة الشعر الموريتاني تتطلب من الناقد الأخذ بخصوصية هذا الشعر فهي إشارة إلى أن القصيدة الموريتانية ظلت وفية لسياقها الثقافي والتاريخي حتى في عصور الانحطاط وأن ميزتها تكمن في تطويعها للغة والعروض دون الخروج على فصاحة اللغة و بلاغتها.
في الشعر الموريتاني خلال القرن الثالث عشر تحديدا لمحات إبداعية كثيرة ولكن اتكاءه على القالب والمعمار القديم من ما لا يخفى على أحد ولا يجب أن يشكل منقصة أو مأخذا يغضب أحدا.
فهل كان عصر النهضة في المشرق غير العودة للعصور التي تجاوزها الموريتانيون في عصر الانحطاط؟
ألم يشكل غرض المعارضات في الشعر المشرقي عودة صارخة لقصيدة البادية والصحراء؟ .
لكن : لماذا لا يغوص العالم السعودي في جماليات النص الموريتاني الأخرى غير البناء ؟ حينها سيكتشف خصوصية الشعرية الموريتانية وفرادتها؟ .
الشريف حاتم بن عارف العوني... يبدو فعلا أنك لم تطلع على الشعر الموريتاني إلا من خلال كتاب ولد اباه... ولذا كتبت ما كتبت.. سامحك الله.
لكن العوني لم يعدم مؤيدا على آرائه بين الموريتانيين أنفسهم حيث كتب المدون سيد محمد ولد أخليل قائلا:
من موريتانيا.. ومعك في رأيك، ولا يعني ذلك أن الشعراء الموريتانيين ليسوا على شيء فللشعر شروط كثيرة من أهمها التبحر في اللغة والحافظة القوية، وهم في هاتين كانوا - فعل ماضي - لا يُبارون..
ويبدو أن هذه التدوينة وحدها هي التي استحقت ردا عند العوني، حيث قال مخاطبا صاحبها: زادك الله عقلا وعلما وإنصافا.
لا أعرف لماذا أحطت علما بما كتبه الموريتانيون من شعر.. لكن نود منك أن تسرد لنا نقدك شعرا حتى نسترسل في الرد عليك يا شيخ.. فالنثر كل أحد قادر على كتابته والأقلام ستنال منك يا شيخ.. وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
واكتفى المدون Abdallahi Mohamed بالقول: واحد يتطاول علينا!