نظمت الرابطة الوطنية لتخليد بطولات المقاومة الوطنية مساء اليوم بفندق الخاطر؛ ندوة بمناسبة الذكرى الخامسة الخمسين لعيد الاستقلال الوطني، تحت عنوان: "المقاومة الوطنية: التضحيات والأمجاد".
وقد افتتح الندوة رئيس الرابطة السيد سعد بوه ولد المصطفى، الذي قال إن موريتانيا أصبحت تسير في الاتجاه الصحيح، حيث تصالحت مع ذاتها، وارتبط حاضرها بماضيها، وذلك بفضل الرؤية الثاقبة لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز.
وتناول الكلمة بعده الشيخ الطالب أخيار ولد الشيخ مامين، حيث قال إن الدوافع الحقيقية لاستعمار موريتانيا كانت دوافع استراتيجية تتعلق بموقعها المتميز، واقتصادية تتعلق بثراوتها الكبيرة.
وشدد على أن الضربات النوعية التي وجهتها المقاومة للمستعمر قبل مقتل كبولاني وبعده؛ جعلت تجار اندر (سان لويس) ونبلاءَه يطالبون بمراجعة السياسة الاستعمارية في بلاد البيظان.
وسرد ولد الشيخ مامين لائحة بأهم المعارك التي تكبد فيها الفرنسيون خسائر فادحة من قِبل المقاومة الوطنية.
تاريخ المقاومة عانى من تعتيم كبير
ونبه الفقيه المعروف والإداري السابق إلى أن تاريخ المقاومة عانى من تعتيم كبير، مؤكدا: أمضيتُ وقتا طويلا إداريا وواليا، كنت خلاله أحضر الاحتفالات بمناسبة عيد الاستقلال، ولا أذكر أن المقاومة ذُكرت خلال تلك الاحتفالات بكلمة..
وأضاف: يحسب لهذا العهد - في إشارة إلى حقبة الرئيس عزيز - احتفاءَه بالمقاومة واهتمامه بها.
وختم الشيخ الطالب أخيار مداخلته بانتقاد الأصوات التي ارتفعت مؤخرا تنتقص من المقاومة والمقاومين، قائلا إن من يصف قتل كبولاني بالجريمة ويصف سيدي ولد مولاي الزين بالظلامي يُخشى على سلامة عقيدته.
وشدّد ولد الشيخ مامين - وهو فقيه معروف وإداري سابق - على أن الفقهاء اتفقوا على أن المتنقص من الشعائر الدينية يدخل في الردة دخولا أوليا.
جميع فئات المجتمع شاركت في المقاومة
ثم تناول الكلمة بعد ذلك الدكتور بلال ولد حمزة، الذي افتتح مداخلته بالسؤال عن الوصف الذي يمكن إطلاقه على أولئك الذين واجهوا الاستعمار، هل هو: المقاومون الذي يحيل إلى الدفاع عن الوطن، أو المجاهدون الذي يحيل إلى الدين والعقيدة، أو هما معا؟
والواقع يقول ولد حمزة أن كلا الوصفين ينطبق عليهم، فقد كان لهؤلاء حوزة ترابية ومراعٍ يذودون عنها، وكان لهم إماراتهم وسلطاتهم التي تولت هذا الدفاع ورفعت رايته، وهو ما يجعل منهم مقاومين.
كما أن سقوطهم دفاعا عن العقيدة والإيمان والأخلاق والحياة يمنحهم لقب المجاهدين.
السؤال الثاني الذي يُطرح هنا - يقول ولد حمزة - طرحه علي أحدهم، وهو: لماذا لا نسمع إلا أسماء النبلاء والأمراء عند سرد أو كتابة تاريخ هذه المقاومة؟
يجيب الدكتور قائلا: لا ينبغي أن نحاكم أولئك إلى معاييرنا، لقد كان انتصار القائد انتصارا للجميع، ومجد القائد هو مجد للجميع.
وشدد ولد حمزة على أن جميع الفئات شاركت في المقاومة، وحتى ما كتبه الفرنسيون يشهد على ذلك، وسرد قصة الحرطاني التي ذكرها "افرير جان" في مذكراته، والذي امتنع أن يدلهم على الطريق وخادعهم فقتلوه بدم بارد.
السؤال الثالث حسب ولد حمزة هو: كيف يمكن أن نستفيد من المقاومة في علاج واقعنا الحالي؟ يمكننا أن نستلهم روح التضحية لدى الآباء والأجداد عند مواجهتهم لعدوهم آنذاك وهو المستعمر، لكن عدونا نحن الآن مختلف، لأنه الجهل والفقر والتفرقة والتهميش واحتقار الآخر والتقليل من شأنه... فيجب أن ننجح في مواجهة هذا العدو كما نجح الأجداد سابقا في مواجهة عدوهم.
كل المعارك التي حصلت في بلادنا كانت باسم الإسلام
تناول الكلام بعد ذلك الأستاذ كان هاديا، حيث ذكر أن ذكر أن جذور المقاومة تعود إلى القرن الخامس عشر، حين تصدى إيمراكن للمستكشفين الهولنديين الذي نزلوا إلى الشواطئ الموريتانية آنذاك.
كما أن حركة الإمام ناصر الدين كانت مقاومة، فقد حارب الفرنسيين لأنه كان ضد تجارة الرقيق التي كانوا يمارسونها.
وحتى حرب "شرببه" نفسها جاءت على خلفية أن الأمراء لم يضطلعوا بواجبهم تجاه الرعية، فاضطر العلماء لمحاربتهم، ورغم أن ناصر الدين انهزم في "شرببه" إلا أنه انتصر في قلوب أهل فوتا الذين احتذوا منهجه..
وخلص هاديا إلى أن تاريخ المقاومة يؤكد أن كل المعارك التي حصلت كانت باسم الإسلام.
وبعد هذه الكلمة أتيحت الفرصة للجمهور من أجل الإدلاء بمداخلاته.