يبدو الأمرُ شبيهًا باستغفالِ الجَهَلَة والأميين؛ حين يُعلن عن مسابقةٍ لولوج سلك مفتشي التعليم الثانوي، ثم يُستثنى بعضُ من يَنُصُّ المرسومُ المنظم لهذا السلك على أحقيتهم للترشح له..
ولأن أصحابَ هذا الحق ليسوا جهلةً ولا أميين؛ فقد سلكوا الأسلوب الحضاري لرفع هذا الحيف، فبادروا إلى استفسار الجهات المعنية بـ"البلاغ المشترك" عن الأساس القانوني لهذا الاستثناء..
في البداية، تدافعتْ تلك الجهاتُ المسؤوليةَ عن فحواه، ثم تطوّع مسؤولٌ رفيعٌ في وزارة الوظيفة العمومية بالقول: إن وزارةَ التهذيب الوطني؛ أرادت أن يكون هذا الاكتتابُ خاصا بالأساتذة الحاصلين على أقدمية 8 سنوات على الأقل.. فاستفسرناه عن الأساس القانوني الذي يسمح بذلك، فقال: لا أعرف!
ولا يخفى على من له أدنى إلمامٍ بالنصوص القانونية وخصائصها؛ أن النصَّ القانوني "وحدةٌ متضامنة، غيرُ قابلة للتجزئة"، فلا يمكن العملُ ببعض مقتضياته، ومخالفة البعض الآخر.. (أتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض)؟..
ومن المعلوم - لدى القانونيين - أن الإدارةَ جهةُ تطبيقٍ للنصوص تطبيقا حرفيا، وليست لها السلطة التقديرية لتفسيرها وتكييفها كما ترى.. فذلك من شأن بعض درجات القضاء..
إن "الخبرة" - التي يَتَّكِئُ عليها هؤلاء في تسويغهم لهذا الحيف - مصطلحٌ "هُلاَمِيٌّ" لا ضابط له.. وليس بالضرورة أن تُكتسب بـ"التقادم".. وأي خبرة فوق سنتين - على الأقل - من الدراسات المعمقة، وممارسة التدريس لأربع سنوات أو أكثر.. زيادة على تكوين سنتين على تقنيات التفتيش ومبادئه؛ يُنتظر أن يخضع له المترشح بعد نجاحه في المسابقة؟..
إن وقائعَ سالفةً - ثبت فيها إجراءُ مسابقاتٍ على "المقاس" - تجعلُ قلقَنا مشروعا، وتفسح المجال لسؤال مُلِحّ: ما السبب الحقيقي للقفز على المادة 10 من المرسوم المنظِّم لسلك مفتشي التعليم الثانوي، التي تنص على أن من بين من يُسمح لهم بولوج السلك المذكور؛ أساتذةُ السّلك الثاني من التعليم الثانوي والفني، الحاصلين على شهادة ماستر 2، وعلى أقدمية 4 سنوات في السلك؟..
انواكشوط، في 15/09/2015
أساتذة السلك الثاني الحاملين لشهادات عليا