مراسلون -موضوع خاص
يتجدد النقاش حول التقويم الغريغوري مع مطلع كل عام.
وكان أحد المهندسين الموريتانيين قد خَصَّ "مراسلون" بمقال لا يخلو من فائدة وطرافة عن هذا الموضوع.
ونشرت "مراسلون" هذ المقال قبل أكثر من عام من الآن، وتعيد نشرَه اليوم بمناسبة حلول رأس السنة الجديدة، وانبعاث النقاش الجديد/ القديم..
عاش رجل 80 عاما، وكان أهله يحتفلون بعيد ميلاده كل سنة، لكنهم لاحظوا بعد وفاته؛ أنهم لم يحتفلوا بعيد ميلاده سوى عشرين مرة، لماذا؟
لأن هذا الرجل ولد في 29 فبراير..
خطأ شائع..
لكن يجدر بنا أن ننبه على خطإ شائع لدى أغلب الناس، وهو ظنهم أن السنة الكبيسة هي التي تقبل القسمة على 4.. والصواب أنها هي التي: تقبل القسمة على 4 ولا تقبلها على 100، أو تقبل القسمة على 400، أي أنها التي تحقق أحد الشرطين.
2008 مثلا سنة كبيسة؛ لأنها تحقق الشرط الأول، وسنة 2000 سنة كبيسة؛ لأنها تحقق الشرط الثاني.
وعلى عكس ما يعتقد البعض فإن 1900 و2100 ليستا كبيستين لأنهما لا تحققان أي شرط!.. ولذا فإن شهري فبراير من سنة 1900 وفبراير من سنة 2100 يشتملان على 28 يوما فقط، ويمكن التأكد من ذلك بسهولة عن طريق أحد البرامج المشتملة على يومية كبيرة مثل: Microsoft Office Outlook
وعليه؛ فإن السنة الكبيسة لا تأتي كل أربع سنوات؛ بل قد تتأخر أحيانا ثماني سنوات!
لماذا لا يكون عدد أيام شهر فبراير 28 يوما في جميع السنوات؟!
لو كان ذلك، لكانت كل سنة تحوي 365 يوما (31+28+31+30+31+30+31+31 +30+31+30+31).
ولكن السنة الشمسية؛ أي المدة الزمنية التي تكمل الأرض فيها دورةً حول الشمس تساوي 365 يوما و5 ساعات و48 دقيقة و45.5 ثانية، وإذا لم يؤخذ هذا الفرق بعين الاعتبار؛ فإن فصول السنة (الشتاء والربيع والصيف والخريف) لن تحافظ على توقيتها مع مرور الزمن.
ولذلك فقد قرر يوليوس قيصر عام 46 قبل الميلاد؛ أن يكون عدد أيام شهر فبراير 29 يوما كل أربع سنوات، ولكن كما تلاحظون تبقى السنة اليوليانية (نسبة إلى يوليوس قيصر) أطول من السنة الشمسية بـ 11 دقيقة و14.5 ثانية، مما أدى في عام 1582 إلى حلول الاعتدال الربيعي قبل موعده بعشرة أيام.
وبسبب ذلك قرر البابا غريغوريوس الثالث عشر ما يلي:
-حذف عشرة أيام من التقويم، وذلك بأن يكون اليوم الموالي للخميس 4 أكتوبر 1582 هو الجمعة 15 أكتوبر 1582؛
-إرجاع السنوات القرنية الغير قابلة للقسمة على 400 لتكون سنوات عادية، أي غير كبيسة (وذلك مثل 1700، 1800، 1900، 2100، 2200...).
وسمي هذا بالتقويم الغريغوري أو الميلادي، واعتمد حينها في أغلب الدول الأوروبية - كفرنسا مثلا - وعندما اعتمدته بريطانيا عام 1752 كان الفرق قد وصل إلى 11 يوما، وكان اليوم الموالي للأربعاء 2 سبتمبر 1752 هو الخميس 14 سبتمبر 1752. ويصل الفرق الآن إلى 13 يوما.
وتم اعتماد التقويم الغريغوري في روسيا عام 1918 وفي اليونان عام 1923.
وحتى مع التصحيح الغريغوري؛ فإنه يحصل فرق بيوم واحد كل ثلاثة آلاف سنة، مما يعني أن الفرق سيصل إلى 14 يوما ابتداء من مارس 2100.
ولهذا السبب نجد لغزا شهيرا في مواقع الانترنت نصه: على الساعة 15:45 يوم 7 مايو 1590م، انطلقت سفينة محملة بالخشب الثمين من ميناء نانت بفرنسا، وبعد رحلة طويلة وشاقة وصلت إلى ميناء لندن يوم 7 مايو 1590م، على الساعة 15:48، فكيف تمت هذه المعجزة؟!
الظاهر من اللغز أن الرحلة لم تدم سوى ثلاث دقائق، ولكنها في الحقيقة دامت 10 أيام، وهي المدة الحقيقية التي تفصل توقيت المدينتين في تلك الفترة كما رأينا.