الشنقيطي: الدولة النبوية بدأت وعدا، وتأسست عقدا، وتوسعت عهدا..
تقرير: أحمد سالم ولد باب - مراسلون
استضاف صالون الولي محمذن ولد محمودا اليوم السبت كُلاًّ من العلامة حمدا ولد التاه متحدثا عن "الهدي النبوي في شؤون الدولة"، وعبر "اسكايب" من العاصمة القطرية الدوحة الدكتور محمد بن المختار الشنقيطي مُقَارِبًا موضوعَ "بنية الدولة النبوية وملامحها العامة".
وقال العلامة حمدا: إن "الصلابة في المبدإ والمرونة في الوسائل" التي تُمَيِّز الهديَ النبوي؛ يمكن استنباطُها من قوله صلى الله عليه وسلم المشهور: والله لا تَدْعُوني قريشٌ إلى خطة تعظم فيها شعائر الله إلا أجبتها..
واستعرض العلامة الجليل المواقف المتعلقة بشكل الدولة بعد منام النبي صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي؛ تلك المواقف التي لخصها حوارُ سقيفة بني ساعدة المشهور:
الموقف الأول: موقف الأنصار وجسّدته عبارة سعد بن عبادة: منا أمير ومنكم أمير.. يعني تقاسم السلطة..
الموقف الثاني: موقف الفتنة، وتدل عليه كلمة عبد الله بن سبأ اليهودي: إن هذا الأمر كان في هذا البيت، ويجب أن يبقى فيه.. وهذه هي البذرة الأولى للتشيع..
الموقف الثالث: موقف المرتدين الذين قالوا: كان بيننا وبين هذا الرجل عهد فلا شأن لنا بغيره..
الموقف الرابع: موقف أبي بكر، وتختصره عبارته المشهورة: إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من مضر.. وهذا الموقف يتأسس على اعتبار مركز القوة، أو ما يعرف اليوم بالحزب الغالب أو الأغلبية..
أما الدكتور الشنقيطي فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم واجه تحدي تأسيس الدولة في "أمة بيضاء، ليس لها ما تتعصب له من مواريث ثقافية أو دينية أو سياسية"..
ووصف صيرورة الدولة النبوية قائلا: إنها بدأت وعدا في بيعة العقبة الثانية، وتأسست عقدا في المدينة، وتوسعت عهدا إبان الفتوحات.. وهذه المعاني الثلاثة - يضيف الدكتور - ترجع إلى معنى التعاقد..
وذكر الشنقيطي أن من ملامح دولة النبوة أنها دولة انفتاح؛ استجلبت من الحضارات الأخرى ما تحتاج إليه، كالخاتم والمنبر والخندق... وهي دولة تعددية سمحت بوجود أصحاب الديانات الأخرى على أرضها؛ كاليهود في المدينة، والنصارى في نجران وهجر.. وهي كذلك دولة منظمة؛ كان لها جهازها الإداري البسيط، الذي يضم وزراء ووُلاة دائمين كولاة الأمصار، وآخرين مؤقتين كعمال الصدقة..
وميز الشنقيطي بين ثلاثة معانٍ لمفهوم الأمة، وهي مفهوم "الأمة الدينية" ويشمل المسلمين، ومفهوم "الأمة السياسية" وهذا يدخل فيه غير المسلمين، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم"... ومفهوم "الأمة الجغرافية"..
وفي الجلسة الثانية فتح مدير الجلسة – الدكتور سيدي أحمد ولد الأمير – المجالَ للمتدخلين، حيث كان أولهم الدكتور يحي ولد البراء الذي أكد على أن مفهوم الدولة في الإسلام يعاني من إشكالات نظرية ومنهجية، وأن نظرية الحكم في الفقه الإسلامي لم تكتب بشكل نسقي.
تناول الكلمة بعده الأستاذ محمدن ولد سيدي الذي استعرض صحبته الطويلة للعلامة حمدا، حيث عرفه معلما ومديرا للتوجيه الإسلامي ثم وزيرا له، وعرفه محاورا للملحدين وداعيا إلى الإسلام في بيته وبرامجه الإذاعية المشهورة..
الشاعر الكبير ناجي محمد الإمام قال إن شباب الحركات الفكرية في السبعينات قوميهم وماركسيهم؛ اختلفوا على كل شيء لكنهم اتفقوا على الأستاذ حمدا.
وتعاقب على كرسي المداخلات آخرون، قبل أن يختم الأستاذ الحسن ولد محنض الجلسة بقصيدة مديحية رائعة..