قبل أيام معدودات اندلع حريق قوي وسط حائط غير بعيد عن منزلنا... فخرجنا مكرهين ﻷن أعمدة الدخان السميكة السوداء النتنة تسربت إلى داخل المنزل فكان لزاما أن نغادره إلى حين ...
حاصر سكان المنطقة ألسنة اللهب التي التهمت ما بالحائط من أشجار كثيفة ونفايات كثيرة... وأنقذ شباب الحي المتحمسين بأعجوبة بقرتين وعجلين كانتا مربوطتين بسلاسل حديدية وأقفال .. وكادت ألسنة اللهب الحمراء أن أن تتسرب إلى البيوت المجاورة عبر ستائر النوافذ...
بعد نصف ساعة أو أقل وصلت سيارتا إطفاء كبيرتان وبهما فتية على قدر كبير من المسؤولية والاحترام فحاولوا الاقتراب من الحريق لكن سوء التخطيط العمراني لمنطقة تنسويلم عموما و(فراج الديك) خصوصا منعهم من الاقتراب... فأخرجوا أنابيب طويلة واستطاعوا إخماد الحريق في وقت قصير نسبيا رغم صعوبة مد أو جر أنابيب الماء الكبيرة لمسافة طويله تقدر ب (250إلى 400م) وسط حشود غفيرة أغلبها من اﻷطفال والنساء والشباب وفوضى عارمة تخللها الهتاف بعبارات نابية تتهم رجال الحماية المدنية بالفشل و التقصير وعدم الخبرة والوصول بعد فوات اﻵوان...
بعد انتهاء المعركة وانقشاع سحب الدخان وعودة الناس إلى البيوت... سمعت أحد رجال الإطفاء يحدث بعض معارفه عن واقع الحماية المدنية في موريتانيا والظروف الصعبة التي يعانيها الإطفائيون فهم قليل عديدهم (... و الكرام قليل) زهيدة رواتبهم قليلة وضعيفة ومتقادمة وسائلهم وأدواتهم يسخر منهم المدني ولا يحترمهم العسكري و يستقبلون يوميا اتصالات هزلية كاذبة ..
وقال ما مضمونه: نحن قطاع مستهلك (بكسر اللام) بخلاف أمن الطرق الذين أنعشوا الخزينة بما حرروا من ضرائب المخالفات...
نحن لسنا مهمين عند الدولة بل إن النظام القائم يكرهنا يكرهنا يكرهنا بسبب تكلفة جعل قطاع الحماية المدنية في وضعية استعداد دائم للتدخل ..
وكرر الرجل العبارات التالية: "الدوله كارهتن، والشعب ايجوغ فين، ونحن بعد مان باخلين ش"...
من صفحة الأستاذ محمد محمود الإمام