هنا طلع الزيتون من خلف أدْمعي ** وأومأ لي يبكي دُموعَ مودِّعِ
عزيزٌ على أمي وقد جفَّ نهْدها ** مُشاهَدتي أبْكي بأحضان مُرْضِع
سَتحْمِل للسمراءِ خاتمَ زوجها ** فكل فتاة حُلمها حَلْيُ إصبع
ستقطف من غصني زهور سلامه ** وتزرعه في كل واد ومنبع
خُلقتُم دُعاة للسلام فلا أرى ** سوى لاعبٍ في صفِّه أو مشجِّع
سمعت رصاصاتٍ يعكر صوتُها ** صفاءَ حماماتٍ على الغصن سُجَّعِ
لشنقيط في السمراء بُعْدُ محبة ** وبعدُ ولاءات وبعدُ تَموقُع
ثلاثةُ أبعادٍ تشكِّل لوحة ** مِنِ اِحْسَاسِ فنان وأعمال مبدع
حملتم من الصحراء روح سلامها ** وإسلامها الداعي لرفض التنطع
قوافل تجار نقيم معارضا ** فقسم مبيعات وقسم تبرُّع
وكنَّا إذا جئْنا لقِينا حَفاوة ** وأحمرَ سجَّادٍ على كل مهْيَع
قدِمْنا إلى السمراء نخْطُب ودَّها ** ونْثري تُراثا منْ جَمَالِ التنوع
إذا قَرعَ الأشرار طبْلَ حرُوبِهم ** عزَفْت لهم في السِّلْم أجْمل مقطع
أو انْفَعلَ الأحرارُ تحت إهانة ** وحَاد بهم عنَّي جموح التّسرّع
مدَدْتُ لهم جسْرا إلى بَرِّ رُشْدهم ** وشاطرْتهم عقلي ودعْمي وأدمعي
وللسِّلْم هشتاغٌ على كل رابطٍ ** يُزَخْرِفُ صَفْحاتي وَيُلْهِمُ موقعي
سأَطْوي مَفاهِيمَ الصَّعاليك كلِّها ** وأرْمي بها في قاع بحرٍ مروِّع
أباطيلُ تعطِي للدماءِ قداسةً ** وفِي سفْكِها تَدْعُو الجَبان بالاَشْجع
بِمحْكمة الجَلاّد تَجري خُصومة ** فَيكذِب صِدِّيقٌ ويَصْدُقُ مدَّع
تُكَمَّمُ أفواهٌ لِحقٍّ مضيع ** ولا صوْتَ يَعْلو فوق حقٍّ مضيَّع
سنَقْتَلِعُ الصُّعلوكَ من فوق عرشه ** ونَنْزعُ عَنْه كلَّ تاج مرصَّع
ونَرْجم عهْر العنْف في ثكناته ** ونجْلد تحت الدِّرْع كل مدرَّع
فآهٍ على روح الجنود تسوقها ** أوامرُ وحشٍ بالمعارك مولَعِ
وأُفٍّ على حمْقى تمجِّدُ عنْفَها ** وغياب شرْعٍ بَيْنَها أو مُشرِّع
وتَسْترجِعُ التاريخَ حين بجَنْبِه ** تَبيتُ على خوفٍ وتُمْسي بِمَطْمَع
ويَحْكُمها في الغابِ نابٌ ومِخلبٌ ** وتَأوِي لِكهفٍ ليْلُه جِدُّ مُفْزِعِ
وتَاريخها في الكَهف عارٌ تجرُّه ** وتَنْشُرُه كَالنَّتن في كل موضع
أَ أَنْسى أرِيجاً من رسولي وعطفه ** وأحْفَظُ ذنْباً عن كليبٍ وتُبَّعِ
رَوينا أحاديثَ الصَّعاليك كلِّها ** ومَنْعَ (سَرَابٍ) من شرابٍ ومَرْتَعِ
وداحسَ والغبراء والثأر والوَغي ** وحرب خَزَازٍ والفجَار وَلَمْ نَعِ
سيأتي زمانٌ فيه نكْرهُ فكرَنا ** ونَبْصقُ في وَجْهِ الحُروبِ المقنَّع
ويُصْبِحُ فِكْرُ العُنْفِ عارٌ يَمُجُّهُ ** غريمي وحِلْفي وانْتمائي ومرجعي
سَيحْكمني عقْلي ويعلو بصوته ** صُراخ انفعالاتي وتشويش مَسمعي
سَيصبح عار حين تصحو عُقولنا ** وَتُدرك أنَّ العنف أقذرُ مَخدع
سَيفْخرُ بالزيْتونِ كل مزارع ** ويخجل من أثوابِه كل مِدفع
حَلِمتُ بأرضٍ لا جراحَ لشوكها ** ويخجلُ فيها الخصم من لَيِّ أذرع
أنا سنَّة المختار شيعة صِهره ** ولا فرْقَ لا في سنتي أو تشيعي
وأكْفُر بالتسييس حين يجرُّني ** إلى وصْفِ إنسان بقردٍ وضفدع
* شاعر مقيم بالمهجر