غصن زيتون (شعر) / القطب ولد زياد*

أحد, 2017-03-26 02:32
الشاعر القطب ولد زياد

هنا طلع الزيتون من خلف أدْمعي ** وأومأ لي يبكي دُموعَ مودِّعِ

عزيزٌ على أمي وقد جفَّ نهْدها ** مُشاهَدتي أبْكي بأحضان مُرْضِع

سَتحْمِل للسمراءِ خاتمَ زوجها ** فكل فتاة حُلمها حَلْيُ إصبع

ستقطف من غصني زهور سلامه ** وتزرعه في كل واد ومنبع

خُلقتُم دُعاة للسلام فلا أرى ** سوى لاعبٍ في صفِّه أو مشجِّع

سمعت رصاصاتٍ يعكر صوتُها ** صفاءَ حماماتٍ على الغصن سُجَّعِ

لشنقيط في السمراء بُعْدُ محبة ** وبعدُ ولاءات وبعدُ تَموقُع

ثلاثةُ أبعادٍ تشكِّل لوحة ** مِنِ اِحْسَاسِ فنان وأعمال مبدع

حملتم من الصحراء روح سلامها ** وإسلامها الداعي لرفض التنطع

قوافل تجار نقيم معارضا ** فقسم مبيعات وقسم تبرُّع

وكنَّا إذا جئْنا لقِينا حَفاوة ** وأحمرَ سجَّادٍ على كل مهْيَع

قدِمْنا إلى السمراء نخْطُب ودَّها ** ونْثري تُراثا منْ جَمَالِ التنوع

إذا قَرعَ الأشرار طبْلَ حرُوبِهم ** عزَفْت لهم في السِّلْم أجْمل مقطع

أو انْفَعلَ الأحرارُ تحت إهانة ** وحَاد بهم عنَّي جموح التّسرّع

مدَدْتُ لهم جسْرا إلى بَرِّ رُشْدهم ** وشاطرْتهم عقلي ودعْمي وأدمعي

 وللسِّلْم هشتاغٌ على كل رابطٍ ** يُزَخْرِفُ صَفْحاتي وَيُلْهِمُ موقعي

 سأَطْوي مَفاهِيمَ الصَّعاليك كلِّها ** وأرْمي بها في قاع بحرٍ مروِّع

 أباطيلُ تعطِي للدماءِ قداسةً ** وفِي سفْكِها تَدْعُو الجَبان بالاَشْجع

بِمحْكمة الجَلاّد تَجري خُصومة ** فَيكذِب صِدِّيقٌ ويَصْدُقُ مدَّع

تُكَمَّمُ أفواهٌ لِحقٍّ مضيع ** ولا صوْتَ يَعْلو فوق حقٍّ مضيَّع

سنَقْتَلِعُ الصُّعلوكَ من فوق عرشه ** ونَنْزعُ عَنْه كلَّ تاج مرصَّع

ونَرْجم عهْر العنْف في ثكناته ** ونجْلد تحت الدِّرْع كل مدرَّع

فآهٍ على روح الجنود تسوقها ** أوامرُ وحشٍ بالمعارك مولَعِ

وأُفٍّ على حمْقى تمجِّدُ عنْفَها ** وغياب شرْعٍ بَيْنَها أو مُشرِّع

وتَسْترجِعُ التاريخَ حين بجَنْبِه ** تَبيتُ على خوفٍ وتُمْسي بِمَطْمَع

ويَحْكُمها في الغابِ نابٌ ومِخلبٌ ** وتَأوِي لِكهفٍ ليْلُه جِدُّ مُفْزِعِ

وتَاريخها في الكَهف عارٌ تجرُّه ** وتَنْشُرُه كَالنَّتن في كل موضع

أَ أَنْسى أرِيجاً من رسولي وعطفه ** وأحْفَظُ ذنْباً عن كليبٍ وتُبَّعِ

رَوينا أحاديثَ الصَّعاليك كلِّها ** ومَنْعَ (سَرَابٍ) من شرابٍ ومَرْتَعِ

 وداحسَ والغبراء والثأر والوَغي ** وحرب خَزَازٍ والفجَار وَلَمْ نَعِ

سيأتي زمانٌ فيه نكْرهُ فكرَنا ** ونَبْصقُ في وَجْهِ الحُروبِ المقنَّع

ويُصْبِحُ فِكْرُ العُنْفِ عارٌ يَمُجُّهُ ** غريمي وحِلْفي وانْتمائي ومرجعي

سَيحْكمني عقْلي ويعلو بصوته ** صُراخ انفعالاتي وتشويش مَسمعي

سَيصبح عار حين تصحو عُقولنا ** وَتُدرك أنَّ العنف أقذرُ مَخدع

سَيفْخرُ بالزيْتونِ كل مزارع ** ويخجل من أثوابِه كل مِدفع

حَلِمتُ بأرضٍ لا جراحَ لشوكها ** ويخجلُ فيها الخصم من لَيِّ أذرع

أنا سنَّة المختار شيعة صِهره ** ولا فرْقَ لا في سنتي أو تشيعي

وأكْفُر بالتسييس حين يجرُّني ** إلى وصْفِ إنسان بقردٍ وضفدع 

 * شاعر مقيم بالمهجر