حتى أنت يا بروتوس...
يمثل نواب الجمعية الوطنية الشعب الذي انتخبهم في اقتراع مباشر ليعبروا عن إرادته السياسية ويدافعوا عن مصالحه، ويمثل تصويتهم تعبيرا عن وجهة نظر غالبية المواطنين. وقد صوت أعضاء الجمعية الوطنية بأغلبية ساحقة لصالح التعديلات الدستورية المقترحة بعد نقاشات مستفيضة شارك فيها نواب المعارضة بجميع أطيافها الممثلة في البرلمان.
أما مجلس الشيوخ فهو غرفة ينتخب أعضاؤها بطريق غير مباشر ولا يمثلون إرادة الشعب إلا بتوسط كبار الناخبين من مستشارين بلديين. ولم يكن مجلس الشيوخ معبرا عن إرادة الشعب. فمجلس الشيوخ عند الرومان مكون من العائلات الأرستوقراطية التي تريد المحافظة على مصالحها، وظل دوره هامشيا إلى جانب الامبراطور. أما مجلس الشيوخ الفرنسي فهو استنساخ لمجلس اللوردات في بريطانيا وهو مجلس للأعيان الذين رفضوا الجلوس مع ممثلي الشعب في غرفة واحدة، فكانت لهم غرفتهم الخاصة. وبذلك فإن تاريخ مجلس الشيوخ هو تاريخ مجموعات نافذة تدافع عن مصالحها الخاصة في وجه مصالح الشعب. وليس مجلس الشيوخ الموريتاني بدعا في معارضته لمصالح الشعب وتوجهه العام الذي عبر عنه نوابه بشكل صريح. لقد اختاروا مصالحهم الضيقة لأن إجازتهم للتعديلات يعني إلغاء امتيازاتهم. وإن دل هذا التصويت على شيء فإنما يدل على صحة ما ذهب إليه رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز من أن دور مجلس الشيوخ دور تعطيلي يعرقل عمل مؤسسات الدولة، وهاهو يعرقل هذا المساء إرادة المواطنين إلى حين. فالمطلوب في النهاية هي موافقة المؤتمر البرلماني على التعديلات بتصويت ثلاثة أخماس الغرفتين مجتمعتين، عندها سيصبح تصويت 33 شيخا، وحياد شيخ كما مهملا لا يقدر على تعطيل إرادة الشعب الموريتاني في تأسيس نظامه الجمهوري على أسس وطنية تصورها أبناؤه على أرضه، وأجازها نوابه... ولن يزيد هذا التصويت الوطنيين الموريتانيين إلا تمسكا بالتعديلات الدستورية والعمل بكل السبل الديمقراطية على إجازتها ليرفرف علم وطني حقا في سمائنا، وينشد أبناؤنا نشيدا وطنيا حقا لا مراء فيه، ونضع بذلك أسس الجمهورية الثالثة التي تبنى بسواعد الشباب ولن يضرها حرص الشيوخ على مصالحهم الضيقة وقدرتهم على حبك المؤامرات...
طعن بروتوس صديقه الامبراطور في الظهر في مجلس الشيوخ...