"المستعربون أكثر من 35% من سكان السنغال، وهم في زيادة دائمة، والعربية هي لغة أجدادنا؛ لأنها لغة القرآن الكريم"... هكذا يختصر الأستاذ والباحث السنغالي، فاضل ماكمبا گي، وهو رئيس النادي الأدبي للمستعربين في السنغال، حالةَ اللغة العربية والناطقين بها في هذا البلد المؤثر في القارة الافريقية.
جذور ضاربة في العمق..
تعود جذور اللغة العربية في السنغال إلى تاريخ ضاربٍ في العمق، حيث كانت اللغة العربية لغةَ المراسلات والتدريس قبل دخول المستعمر الفرنسي، وكان من بين أبناء السنغال علماء وشعراء كبار ومثقفون مستعربون تركوا بصمات مهمة على تاريخ الأدب العربي في القارة الإفريقية..
لغة الأجداد..
يؤكد رئيس النادي الثقافي للمستعربين في السنغال، الأستاذ فاضل گي، في تصريحه لموقع "ريم آفريك"، أن العربية "هي اللغة التي عمل بها أجدادنا، وجعلوها لغة المراسلات الإدارية قبل مجيء المستعمر الفرنسي، ليفرض لغته بعد ذلك على أبناء هذا الشعب المسلم الميّال دوما إلى لغة القرآن الكريم"..
ويلخص الشاعر فاضل گي أسباب تأسيس نادٍ للأدباء المستعربين في السنغال، في تلبية احتياجات حملة الثقافة العربية في السنغال، وخاصة الشباب الذين وهبهم الله تعالى موهبة واضحة المعالم في نظم الشعر، وكتابة الروايات والقصص.
وعن أهم أهداف النادي؛ يؤكد الشاعر فاضل، في حديث لموقع "ريم آفريك":
- تعزيز وترسيخ اللغة العربية، ذات الجذور القديمة في مجتمعنا السنغالي كلغة للقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف.
- إحياء التراث الإسلامي، ومؤلفات أجدادنا المكتوبة بلغة عربية فصيحة، سواء كان هذا التراث شعرا أو نثرا، وتشجيع الباحثين على الحصول على هذا الكنز الدفين من الفكر والشعر والأدب، والاهتمام بدراستها، وتحقيق المخطوطات النائمة في أدراج المعهد الأساسي لإفريقيا السوداء في جامعة شيخ أنتا جوب بدكار، وفي بعض البيوت الدينية في البلاد.
-تشجيع المواهب الشعرية السنغالية الشابة وتنميتها، وإعطاء هؤلاء المبدعين الشباب فرصة أكثر للتعبير عن خلجات أنفسهم، وتنظيم مسابقات لهم في مختلف المجالات الأدبية.
- إبراز دور السنغاليين في تطوير وإحياء اللغة العربية على المستوى الإقليمي والعالمي.
كفاءات مهمشة..
ظل المثقفون المستعربون في السنغال في مواجهة قوية مع الفرنكفونية، ويؤكد گي أن المستعربين يتعرضون، منذ أيام الاستعمار الغربي، للتهميش رغم تمكنهم من المشاركة في تنمية بلدهم وتطويره، فمن بين هؤلاء المستعربين كوادر تخصصوا في مختلف العلوم، في الزراعة والطب والهندسة والتكنولوجيا الحديثة وغيره.. طبعا إلى جانب العلوم الشرعية والتربوية.
قاعدة عريضة..
ويؤكد رئيس النادي الأدبي للمستعربين أن نسبة، لا تقل عن 35 % من الشعب السنغالي، تتلقى معارفَها الثقافية من خلال اللغة العربية، ويتشكل هؤلاء أساسا من طلاب وأساتذة ومريدي الطرق الصوفية والحضرات العلمية، إضافة إلى الخريجين من الجامعات العربية، ومعاهد ومدارس الجمعيات الإسلامية، فهناك في القرى والمدن السنغالية مجالسُ علمية وحلقات في تدريس العربية والفقه الإسلامي بالطريقة التقليدية، التي تكوّنَ بواسطتها أجدادنا، الذين تميّزوا في مختلف العلوم الشرعية والعربية.
ويضيف رئيس النادي الأدبي للمستعربين: "نتلقى يوميا طلبات كثيرة لتعلم اللغة العربية، وهنالك كثير من الفرنكفونيين يعبرون عن أسفهم لأنهم لم يدرسوا العربية في الماضي.."
تجاهل عربي..
ينتقد رئيس نادي الثقافي للمستعربين ضعفَ الاهتمام العربي بالسنغاليين، وخصوصا الناطقين باللغة العربية، مؤكدا في تصريحه لموقع "ريم آفريك" أن السنغال يعيش ثقافيا بين معسكرين: معسكر يضم شريحة كبيرة من الفرنكوفونيين، مدعومة من الدول الفرنكوفونية والمؤسسات الحكومية، ومعسكر المستعربين، أو بالأحرى حملة الثقافة العربية، وهم مشايخ الطرق الصوفية، وقيادات الدعوة الإسلامية، وأساتذة ومدرسي اللغة العربية، من رياض الأطفال حتى قسم اللغة العربية بجامعة دكار، وكذلك الطلبة وتلاميذ المدارس العربية والإسلامية، ورغم كثرة هؤلاء فإنهم يعيشون شبه منسيين مهمّشين، يفتقرون بحق إلى من يدعمهم باستمرار، أو يشجعهم على هذا الحب وهذا التعلق بلغة الضاد والثقافة العربية، لا من الدول العربية ولا من حكومة السنغال".
هو إذن نضال من أجل ترسيخ لغة القرآن في المجتمع السنغالي، الذي يمثل أحد أبرز بوابات الإسلام في الغرب الإفريقي..