قليلا ما تستهويني الكتابة في خضم الغربة الاختيارية والعزلة المُستطابة، وتلك حالة مفعمة بخلجات مليئة بالمتناقضات، ومجهودات مثقلة من هذه الرتابة المعاشة زمانا ومكانا؛ تقلبا بين المتناقضات لينا وخشونة ولكل وجهه ومتطلباته ... مثلي مثل أي ابن وطن تربى أبناؤه كأشقاء لم تربطهم أواصر أبوة ولا أمومة، وإنما مفازات يكاد الناظر ينظر منها أحرى أن يمر بسبب الساسة وطبيعة المعاش ونوعيته وكيفيته تسقيها وتضيقها النعرات يوميا والبرامج التلفزيونية عشاء.
لنظل في خيمة لا يسكّن من ساكنتها غير المتحرك ولا يصرف إلا الممنوع، ولا ينكر إلا المعرفة؛ نواصبها روافع وروافعها خوافض وقصصها مليون ليلة وليلة؛ اتسمت بالأدب فانحازت عنه وجمعت حبالها فجعلتها شراكا للذوق وللعقيدة الإسلامية وللشعب وللوطن . يا له من شعور حين يتوقف فجأة معلنا حدادا على أموات القيم والأدب وهم آباؤه وسلاطنته وخبراؤه الذين لا يؤفكون في خيمتهم و"اجماعتهم " إنها حرب تميت صاحب الذائقة المتابع لبرامج "خيمت لغن" أو "إجماعه "
هذا الإحساس حين يشنُّ معركةً داخلية بكائنٍ ذي سنين عجاف من المتابعة؛ يغتال أحاسيسه مجتمعة ومتفرقة من شكل خيمة ومقتنياتها لا بدوية ولا حضرية لا مدنية ولا عسكرية ولا أدبية ولا فوضوية لا شرقية ولا غربية ...إنه تشكيل مرعب يرهب فيدهش بقصص الغرابة والشرك الملقاة جزافا، لبوسا للأدب خرجت من أنفاسي الرغبة لتبيان تلك اللعبة والجلسة الغريبة شكلا ومضمونا اجتماعا غير جامع " وما يخفي على الله من شيء ".
وللحيرة والاستهجان استدلالا، إليكم هذه القصة " في "اجماعه" يديرها الخليفة الراتب للبرنامج كان له ضيف من منطقة "؟؟؟"، وتلك - وربي - أم للأدب وللقيم " يحكي من بين قصصه مديحية بأسلوب شركي مأنوس؛ ليعلله هذيانا مقدم البرنامج وضيوفه بالولاية والصلاح والاستحقاق "ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا".
أنبه علنا، على تلك القصص المتكررة التي أشبه ما تكون بمفرقة الجماعات ومفسدة مضنية الذائقة وحياة البدو الجميلة بخيمها و"جمايعه"، إنه تنبيه ينبجس منه الاشمئزاز ويختنق غضبا حين يطوع الأدب لقصص رجل يذهب من الشرق الموريتاني ليصلي على رجل متوفي في "سينغال " ويرجع لنفس المجلس، لا أدري لذلك كيف حدث، لكن الأغرب والأدهى والأمر أن الحكايات المضحكة مع العمداء والأدباء المادحين المعيبين لتجعلك في كوكب آخر ممدوح يبرئ الأكمه والأبرص ويغني الفقراء في بلد القراء، ويخلق بألسنتهم ما يتصورن...
قصص خاطفة أرويها لكم من برنامج "اجماعه " الذي أصبح آسنا تغير طعمه وريحه ولونه، وتبعث حكاياته على الدهشة عند عوام "عوام" الدهماء والعامة في عصر البداوة في منكبنا البرزخي؛ مما يجعلني أضرب الذكر صفحا عن أدق التفاصيل لحساسيتها ولهفة القوم هذه الأزمنة لكل معارض وموال ومكفر وفاضح وجهوي من خسائس الشرك والترهات...
في جنوح هذه الرياح الهوجاء من تلبيس الحقائق وتغريب الأدب وتعذيب الموتى؛ تشتد ذكريات الفوضى وعدم الرقابة على المنقول والمكتوب لتعلو منها أنّات الحسرة على المثقفين والأدباء في دولة تتهكم منهم تارة، وتمنح بطانة ترزقهم أحايين أخري تفتح لهم الإعلام وتبني لهم الخيام، مترعة لهم الكؤوس والغلمان ولربما الجواري...
نعرج على بطولات ”أبطال إجماعه”؛ كنا في سفرة وجلسة ووو” إنها عبارات تضحك وتبكي تستنيرها من البرنامج المقزز في حلته الجديدة المؤرشفة لما يسمونه الأدب في نظرهم، مع بعض محاسنه القليلة المغطاة بالحيل والفوضى وعدم الرقابة؛ من تلك الطُّرف، ما يهتزون له من مديح لأموات رحمهم الله من عوام أتباعهم؛ وكذا مراثيهم الكثيرة الغريبة مضامينها العقدية العقلية الشريفة، وكذلك البلدان التي منها " ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل " حسب الضيوف وعلاقتهم ب "اجماعه " وما يحكونه من مبالغات موزونة ومسلوخة أحيانا لتكون مادة إعلامية للحلقة تنسب للمجهول أو للغريب، ولدي أمثلة من ذلك: مراثي قلبت مدائح، وقس على ذلك...
وخلاصة القول أن برنامج "اجماعه" بقوميته وتزكية أصحابه عمداء وأدباء وصحافة وضيوفا؛ يكرس الجهوية المقيتة ويحيي القبلية وينعش روح العصبية؛ تلبسا بالشرك والتوسل غير المشروع والأوصاف الكاذبة التي تستحيل في البشر في أي زمن من أزمنة البشرية ...
ليكون البرنامج خيمة لا تعبر عنه وثقافة تسيئ للدولة وثوابتها، مقدموه لا كبير عندهم ولا صغير، شكل الخيمة ومعداتها تلبيس ومضامين المادة العلمية هزيل فاضح . إنه برنامج "اجماعه" القاتل " للجمعوية الشعبية " ليكونوا هم الأدباء .. وأشياء شتى.! وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.