كووورة : عاش جمهور برشلونة كابوسًا وهو يرى فريقه يقدم أحد أسوأ عروضه منذ فترة طويلة، فقد ترنح ليونيل ميسي ورفاقه بشكل غير مبرر، ليتلقى بطل الدوري الإسباني هزيمة ثقيلة أمام مضيفه باريس سان جيرمان برباعية نظيفة مساء الثلاثاء في ذهاب الدور ثمن النهائي من مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
كانت ليلة للنسيان بالنسبة لبرشلونة الذي انكشفت عيوبه على ملعب "بارك دي برانس"، فغابت فاعليته سواء في الهجوم أو الدفاع، وكان محظوظا في عدم تلقي مرماه عدد أكبر من الأهداف بسبب سوء اللمسة الأخيرة وما قبلها لدى الفريق الباريسي.
للخسارة الثقيلة أسبابها، وربما يكون أهمها فشل برشلونة في تقديم ما هو جديد من الناحية التكتيكية، وهو أمر يتحمل مسؤوليته المدرب لويس انريكي الذي لا يُعد غبيا لإدراك فكرة أن الفرق الكبيرة على الساحة الأوروبية باتت تحفظ أسلوب الـ"بلاوجرانا" عن ظهر قلب.
دفاع برشلونة كان مليئًا بالثغرات، ويجب الإشارة إلى المساحات الكبيرة التي يستغلهما المهاجمون بين قلبيّ الدفاع جيرار بيكيه وصامويل أومتيتي، والأول على وجه الخصوص عاد للمستويات الهزيلة التي اعتاد تقديمها في الأعوام الماضية، بعد الموسم الماضي اعتبره البعض الأفضل في مسيرته، ونضيف إلى ذلك ضعف التغطية لدى ظهيري الجانبين يوردي ألبا وسيرجي روبرتو، والأخير صار حملا على الفريق رغم البداية الرائعة له هذا الموسم.
لكن خط الدفاع لا يتحمل مسؤولية خسارة برشلونة بمفرده، فلا يمكننا إغفال الحالة المتردية لخط الوسط، فلم يقدم أندريس إنييستا أمرا يستحق الذكر، وافتقد الخط الخلفي لدعم لاعب الارتكاز سيرجيو بوسكيتس الذي لا يزال يتدهور مستواه منذ بداية الموسم، أما اللاعب الأسوأ في هذا الخط فهو أندريه جوميز الذي يثبت يوما بعد يوم أنه من أفشل صفقات الملاعب الأوروبية في الموسم الحالي.
في الجانب الآخر من الملعب، استغل مدرب باريس سان جيرمان أوناي إيمري خبرته الطويلة في الملاعب الإسبانية للتعامل مع برشلونة، خاصة أن الأخير لم يلجأ لتغييرات في طريقة لعبه، فأحكم دفاع الفريق الفرنسي رقابته على ثلاثي برشلونة (ميسي ونيمار ولويس سواريز)، ولم يبدو متأثرا بغياب قائده تياجو سيلفا، فقاد ماركينيوس الدفاع بشكل مبهر رغم صغر سنه.
خط الوسط كان شعلة نشاط في سان جيرمان، خاصة من ناحية الإيطالي ماركو فيراتي الذي راقب مفاتيح لعب برشلونة وساهم في بناء هجمات فريقه السريعة بدعم من الدولي الفرنسي أدريان رابو الذي يعتبر من نجوم المباراة.
أما خط الهجوم فأدى ما عليه، أحرز أربعة أهداف كان نصيب الأرجنتيني أنخل دي ماريا منها هدفين، وأثبت الألماني يوليان دراكسلر أنه الصفقة التي يحتاجها بطل الدوري الفرنسي، فسجل هدفا وأرهق دفاع برشلونة بانطلاقاته الخطيرة، ولا يجب أن ننسى أهمية دور صاحب الهدف الرابع إدينسون كافاني، خصوصا في تحركاته التي فرغت مساحات واسعة لزملائه.
أثبت سان جيرمان في هذه المباراة أنه لم يفقد عنفوانه أمام المرمى، واستعاد هيبته التي غابت عنه في فترات عديدة من الموسم الحالي، وصارت طموحاته مشروعة في المنافسة على اللقب القاري بعدما قطع مسافة كبيرة جدًا من الطريق إلى ربع النهائي، وبرهن إيمري أنه من طينة المدربين الكبار، ليستحق صبر مسؤولي النادي الفرنسي عليه بعدما انخفض مستوى الفريق هذا الموسم على الصعيد المحلي.
أما برشلونة، فدفع ثمن رهانه على تألق ميسي الذي عانى من الرقابة، شأنه شأن سواريز، ليس لزاما على النجم الأرجنتيني أن يحمل عبء فريقه في كل مناسبة، بل يتوجب على زملائه المشاركة في المسؤوليات، خصوصا الصفقات الجديدة التي كلفت أكثر من 100 مليون يورو ولم تجد نفعا منذ بداية الموسم، ليضيح حلم الثلاثية الثانية في عهد انريكي.