حائط من الرمال والألغام يفصل بين الأسر في الصحراء الغربية "تقرير"

أربعاء, 2017-02-08 13:04
 تندوف في سبعينات القرن العشرين (ويكيبيديا)

مونت كارلو : تكاد أنزوغة محمد احمد تفقد الامل بالعبور يوما ما الى الجهة الثانية من الجدار الفاصل بين الجزء الاكبر من الصحراء الغربية الذي يسيطر عليه المغرب والاراضي الواقعة تحت سيطرة البوليساريو والحدودية مع الجزائر.

وتقول لوكالة فرانس برس "أنا كبرت خلف هذا الحائط، واولادي ولدوا في ظله".

وتعيش انزوغة (36 عاما) في احد المخيمات الصحراوية بتندوف في اقصى جنوب غرب الجزائر على بعد 90 كلم من "حائط العار" كما يصفه الصحراويون، بينما يعتبره المغرب "حائط دفاع".

وقام المغرب في الثمانينات بتشييد حائط من الرمال والحجارة بارتفاع ثلاثة امتار وبطول 2700 كلم وهو يعبر الصحراء الغربية من الشمال الى الجنوب. ويسيطر المغرب على الصحراء الغربية، المستعمرة الاسبانية سابقا، بكاملها تقريبا منذ 1975.

وتقترح الرباط التي تعتبر الصحراء الغربية جزءا لا يتجزأ من اراضي المملكة المغربية، "حكما ذاتيا" لهذه المنطقة الشاسعة تحت سيادتها. بينما تطالب بوليساريو المدعومة من الجزائر باستفتاء حول حق تقرير المصير.

وتم اقرار وقف لاطلاق النار في 1991 بعد حرب استمرت ستة عشر عاما، نشرت الامم المتحدة على اثره بعثة لحفظ السلام وتنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية (مينورسو). لكن تنظيم الاستفتاء تاجل مرات عدة بسبب الخلاف بين الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) والمملكة المغربية حول عدد الناخبين الذي يحق لهم المشاركة في الاستفتاء.

وفي رده على سؤال لوكالة فرنس برس رأى الامين العام لجبهة بوليساريو ابراهيم غالي ان الجدار "يقسم ارضا ويفصل بين عائلات".

وللوصول الى موقع الجدار انطلاقا من تندوف، يجب عبور صحراء شاسعة وقاحلة تقطعها بين وقت وآخر مساحات فيها نباتات صحراوية او بحيرات بيضاء من الملح.

وبعد ثلاث ساعات من القيادة في معابر وعرة، يظهر الجدار في منطقة المحبس محاطا بخندق عميق وباسلاك شائكة وحقول الغام. في الجهة المقابلة، يمكن رؤية جنود مغاربة.

وكانت زغيلة (45 عاما) تزور المنطقة مع ابنها عبد الله (14 سنة)، محدثة اياه عن "الحائط الذي يعيش خلفه افراد من اسرته الذين لم يرهم قط".

"نريد ازالة الحائط"

وتتذكر دماها لبشي (66 عاما) التي تعيش مع 165 الف لاجىء آخرين في مخيمات تندوف، بمرارة زيارة نظمتها المفوضية العليا للاجئين مرة للعائلات الصحراوية الى الجهة الاخرى.

وتقول "سمحوا لنا بخمسة ايام فقط، وهي مدة قصيرة. وصلنا والدموع تغمرنا وغادرنا بالدموع ايضا"، مضيفة "نريد ازالة الحائط".

بين 2004 و2014، اشرفت مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة على 20 الف زيارة عائلية من هذا النوع، بحسب ممثل بوليساريو لدى بعثة الامم المتحدة في الصحراء الغربية. بينما كان البعض يخاطر بالانتقال من مكان الى لآخر عبر معابر سرية.

ويروي المهندس محمد الهيبة احمد فال لوكالة فرنس برس كيف خاطر بحياته للعبور عبر الحائط الرملي والالغام في 2001.

وقال "رافقني احد اصدقائي الى الحائط والمكان الذي يمكن العبور منه. كنت أرتعش خوفا من ان ينفجر لغم في، لكني واصلت السير لانه لم يكن لدي خيار آخر".

ومنذ عشر سنين، سمح الانترنت وتقنيات التواصل للعائلات بالاتصال ببعضهم بشكل افضل.

"لنزرع ورودا"

وزرعت الغام مضادة للافراد على عرض مئات الامتار في محيط الجدار، ما يجعل الصحراء الغربية من اكثر المناطق تلغيما في العالم. وبحسب مصدر صحراوي، زرع المغرب ما بين خمسة الى عشرة ملايين لغم.

وفي اسفل الجدار بمنطقة المحبس من الجهة التي تسيطر عليها بوليساريو، وضعت منظمة غير حكومية اسبانية ورودا من القماش والورق تحت شعار "لنزرع ورودا بدل الالغام".

ويقول القائد العسكري للقطاع شيخ بشري محمد ان توجيهات أعطيت لسكان المنطقة بان يقوم كل شخص يكتشف مكان وجود لغم في الارض بإحاطته بحجارة وابلاغ رجاله به، حتى يتم تفادي اي حادث.

ويقول مسؤول الجمعية الصحراوية لضحايا الالغام عزيز حيدر "منذ وقف اطلاق النار قتل وجرح 300 شخص بسبب انفجار الالغام والقنابل العنقودية"، والسبب ان "الامطار تجرف الالغام الى مناطق يفترض انها آمنة".

وتاثرت حياة الصحراويين البدو الرحل بفعل فقدانهم لمناطق يرعون فيها ماشيتهم ويتزودون منها بالماء. وبحسب شهادات مختلفة، قتلت الالغام آلاف الجمال، كما أثر على حياة النبات والحيوان في المنطقة.

وبحسب ابراهيم غالي، فان هذه الالغام "تم زرعها بطريقة منظمة وعشوائية في الوقت نفسه" أقدمها يعود الى 40 سنة، "بينما يشكل تآكل المواد المصنوعة منها خطرا على محيط الانسان والحيوان".

وبالنسبة اليه، فان وجوده يشكل "جريمة ضد الانسانية".