سَمَّى الرئيسُ الأمريكي الجديد "ترامب" أمس الثلاثاء، القاضي "نيل غورستش" لعضوية المحكمة العليا الأمريكية، وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد، تتكفل بحماية الدستور الأمريكي، وتحسم القضايا الكبرى في الولايات المتحدة، وتتكون من تسعة قضاة يعينهم الرئيس الأمريكي ويقر تعيينهم مجلس الشيوخ، لمأمورية مدتها الحياة..
ويُعَيَّنُ القاضي "نيل" في المحكمة ليشغل المنصب التاسع، الشاغر منذ وفاة القاضي "أنتونين سكاليا" قبل أحد عشر شهرا من نهاية مأمورية الرئيس السابق أوباما..
القاضي الجديد مُصَنَّفٌ بأنه أحد عتاة اليمينيين المحافظين، وسيضمن تعيينه للمحافظين استمرار التفوق العددي في المحكمة العليا بأغلبية 5 قضاة محافظين مقابل 4 تقدميين، وكان لهم التفوق قبل وفاة القاضي "أنتونين" الذي حاول أوباما تعيين خلف تقدمي له، لكن سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ حالت بينه مع ذلك..
وقد عرقل تفوق المحافظين داخل المحكمة العليا إلى حين وفاة القاضي المحافظ "أنتونين" سياسات أوباما في مجال الإجهاض وحيازة السلاح والهجرة وتغير المناخ، كما عرقل تساوي عدد قضاتهم مع القضاة التقدميين 4/4 بعد وفاته عمل المحكمة على مدى الأشهر الماضية..
وستمكن استمرارية تفوق المحافظين بعد تعيين القاضي "نيل غورستش" الرئيسَ الجديد من تمرير قراراته الكبيرة المؤثرة في الحياة الأمريكية بسهولة..
في حفل تسمية القاضي الشاب غورستش (49 عاما) لعضوية المحكمة العليا، قال الرئيس الأمريكي "ترامب" إن عضو المحكمة العليا الأمريكية يمكن أن يعمل بها لمدة نصف قرن، ويستمر تأثيره لقرن من الزمن..
والذي يستوقفني في هذا الموضوع، ويهمني توضيحه - لِيَتَفَطَّنَ له الواقفون على سطح مبدأ مفهوم إستقلالية القضاء وواجب تحفظ القضاة - أن مبدأ إستقلالية القضاء، وواجب تحفظ القضاة، لا يمنعان القضاة في الولايات المتحدة الأمريكية - ونظامها القضائي والقانوني نموذج يتمسح به الكثيرون - من أن يُصَنَّفُوا محافظين أو تقدميين، ولا يمنعهم من أن تكون قراراتهم - الحاسمة في الحياة العامة الأمريكية - عاكسة لمعتقداتهم الفكرية، ومواقفهم الشخصية من الشأن العام، والقضايا الكبرى للأمة..
كما أن الصراع الآيديولوجي بين المحافظين والتقدميين، والسِّيَاسِيَّ بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة على التفوق عدديا داخل أعلى هيئة قضائية ترسم التوجهات الكبرى في الدولة، لا يُوَلِّدُ لدى الشعب الأمريكي، ورأيه العام، ونخبه نظرة طاعنة مشككة في إستقلالية قضائهم، وتحفظ قضاتهم، رغم مواقف القضاة العلنية في هذا الإتجاه أو ذاك، وتصنيفهم مع هؤلاء أو أولئك..
القاضي أحمد عبد الله المصطفى