(إيجاز صحفي)
نظم بيت الشعر - نواكشوط مساء أمس الخميس أمسية شعرية جديدة هي الثانية من نوعها هذا الشهر، أحياها الشاعران: أحمد بن عبد الله السالم، وأحمد إسلم أبي، وتميزت بتناول الشاعرين لقضايا عدة ذاتية وعامة، وذلك بأسلوبين متميزين إن لم نقل عدة أساليب شعرية داخل النص الشعري الواحد.
وجرت هذه الأمسية وسط حضور كبير، ميزه حرص رموز النخبة الأدبية في البلاد على مواكبة أماسي بيت الشعر، وعلى الإنصات للأجيال الشعرية الشابة، التي بدأت تشق طريقها بقوة لافتة نحو منابر القصيد، كذلك التجارب الشعرية المخضرمة، التي وجدت في هذه المساءات الشعرية التي ينظمها بيت الشعر فضاء للبوح وللتواصل مع المبدعين الآخرين ومع الجمهور.
قدم للأمسية الشاعر محمد المحبوبي الذي رحب بالحضور، مبرزا أهمية بيوت الشعر في الكشف عن المواهب البازغة والتعريف بالمبدعين.
تميزت الأمسية بإلقاء الشاعر أحمد بن عبد الله السالم قصائد من ديوانه، بدأها بقصيدته المديحية التي حملت عنوان "سيد الكون"، التي يقول فيها:
ليس للشوق والغرام حدود
يا حبيبي وحبك المحمودُ
كيف لا تلهج النفوس بحب
فاض في الكون يوم راق الوجودُ
ضحوة الحق والضباب تلاشى
وانجلى الغي والزمان جديد.
إلى أن يقول فيها:
معجزات الأمين جلت عن الحص
-ر وأوفى ثناءها المعبودُ
وثناء العباد دهرا كليل
عن علاه مهما تسامى القصيدُ.
كما قرأ مرثاة لحبيب راحل، قبل أن يختم بن عبد الله السالم بقصيدته "حلم الرقي"، التي ينشد فيها وحدة المغرب العربي، ويقول في مطلعها:
حلم اتحادك في شتى الميادين
ناداك قدما ولم يفتأ يناديني
حلم الرقيّ جميل أني سامرني
ويشرح الصدر في كل الأحايين
يفوح منه شذى التاريخ يحمله
طيف من المغرب الأقصى يناديني.
إلى أن يقول:
فلنجن ثمر اتحاد طالما لهجت
به النفوس تغنيه بتلحين
مآرب الأرض في الأوطان تجمعنا
فضاؤها وحدة الأوطان في الحين.
ومن جانبه ألقى الشاعر أحمد إسلم أبي عدة نصوص من شعره، بدأها بقصيدة غزلية يقول فيها:
أطفأت كل مصابحي وشموعي
وتركت نارك ترتوي بضلوعي
شكرا لمن أخضعت قلبي عندها
لكنها لم تكترث بخضوعي
ودفنت كل مبادئي وكرامتي
ورضيت فيها ذلتي وخنوعي
ونبذت كل أصول قومي في الهوى
ورضيت فرعك مصدرا لفروعي
كما أنشد قصيدته " أشلاءٌ مبعثرة"، التي يقول منها:
بحق الأرض أم حق السماء
أعاني ما أعاني من عناء
بأي شريعة تَغتال موجي
بحارُ الشك ؛ تطعن في وفائي؟!
بأي شريعة يغتال يأسي
رجائي، ثم يقتلني رجائي؟!
تسفِّهني النجوم وتزدريني
وصمتُ الليل يُمعن في ازدرائي
وأفزع من مسائي نحو صبحي
فيُسلِمني الصباحُ إلى المساء
وتذروني الرياح رمادَ شوق
تُلملِمه مواعيدُ اللقاءِ
إلى أن يقول:
أحاول أن ألملمَ بعض شعري
فيهجوني؛ أحق له هجائي؟!
سأبقى سائرا في ليل دربي
أسير إلى الأمام أو الوراء
سيبقى الحبُّ يسحق كل دهر
ينازعه على حق البقاء
وقرأ كذلك قصيدته "بارك لنفسكَ"، التي يقول فيها:
القلبُ مذْ أصبحتِ مصدر أُنسِهِ
ما عاد يدري يومَه من أمسِهِ
ما عاد يشعُر بالحياة وزهوها
فرضاكِ غاية سَعده أو نَحسِهِ
ولقد غرستُ هواكِ في أعماقه
وَوَقفتُ دمعي في سقاية غرسه
هذا الفؤادُ وأنتِ جنسٌ واحد
ولكلِّ جنسٍ أن يميلَ لجنسه
قُدْ فلككَ المشحون في بحر الهوى
فإذا بلغتَ رُبى الحبيب فأرْسِهِ
باركْ لنفسكَ أنْ ظفرتَ بحبها
واهمسْ بصوتك وأْذنَنَّ لهمسه
في الحُبِّ تغبِطُ كلُّ عين أختَها
ويبارك الإنسان فيه لنفسه.