غامبيا.. تداعيات التأزم واحتمالات التدخل العسكري

اثنين, 2017-01-16 18:50

أحمد الأمين-نواكشوط ـ لموقع الجزيرة نت

"لا شرعية لجامي اعتبارا من الـ19 من الشهر الجاري.." موقف أعلنه مجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي قبل يومين في وجه تعنت الرئيس الغامبي المنتهية ولايته يحيى جامي وتمسكه بالسلطة بعد تراجعه عن الاعتراف بنتائج انتخابات مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي التي فاز فيها مرشح المعارضة آداما بارو.

موقف الاتحاد الأفريقي الصارم تجاه جامي تردد صداه قويا لدى المشاركين في القمة الفرنسية الأفريقية التي اختتمت أمس الأحد في العاصمة المالية بماكو، حيث أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في افتتاحها أن اختيار الناخبين الغامبيين يجب أن يحترم.

ورغم أن الأزمة الغامبية غابت عن البيان الختامي للقمة لكنها حضرت بقوة في الكواليس والتصريحات، وكانت لقاءات الرئيس المنتخب بارو بالرئيس الفرنسي وعدد كبير من القادة الأفارقة تعبيرا واضحا عن موقف داعم لبارو، ودعوة صريحة لجامي لتسليم السلطة.

وكما تردد صدى موقف الاتحاد الأفريقي تصريحات واستقبالات لبارو في قمة بماكو فقد تردد ترقبا وقلقا وإجراءات أمنية في بانجول ونزوحا منها.

وتحدثت مصادر محلية في بانجول للجزيرة نت عن تزايد الحواجز العسكرية في المدينة خلال اليومين الأخيرين وارتفاع أعداد المغادرين منها، وبدأ التجار في السوق المركزية يشعرون بالقلق من احتمال اندلاع مواجهات أو تدخل عسكري لإزاحة جامي.

ولد الشيخ سيديا: رغم حضور الخيار العسكري لا يزال خيار الحل الدبلوماسي قائما (الجزيرة نت)

فيما بث التلفزيون الرسمي الغامبي فجر اليوم الاثنين مكالمة مسجلة أجراها جامي مع رئيسة ليبيريا طلب منها بصفتها رئيسة دورية للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا السعي إلى تسهيل وصول قضاة المحكمة الدستورية ليتسنى البت في الطعن المقدم من حزبه في نتائج الانتخابات.

وقال جامي إن المحكمة هي المخرج السلمي الوحيد للأزمة وما سوى ذلك تضييع للوقت، مضيفا أن ملف التنصيب واليمين بيد المحكمة، وأن الرئيس المنتخب لا يمكنه حلف اليمين ما لم تبت المحكمة في الأمر.

وندد جامي بقرار مجلس الأمن والسلم الأفريقي القاضي بنزع الشرعية عنه اعتبارا من الـ19 من الشهر الجاري، معتبرا أنه لا يخدم السلم والاستقرار.

كما تعهد بضمان الحل السلمي وفق القوانين المحلية للبلد، ودعا المواطنين والأجانب إلى الذهاب لعملهم في أمن وأمان.

وفي ظل هذا التعنت واقتراب الموعد الدستوري لتسلم بارو السلطة، واحتمال بقاء هذا الأخير في السنغال "حفاظا على الشرعية وعدم تعرضه للاعتقال أو الإخفاء القسري" حسب مقربين منه فإن سيناريوهات حل الأزمة الغامبية تزداد تعقيدا.

ورغم أن المساعي لا تزال مستمرة لإقناع جامي بتسليم السلطة فإن مراقبين ومحللين سياسيين يرون أن سعي أطراف إقليمية فاعلة إلى تمكين بارو من تسلم الحكم في غامبيا يطرح بقوة سيناريو التدخل العسكري في هذا البلد إذا فشل سيناريو الحل السياسي.

رئيس غامبيا المنتهية ولايته جامي يقول إن المحكمة الدستورية هي المخرج السلمي الوحيد للأزمة (الجزيرة)

ويشير المحلل السياسي السنغالي محمد سعيدبا إلى أن نتائج اجتماع قادة الأركان في الدول الأعضاء بالمنظمة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تؤكد ذلك "فرغم تمسكهم بالخيار السلمي فإنهم لم يستبعدوا التدخل العسكري".

ويقول سعيدبا في حديث للجزيرة نت من داكار إن "بلدان المنظمة باستثناء التوغو وغينيا كوناكري باتت أكثر قناعة بضرورة التدخل العسكري، لكن الكلفة البشرية المحتملة لهذا التدخل تجعل من الصعب الإقدام عليه، ولا سيما أن جامي قد يطبق المثل: علي وعلى أعدائي".

من جانبه، يرى الخبير في الشأن الأفريقي إسماعيل ولد الشيخ سيديا أن تعنت جامي قد يصل "إلى درجة تسابق فيها فوهات المدافع ابتسامات الدبلوماسيين".

ويضيف ولد الشيخ سيديا في حديث للجزيرة نت أن خروج بارو يثير بعض التساؤلات، وإذا ما تأكد أنه أراد بهذه الخطوة الخروج من قبضة جامي والحفاظ على رمزية الشرعية فإن عملية كوماندوز للقبعات البيضاء (قوات الإيكواس) عبر البحر واردة، لأن الجيش السنغالي الذي يحيط دولة غامبيا بلواءين من المشاة لا يمانع في تدخل عسكري من جهة البحر.

لكن ولد الشيخ سيديا يرى أنه رغم حضور الخيار العسكري لا يزال خيار الحل الدبلوماسي قائما، فإذا ما نجح خروج بارو واستمر هروب الأموال من المنطقة الحرة في بانجول فسيجنح جامي "للسلم إيمانا واحتسابا لطعم العفو والضمانات والمخرج الآمن".

المصدر : الجزيرة