تدوينة من صفحة الزميل أحمد سالم ولد باب
اهتممت لبعض الوقت بمدونتي الأحوال الشخصية الموريتانية والمغربية الصادرتين في بداية الألفية..
وربما أكون من أوائل من حصلوا على نسخة من المدونة الموريتانية بعد مصادقة البرلمان عليها بوقت وجيز، كما تشرفت بمناقشة بعض مضامينها مع بعض واضعيها، حيث درّسني بعضهم في المرحلة الجامعية..
وقد أدركتُ بقية الجدل الذي دار حول المدونة المغربية حين سافرت إلى هناك لإكمال الدراسة..
تشترك المدونتان في قواسم تجمعهما، منها:
-تزامنُ صدورِهما تقريبا (المغربية 1999، والموريتانية 2001)، إن لم تخني الذاكرة؛
-جوهرية العامل الخارجي في صدورهما، فقد عَبّر شركاء التنمية الأوربيين حينها عن رغبتهم في صدور مدونة للأحوال الشخصية تتماشى مع روح العصر وتتفق مع مفاهيم حقوق الإنسان الغربية.
وتفترقان في أمور أخرى، منها:
-كانت المدونة الموريتانية هي الأولى من نوعها في البلاد، حيث كان تنظيم الأحوال الشخصية قبلها متروكا للعُرف، ولذا فقد سَدّت فراغا حقيقيا، أما المدونة المغربية فكانت تعديلا لمدونة سبقتها..
ومن هنا نشأ فرق آخر بين المدونتين:
-التزمت المدونة الموريتانية، إحقاقا للحق، بمشهور المذهب المالكي، وما ورد فيها مما يوهم مخالفتَه كان بصيغة غير ملزمة، من قبيل قولها: تتحدد سن الزواج بسن 18 سنة، وأذكر أن بعض الأساتذة أوانها نبهنا على ذلك..
بينما جاءت المدونة المغربية مزيجا من الأقوال الفقهية المختلفة، التي لم تكتف بالخروج عن مشهور المذهب الرسمي للدولة (المذهب المالكي)، بل اعتمدت أقوال المذاهب الأخرى، كلما وجدتها أقرب إلى "روح العصر والمفاهيم الجديدة لحقوق الإنسان"..
كان العاملُ الداخلي في صدور المدونة الموريتانية تنظيميا بحتا، وكان في المدونة المغربية دليلا على قوة "الحداثيين" وحضورهم اللافت في المشهد الإعلامي والثقافي..
فهل يعني مشروع القانون الحالي أن "الحداثيين" في موريتانيا انتقلوا من وضع "الدفاع" إلى وضع "الهجوم"؟